[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
”في تقريرها السنوي للعام الماضي 2013 سجلت منظمة "مراسلون بلا حدود" مثلا أن 71 صحافيا قتلوا فيه خلال ممارستهم عملهم، ورأت ان خطف الصحافيين ازداد بشكل ملحوظ خلال الفترة ذاتها. وقارنت معه مقتل 88 صحافيا في العام 2012، لتستنتج أن حصيلة العام 2013 تراجعت بنسبة 20 في المائة. كما اورد التقرير أن "سوريا والصومال وباكستان تبقى في طليعة الدول الخمس التي تشهد أكبر نسبة قتل للعاملين في مهنة" الصحافة.”

نهاية كل عام تتبارى منظمات محلية وإقليمية ودولية في اصدار احصائيات سنوية عن الحصاد الاعلامي ومسيرة عام انتهى، وتفرد صفحات تحصي فيها ارقام الضحايا في مهنة الاعلام، مهنة البحث عن المتاعب كما سميت قبلا. (هل بقيت كذلك بعد هذه الارقام السنوية؟!).
ارقام هذه المنظمات تختلف حسب برامجها او متطلبات عملها!. ومراقبة نشاطاتها تكشف توجهاتها والأهداف من تقاريرها او بياناتها. وهي في كل الاحوال تخضع للمقارنة مع غيرها من منشورات المنظمات الاخرى. كما انها لا تستطيع في ثورة التقنية الاعلامية، اكثر من تسليط الاضواء على بعض ما تستهدف او ترغب الاعلام عنه والتثقيف له وربما قصد التشويه والتضليل فيه. وقد تقع او تستغل لأهداف اخرى تفضحها مواقف معلومة لها او مصادر معينة تتدخل في توجهاتها. وتظل رغم كل ذلك مصدرا من مصادر معرفة اخبار هذه المهنة، ولكن لا بد من الحذر والانتباه والتدقيق في محتوياتها وطبيعتها. وأحيانا تعمل بـ"مصداقية" معينة سعيا منها لكسب رأي عام لها وبهدف تسريب غايات مبيتة لها في اوقات اخرى. ويتوجب متابعة مثل هذه المنظمات التي تحمل اسماء اعلامية مدافعة عن حقوق الاعلاميين في شتى الاختصاصات ومختلف الوسائل التي تطورت مع ثورة التقنية الالكترونية والاتصالات والتواصل الاجتماعي، لأن تحت تلك الاسماء خبايا وخفايا. ليست جديدة ولا مجهولة تماما. في بريطانيا مثلا تشكلت منظمات عربية عديدة تحمل عناوين حماية الصحفيين او الدفاع عن الحريات الاعلامية ولإشكاليات وقعت فيها وقدمت إلى المحاكم تبين انها ممولة من اجهزة مخابرات عربية خليجية، ونشرت تفاصيل ذلك وسائل الاعلام البريطانية في حينها. كما ان الاخيرة ليست خالية من متشابهات الامر ذاته، اذا لم تكن مصادر تدريب لها وتعليم لمسيرتها، بالترابط والتراهن والتخادم المشترك.
