تخصيص السابع عشر من أكتوبر من كل عام للاحتفاء فيه بالمرأة العمانية هو انعكاس موضوعي للواقع الذي تعيشه المرأة العمانية، ومدى ما تتمتع به من حرية في أداء دورها المجتمعي على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي مثل أخيها الرجل سواء بسواء، وكم من موقع تترأسه امرأة عمانية يحرز نجاحات تغطيها وسائل الإعلام باستمرار. كما يعكس تخصيص هذا اليوم الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ كدلالة واضحة على أهمية هذا الموضوع وضرورة أن نعيه جيدًا كأساس من أسس العمل الوطني في البلاد، والمكانة التي تحظى بها المرأة العمانية من مكانة واحترام وتقدير، وتعزيزًا لدورها في مسيرة التنمية والتطور التي تشهدها بلادنا مواكبة لعصر النهضة المباركة.
إن الدور الريادي الاجتماعي للمرأة العمانية يعبِّر عن مدى ما تتمتع به المرأة من طاقات وسمات متعددة وقدرات مختلفة أهَّلتها لأن تكون شريكًا للرجل، حيث تقوم بكل المهام التي يقوم بها الرجل في الشأن العام والمسؤوليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وفي نفس الوقت تعتني ببيتها وتنشئ أطفالها. هذا التميز في القدرة التي حباها الله للمرأة يقتضي من الرجل أن يعي حقوق المرأة أيًّا كان موقعها منه: أم أو أخت أو زوجة أو ابنة والتسليم بحقها في أن يكون لها تفكير مستقل وذمة مالية منفردة، وقدرة كاملة على اتخاذ القرار، وبذلك يتخلص الرجل من المفاهيم المغلوطة في علاقته بالمرأة التي هي نصف المجتمع ليس بالمعنى العددي أو الحسابي، إنما بمعنى دورها الفاعل في نهضة المجتمع الذي تضطلع من خلاله بأكثر من نصف الأعباء، وهذا الاعتراف بحقها يترتب عليه واجبات تجاهها أيضًا اقتداء بتوصيات الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أوصانا بالنساء خيرًا والذي كان قدوة في المبادرة إلى مساعدة بناته وزوجاته في القيام بأعمالهن دون أي غضاضة واقتدى به الصحابة الأجلاء والتابعون وتابعو التابعين إلى يومنا هذا، وهو ما يعتبر الأساس الأكبر لاهتمام راعي النهضة المباركة بالمرأة ودورها في عملية التنمية.
ونحن نحتفل بيوم المرأة العمانية لسنا بحاجة إلى تعداد مكتسباتها للتدليل على مدى الرقي والتحضر والتقدير من قبل النهضة المباركة؛ إلا أنه حين تعبِّر العمانية عن ما تحقق لها، وتسجل آيات الشكر والعرفان لقائد مسيرة النهضة المباركة جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ لهو أبلغ دليل على ما تحظى به اهتمام يليق بها ومكانتها، مؤكدة أن الاهتمام السامي بالمرأة العمانية منذ بداية النهضة المباركة أثمر عن تمكينها في كافة المجالات، حيث سجلت حضورًا ملحوظًا في ميادين العمل وساحات العطاء، مساهمة في مسيرة التنمية الشاملة لبلادنا الغالية، كما أصبحت تتبوأ مركزًا متقدمًا خليجيًّا وعربيًّا من حيث نيلها لحقوقها، وإتاحة الفرصة لها لممارسة الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن هذا التمكين في مختلف الاتجاهات وحقول الإنتاج وإشراكها في المسؤولية الوطنية عظَّم دورها في خدمة قضايا المجتمع، وهو تمكين حقيقي لقدراتها ومهاراتها بما يكفل لها القيام بأدوارها المناطة بها في دفع مسيرة التنمية الوطنية قدما إلى الأمام.
وأمام هذا الواقع الذي يشرح نفسه ونحن نعرج على المكتسبات التي تحققت للمرأة العمانية، وعملًا بالمقولة "وبضدها تتميز الأشياء" حري بنا أن نخرج من الإطار المحلي ونقف أمام أولئك الذين يصنعون مآسي المرأة في عالمنا وهم الذين يلحون في إحياء يوم لها؛ أي أنهم يؤذونها في كل يوم ويتحدثون في يوم واحد عن حقوقها، أولئك هم الذين يصنعون السلاح لقتل أطفالها في كل يوم وتنغيص حياتها في كل لحظة وهدم مسكنها دونما اكتراث بصرخاتها، فهل فكَّر الذين يحدثوننا عن حقوق المرأة في ملايين الأيامى والثكالى والأرامل المفجوعات في ذويهن بفلسطين وسوريا والعراق وليبيا والسودان والصومال وأفغانستان وغيرها من الدول؟
حفظ الله بلادنا من أمثال هؤلاء .. وكل التحية والتقدير للمرأة العمانية في يومها.