[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
اذا كان للاتفاقيات الدولية مفعول رجعي، فمعناه اننا امام مراجعات دائمة في الخرائط الدولية المرسومة بين الدول، مما قد يؤدي إلى ازمات وربما إلى حروب لأن لا حدود قائمة على نهائيات، بل ثمة تداخل من هنا وشطحة زائدة من هناك واستيلاء من هنالك وغيره.
تلويح الرئيس التركي اردوغان باتفاقية لوزان 1923 كأنما يراد من خلالها العودة إلى ما كانت عليه الحدود التركية قبل حصول الاتفاقية المذكورة، الأمر الذي يعرض العلاقات العربية التركية إلى ازمة لا يمكن الخروج منها، ولربما قد تؤدي إلى عواقب صعبة في طليعتها حروب مستمرة.
ما يفعله اردوغان، مقدمة لما هو مختزن في عقله العثماني الذي تم اثباته ذات يوم من مئات من السنين بالسيف، لكنه اذ صار من الماضي، فلا حق لتركيا الحديثة والمعاصرة ان تستلف من تاريخها الذي لم يكن مقبولا في زمانه، فكيف يكون اليوم، وكلنا يعرف ان اشد فترات المنطقة ظلمة هي الفترة العثمانية، بما ادت إليه من تخلف وتقهقر على كل صعيد.
لهذا السبب، فإن سوريا تعتبر وجود قوات تركية في اراضيها احتلالا بكل ما للكلمة من معنى، وكذلك الحال مع الوجود العسكري التركي في بعشيقة العراقية. واذا كانت سوريا مشغولة اليوم مثلما هو العراق ايضا، بمحاربة الارهاب الجاثم على اراضيها، فلا يعني ذلك اصطياد المرحلة بالاعتداء على اراضي الغير.
لقد توسمت سوريا قبل ازمتها والحرب عليها علاقات ذات طبيعة خلاقة مع تركيا وصلت إلى حد التآخي بين البلدين، لكن الخطط التركية التي ظهرت لاحقا كانت تنتظر اندلاع الأحداث كي تؤديها بكامل تفاصيلها. وهي التي بالتالي لم تحترم الحدود ولا العلاقات التي انتجت انسجاما في وقته.
ان مجرد اعتبار القوات التركية التي دخلت الاراضي السورية والعراقية قوى احتلال، تعني الكثير في عرف الدول، مما يعني معاملتها بالقوة من اجل اخراجها، وفي التاريخ الذي نعيشه المصير الذي وصلت إليه القوات الاميركية التي احتلت العراق، او القوات الاسرائيلية التي احتلت جنوب لبنان وغيره من الامثلة التي باتت معروفة والتي لا تحتاج للكثير من الإيضاح أو حتى مجرد الاشارة إليها.
ليس من مصلحة تركيا افتعال ازمات من هذا النوع، ولدى سوريا والعراق رغبة بعلاقات ودية دائمة تصون مصالح الأطراف كلها، وتعيد رسم ما كان قبل الأحداث الداهمة والتي عقدت العلاقات وما زالت إلى اليوم متأثرة بما آلت إليه وبما وصلته.
تركيا ليست جارة عادية، انها في قلب التاريخ امة ذات جذور لا يمكن نكرانها .. ومن مصلحتها، بل من اجل ان تعود العلاقات إلى ميزتها التي كانته، فإننا نلفت النظر إلى ان سوريا لن تهزم وجيشها سيظل اسدا ومعاركها المقبلة لن تتخلى عنها وكذلك كل شبر من ارضها، وهو ايضا حال العراق الذي اعطانا الدليل على قدرته وقدرة شعبه على تغيير واقعه بتحرير ارضه، فهو يقاتل منذ العام 2003 الاحتلال الاميركي ثم بعده الارهاب الداخلي دون توقف عن اداء مهمة التحرير.
الاراضي السورية والعراقية ليست سائبة ولن تكون، هي مرحلة ولسوف تعبر مهما كان وقتها، وبعدها لن يكون هنالك كلام بل فعل اكيد اساسه تحرير كل شبر من ارض البلدين العربيين.