في تقريرها السنوي للعام الماضي 2013 سجلت منظمة "مراسلون بلا حدود" مثلا أن 71 صحافيا قتلوا فيه خلال ممارستهم عملهم، ورأت ان خطف الصحافيين ازداد بشكل ملحوظ خلال الفترة ذاتها. وقارنت معه مقتل 88 صحافيا في العام 2012، لتستنتج أن حصيلة العام 2013 تراجعت بنسبة 20 في المائة. كما أورد التقرير أن "سوريا والصومال وباكستان تبقى في طليعة الدول الخمس التي تشهد اكبر نسبة قتل للعاملين في مهنة" الصحافة. ومن بين القتلى 40 في المائة قتلوا في نزاعات مسلحة. كما أن غالبية الصحافيين الـ71 يعملون في الصحافة المكتوبة (37 في المائة) ثم في المقروءة (30 في المائة)، والمرئية (30 في المائة)، والصحافة الالكترونية (ثلاثة في المائة). وشكل الرجال 96 في المائة منهم. وذكرت المنظمة أيضا زيادة كبيرة في عدد الصحافيين الذين تعرضوا للخطف من 38 في العام 2012 إلى 87 في العام 2013. وبحسب التقرير، فإن "الغالبية الساحقة لعمليات الخطف سجلت في المنطقة العربية (71)، تليها منطقة جنوب الصحراء الكبرى (11)". وخطف في سوريا وحدها 49 صحافيا، و14 في ليبيا. وهذه الارقام كما بات معلوما غير دقيقة، حيث قتل وخطف عدد آخر، بعد اصدارها التقرير وأثناء فترته، ولا تذكر الاسباب او الجهات التي تقوم بهذه الاعمال، لأسباب تختارها او تستفيد منها. لا سيما في العالم العربي وفي بعض بلدانه التي تتعرض الى حروب داخلية وهجمات معروفة. (في العراق اعلنت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، أن عام 2013، شهد استشهاد 21 صحافيا و286 حالة انتهاك واعتداء ضدهم، وأكدت أن حصيلة الضحايا هي الأكبر منذ عام 2007، وأشارت إلى أن العام الماضي شهد عودة "غير مسبوقة للاستهداف الممنهج ضد الصحافيين في مختلف مناطق العراق"، لفتت إلى أن هذا الاستهداف كان "بصورة أشد في محافظة نينوى التي هجرها أغلب الصحافيين بسبب التهديد بالتصفية").
وصل الحال في الوطن العربي خصوصا الى بروز ظواهر متعددة أوصلت إلى ما نشرته التقارير الاعلامية. حيث يتعرض العاملون في وسائل الاعلام لأنواع من ضغوط وممارسات لا تمس فقط حرية التعبير وقمع الرأي، بل الاعتقال ومداهمة الصحف بدون اوامر قضائية وصولا إلى الاختطاف والقتل. تلك الممارسات حولت مهنة البحث عن المتاعب إلى البحث عن الموت، كما اعتبرها كثير من ابنائها بعد كل تلك التقارير.
شخصت رسالة سابقة للمدير العام لمنظمة اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة قواعد عملية ينبغي اعادتها وتذكرها باستمرار، جاء فيها "ان هذا اليوم يتيح لنا تذكير العالم بأهمية حماية الحقوق الأساسية في التمتع بحرية التعبير على نحو ما ورد في المادة (19) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ومن دون هذه الحقوق لا يمكن ان تسود الديمقراطية وتظل التنمية غاية لا تدرك وقد يتعثر الحكم السديد بآفة الفساد وذلك ما يخل بالتداول الحر للمعلومات وكثيرا ما تكون التغطية الإعلامية الدقيقة والمهنية السبيل الوحيد لدى المجتمع لمكافحة الفساد ويحتاج الصحفيون إلى دعم المجتمع للقضاء على المعوقات التي تحول دون نقل المعلومات بصورة دقيقة، وبناء على ذلك ينبغي النظر إلى ضمان الحق في التمتع بحرية الصحافة في جميع انحاء العالم على انه اولوية من الاولويات التي تمكن الصحفي من فضح حالات الفساد أو سوء استخدام السلطة أو شجب انتهاكات حقوق الانسان".
اضافة إلى ما سبق تتطلب مسؤولية المهنة في الوطن العربي خصوصا العمل على اصدار قوانين وقرارات تحمي حرية الإعلام وحياة الصحفيين وتيسر لهم مصادر المعلومات، وإلغاء كل اشكال محاكمات وسائل الإعلام المختلفة، وعقوبة السجن فيما يتعلق بالمخالفات الاعلامية، وكذلك العقوبات الباهظة ضد الصحفيين، ومحاكمة كل حالات الاعتداء على الصحفيين او الاضرار بهم وكشف القائمين بها، وصيانة حقوق الانسان عامة.
الحصاد مر كل عام ولا بد من تضافر الجهود والعمل على تغييره بمسؤولية والتزام من اجل تقدم المجتمع العربي وتطوره.