متابعة ـ فيصل بن سعيد العلوي : انتزع الدكتور سلمان الحجري (أستاذ مساعد الفن والتصميم الجرافيكي بجامعة السلطان قابوس وعضو الجمعية العمانية للفنون التشكيلية) مؤخرا جائزة عالمية تسمى " A ' Design Award & Competition " ،في إيطاليا حيث تعتبر أكبر جائزة تصميم في العالم ويتم منحها لأفضل التصاميم والأفكار،حيث تسّلط هذه المسابقة الضوء على المؤهلات الممتازة لأفضل التصاميم ومفاهيمها وتصميم المنتجات الموجهة في جميع أنحاء العالم ، وهذه الجائزة مخصصة للمصممين والمبتكرين والفنانين على مستوى الأفراد والمؤسسات ، الذين يسعون إلى تقديم أعمالهم في مجالات التصميم المختلفة كالتصميم الصناعي والجرافيكي حيث تسلط الجائزة الضوء على التجارب التصميمية المتفردة عالميا من خلال وسائل الإعلام والناشرين ومقتني الأعمال ، ويمنح الفائز بها درع وشهادة ودعوة للتكريم في ايطاليا وحملة اعلانية لاشهار الفنان وأعماله على مستوى العالم.
يذكر أن الفنان الدكتور سلمان الحجري قد مُنحَ الجائزة البرونزية نظير خمسة أعمال فنية تنتمي إلى المدرسة الحروفية ،والتي يمارسها الفنان منذ أكثر من خمس سنوات منتجًا أسلوبًا فنيًا متفردًا اتسمَ بالبناء الجيد للعمل الفني ، وكذلك الهارموني اللوني ، والمواضيع التي تمثل روحية الحروف . واستلهم الفنان هذه الأعمال من الكتابة العربية والحروفيات المرتبطة بهويته وإرثه الثقافي العربي والإسلامي ،فالأعمال التي تقدم بها "الحجري" لنيل الجائزة تصور الجمال اللامتناهي للحروف العربية سواء في التصميم أو في تنفيذ الأعمال الفنية .
وهذا النوع من الفن إضافة جديدة في خِضَم الحراك العماني الثقافي ، لذلك كان من الطبيعي أن يواجه بعض التحديات ، فكثير من المتذوقين يعتبره فنًا بسيطًا تم إنتاجه من خلال الحاسب الآلي ، وبالتالي اُعتبِرَ فنٌ سهلُ التمثيل ، ويبقى ودور الفنان فيه محدود جدًا ، بينما الحقيقة أن هذا النوع من الفهم غير دقيق ، ومجرد توفر التكنولوجيا لا يعني توفر الفنان المبدع ،فالتكنولوجيا لا تصنع فنانًا ،ويلقى هذا النوع من القَبول أو الرفض شكلًا من أشكال الحراك الثقافي ، ما يشجع الفنانين العمانيين بشكل دائم على التجريب في الحروفيات لطرح صياغات تشكيلية جديدة ومعاصرة تقدم الفنان العماني بهوية متفردة ، للوصول إلى العالمية بالانطلاق من المحلية .
ويقول الفنان الدكتور سلمان الحجري (أستاذ مساعد الفن والتصميم الجرافيكي بجامعة السلطان قابوس وعضو الجمعية العمانية للفنون التشكيلية) : شاركت في هذه المسابقة بمجموعة من أعمالي الحروفية المعاصرة المنفذة بوسائط التصميم الجرافيكي والتي تبرز الخط العربي كثيمه أساسية ، وإلهام هذه الاعمال أتى من السحر اللامتناهي لجمال هذا الخط والذي يمثل لي أيقونة روحية أتواصل بها مع ذاتي أولا وأكد بها هويتي للأخر ثانيا، وذلك لما يملكه الحرف العربي من إمكانيات متعددة للتحوير والتغيير فهو قابل للتدوير والتمديد والإزاحة والإطالة وغيرها من الطرق التي تلهم الفنان تكوينات جديدة تنتج عن إعادة تنظيم الحروف في حيز هندسي بنائي جميل ، ولكن كل ذلك يتطلب دراية بقواعد التصميم والتركيب الجمالي كالتوازن والتناغم بين الأشكال وكذلك الهارمني اللوني، ويتطلب أيضاء عدم الإخلال بجمال النسب التي تشكل الحرف.
ويضيف "الحجري":من خلال هذه التجربة وجدت أن هناك الكثير من المداخل والطرق التي يستطيع فيها الفنان العربي سبر أعماق جماليات الخط العربي والحصول على لغة تشكيلية جديدة يستطيع بها أن يخاطب الأخر بلغة بصرية جزلة لها عمقها التاريخي. إن إحدى هذه الطرق هو الاستفادة من استخدام تقنية (الفيكتور) وهي خطوط ومنحنيات معرفة داخل الحاسب ككائنات رياضية تسمى بالخطوط المتجهة وميزتها الوضوح وإمكانية التحوير والتعديل بدون الإخلال بجودة العمل مما يساعد على إنتاج أعمال جرافيكية عالية الجودة يمكن طباعتها بأحجام كبيرة.
ويضيف (أستاذ مساعد الفن والتصميم الجرافيكي بجامعة السلطان قابوس وعضو الجمعية العمانية للفنون التشكيلية) : هذه الاعمال هي محاولة مني لتأكيد فكرة أن الفنان لا بد له من الولوج في عالم التقنية واستخدم كل الوسائل المعاصرة للوصول إلى حلول تشكيلية جديدة تعطي سمة المعاصرة والحداثة للأعمال المنتجة. فالقول بأن هذا النوع من الفن ناقص لكونه يعتمد على الاجهزة الحديثة والتقنيات المعاصرة هو إدعاء تنقصه الدقة وسهل تفنيده، وذلك لأن الحاسب الآلي لا يعطي أكثر مما يستلم من الفنان نفسه، بمعني أخر كلما كانت المدخلات من الفنان جيدة كلما ادى ذلك إلى إظهار هذه المدخلات بصورة جيدة. مما يدل على أن الحاسب الآلي مجرد أداة لا يستطيع ان ينتج أي تكوين جيد بدون تدخل الفنان.
ويختتم الدكتور سلمان الحجري أستاذ مساعد الفن والتصميم الجرافيكي بجامعة السلطان قابوس قوله : أتمنى من خلال هذه المسابقة أن أكون قد وفقت في تقديم جزء ولو بسيط من جماليات الخط العربي بروح معاصرة وبحلول تكوينية جيدة. وأن أشجع كل التشكيليين والمصممين العرب على التجريب في هذا الحقل الثري الذي يحتاج المزيد من البحث والدراسة.