” إن علمي الطب والقانون يشكلان وجهان لعملة واحدة وهي الإنسان, ومن يدقق في المهنتين تحديداً سيجد تشابهاً كبيراً بينهما بالرغم من اختلافهما من الناحيتين الشكلية والموضوعية, فعلم الطب من العلوم التطبيقية لأنه يهتم بجسم الإنسان وأعضائه ووظائفه وله فروع كثيرة كالأسنان والعظام والقلب, وعلم القانون من العلوم الاجتماعية لأنه يهتم بسلوك الإنسان الخارجي وله فروع كثيرة كالعام والخاص وفروع كل منهم. ”

يشهد العالم نمواً مضطرداً وسريعاً, وبدأت تكثر العلاقات وتتشعب على المستويين المحلي والدولي، وبحكم تغير الظروف المادية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم وارتفاع الجريمة وتشعب القضايا والإجراءات أمام المحاكم أصبح ثمة ضرورة ملحة للاستعانة بالمحامين من أهل الخبرة والتخصص «استشارة» لا بد منها.

لقد كانت المحاماة مهنة القيم الإنسانية تسعى إلى تحقيق غاية سامية ونبيلة, أما في العصر الراهن أصبح أغلب المحامين يلهثون وراء المال أكثر من تقديم الخدمة الإنسانية, والعلاقة أصبحت تعتمد على استنزاف ومصلحة مادية بحتة وهذه حقيقة نسبة كبيرة من أهل هذا الميدان.
إن علمي الطب والقانون يشكلان وجهان لعملة واحدة وهي الإنسان, ومن يدقق في المهنتين تحديداً سيجد تشابهاً كبيراً بينهما بالرغم من اختلافهما من الناحيتين الشكلية والموضوعية, فعلم الطب من العلوم التطبيقية لأنه يهتم بجسم الإنسان وأعضائه ووظائفه وله فروع كثيرة كالأسنان والعظام والقلب, وعلم القانون من العلوم الاجتماعية لأنه يهتم بسلوك الإنسان الخارجي وله فروع كثيرة كالعام والخاص وفروع كل منهم.
وقبل ممارسة المهنة يؤدى القسم المعمول به والذي بات تقليداً عالمياً ويصبح لزاماً على المتخرج كتم سر المعلومات الخاصة بالموكلين بالنسبة للمحامي وبالمريض بالنسبة للطبيب. بالإضافة الى الالتزام بالرداء الخاص فالطبيب له رداء يميزه عن غيره وهو البالطو الأبيض, والمحامي البالطو الأسود.
ولكن في حين أن هناك العديد من الأطباء متطوعين ولكن من النادر جداً وجود محامين متطوعين. وإذا كان الطبيب يهرع لإنقاذ روح مريض حتى وإن كان فقيرا, لكن المحامي قد لا ينقذ الفقير إذا لم يستطع دفع أتعابه. فأين هي الإنسانية في مهنة تدعي الإنسانية والسمو.
هناك من الموكلين أحوالهم وظروفهم صعبة مما يستوجب تقديم العون لهم ومراعاة ظروفهم وامكاناتهم البسيطة, لأنهم لا يجدون غير المحامي نصيراً وعوناً لهم. ولكن وللأسف أصبحت علاقة بعض المحامين بالفرد مادية بحتة, وينسى أحيانا العلاقات الإنسانية أو يتناسى مستغلاً الظروف الصعبة للاجئ إليه أوجهله للقانون ليستغله أسوأ إستغلال.

في الحقيقة إن مهنة المحاماة باتت شبه تجارية, حيث أن كل محام يطلب مبلغاً يقل أويزيد عن الآخر, إلا المحامين النزيهين الذين لايسعون إلا لتحقيق الحق وهم أقلية. ولا عجبا أن تحتل مهنة المحاماة المرتبة الثانية بالنسبة لأعلى المهن من حيث المردود والدخل وتحصيل القدر الأكبر من الأموال في العالم.

لقد أصبح هناك جو من الاسترابة في عمله أساسها أن عمل المحاماة يهدف لتحقيق عائد مادي. بدليل أنه يدافع عن متهمين رغم أنه يعرف أنهم قد ارتكبوا الفعل الذي تم اتهامهم بارتكابه, بل قد يصل به دفاعه إلى تدليس الحقائق للتحايل على القضاء لمصلحة موكله المذنب. بالإضافة إلى تهافت الكثير منهم على الترافع في القضايا ذات الأتعاب الكبيرة أو المقابل المادي المجزي دون تحري الحقيقة فيها، والعمل بكل الوسائل الممكنة على استصدار الحكم لصالحهم ظلما وزورا، ولو كان بدفاعهم عن موكليهم يزهقون الحق ويؤيدون الباطل, فهم لا يهمهم سوى أتعابهم والربح المادي. وقد تكون هذه الأسباب بعضا من الأسباب التي تجعل مهنة المحاماة تحتل المرتبة الثانية بالنسبة لأعلى المهن من حيث المردود والدخل وتحصيل القدر الأكبر من الأموال في العالم.

المحاماة مهنة مستقلة ومن يمارسها بشر عاديون تكون فرضية استغلالها السيئ واردة وموجودة، فأزمة المحاماة هي أزمة مادية وأخلاقية والعنصران يتفاعلان معاً ويؤثر أحدهما في الآخر. ففي الآونة الأخيرة ظهرت في بعض البلدان الكثير من الإفرازات من محامين مزورين ونصابين ومستغلين لمواقعهم, وممارسات أصابت المهنة بانهيار مهني لا يحمد عقباه، يكاد يكون المحامي في نظر الفرد نصابا أو محتالا محترفا ومستنزفا لجيوب الموكلين كقاعدة عامة والاستثناء هو المحامي النزيه المبر بقسمه ذو الضمير والعقل اللذان يساعدان على تحقيق العدل وليس تحقيق الربح، وأن يكون أداة للعدل وإظهار الحق، لا أن يكون أداة تدليس الحقائق أمام العدالة والقانون.
إنَّ المُحاماة أصبحت مهنة من لا مهنة له، واتجاها لعديد من الباحثين عن العمل أو المتقاعدين لمُمارستها في بعض البلدان، وذلك في ظل عدم وجود الرقابة وإصدار عقوبات رادعة للمُخالفين, فكم من ضحايا وقعوا بسبب استغلال محامين. ويبقى المظلوم وصاحب الحق هو الضحية الذي يفاجئ في كثير من الأحيان بخذلانه من طرف المحامي, والذي يراهن بأمواله ومعنوياته على محام, ولكنه يخسر في النهاية قضيته وأمواله وكل شيء. لذا وجب توحيد الأتعاب لوقف جشع المحامين وفرض ضريبة على تلك المهنة. وإلزام المحامين على المشاركة في الأنشطة الخيرية والاجتماعية والثقافية والمناقشات العامة المتعلقة بالأنظمة والقوانين في المجتمع.

سهيله غلوم حسين
كاتبة كويتية
[email protected]
انستجرام suhaila.g.h تويتر suhailagh1