[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
”التحديات والظروف الاقتصادية التي فرضتها تراجعات أسعار النفط الحادة في الأسواق العالمية والتي استمرت حتى اليوم، والتي تضرر منها الجميع القطاعان الحكومي والخاص، رجال الأعمال، المسئولون، الأغنياء والمجتمع، سوق المال والعقار، الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ... إلخ، ما يدفع الجميع للتضافر والتعاون والتنسيق وإطلاق المبادرات لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي، ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابعا: (تنفيذ) ومحفزات النجاح.
مما لا شك فيه أن التحديات الاقتصادية، والأضرار التي تشهدها العديد من قطاعاته والخسائر التي تلحق بسوق مسقط للأوراق المالية وسوق العقار وغيرها من الشركات والمؤسسات التابعة، وعجوزات الموازنة والقرارات والمنشورات والتعاميم والاجراءات المتتابعة التي تؤدي إلى الاضرار بالتنمية والازدهار وتقلص الوظائف المتاحة للباحثين عنه وآثارها المستقبلية على الأمن والاستقرار ... بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية واستمراره على مدى ما يزيد على عام ونصف دون أن تلوح في الأفق بوادر تصحيحية للأسعار، وعدم قدرة الخطط والبرامج والرؤى والمشاريع التي أطلقت على مدى العقود الماضية على تحقيق التنويع الاقتصادي والاستغناء التدريجي عن النفط، وهو ما أوقعنا في هذه الأزمة التي نشهدها وجميع الدول التي ظلت رهينة لأسعاره، هذه الدروس والمحفزات والدوافع ينبغي توظيفها لضمان نجاح (تنفيذ)، الذي يحمل عددا من الفرص التحفيزية الداعمة من خارج الإطار العام للبرنامج، أو تلك التي يتضمنها الإطار العام، والتي سنستعرضها ونقدم بشأنها قراءة متواضعة في الجزء الرابع والأخير من هذا المقال، وذلك على النحو التالي:
محفزات خارج الاطار العام للبرنامج وتتمثل في الآتي:
* التحديات والظروف الاقتصادية التي فرضتها تراجعات أسعار النفط الحادة في الأسواق العالمية والتي استمرت حتى اليوم، والتي تضرر منها الجميع القطاعان الحكومي والخاص، رجال الأعمال، المسئولون، الأغنياء والمجتمع، سوق المال والعقار، الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ... إلخ، ما يدفع الجميع للتضافر والتعاون والتنسيق وإطلاق المبادرات لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي، وتعزيز الموارد، وتنمية العائدات، وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار الأجنبي، وخلق نشاط اقتصادي واسع للتخفيف من آثار تراجعات أسعار النفط وضمان الاعتماد على اقتصاد قوي قادر على مواجهة الظروف وامتصاص الصدمات والتغلب على التحديات والصعاب.
* على ضوء ما تضمنه المحفز الأول وتأكيدا عليه، فقد شرع في تنفيذ وتوقيع واطلاق ومراجعة وإقرار والانتهاء من عدد من المشاريع والاتفاقيات والمبادرات والصناعات والتشريعات والأعمال التي تسعى إلى تعزيز البنى التحتية وتنشيط القطاعات الاقتصادية وتحقيق سياسات التنويع وتشجيع الاستثمار ... يأتي من أهمها على سبيل المثال: إنشاء المدينة الصناعية الصينية العمانية بالدقم، باستثمارات تتجاوز عشرة مليارات دولار، وعلى مساحة تقدر بـ (1170 هكتارا). تتضمن مصفاة نفط وصناعات ثقيلة وخفيفة وفندق تقدر تكلفتها بـ 150 مليون دولار ومستشفى بـ 100 مليون، وإنشاء مركز للتدريب وابتعاث 1000 عماني للصين لدراسة التخصصات المطلوبة - اكتمال إنشاءات مطار مسقط الدولي بنهاية هذا العام 2016م، والتشغيل أواخر 2017 بعد أن تجاوزت نسبة الإنجاز بمبنى المسافرين 91 %، ففي آخر تصريح لمعالي الدكتور وزير النقل والاتصالات، خلال جولة إعلامية بالمشروع، أكد على أن استكمال جميع الأعمال الإنشائية ستتم (مع نهاية العام الجاري) 2016م، وسيعقب ذلك عمليات (فحص الأجهزة من أجل التشغيل أواخر العام المقبل) 2017م. مضيفا أن المشروع يعد (نقلة نوعية لقطاع الطيران المدني في السلطنة، ويخدم تنوع مصادر الدخل، وتصل كلفته إلى 2.4 مليار ريال، ويستقبل أكبر الطائرات في العالم. متوقعا بأن يصبح المطار بعد اكتماله ضمن (أفضل عشرين مطارا في العالم)، بطاقة استيعابية تصل إلى (12 مليون مسافر) ومن المتوقع أن ترتفع تدريجيا لتصل إلى (48) مليون مسافر - الانتهاء من تصاميم مختبر مشروع المليون نخلة. تنفيذا للأوامر السامية بزراعة مليون نخلة في السلطنة، وتكليف الجهات المعنية بوضع الآليات المناسبة لتنفيذ المشروع، حيث تم الاعلان عن (الانتهاء من تصاميم المختبر الخاص بالمشروع بفروعه الستة، الذي يضمن جودة الإنتاج واستدامة المزارع، وتجهيز 11 مزرعة تستوعب 600 ألف نخلة). وتشير الإحصائيات إلى أن المشروع سينتج 96 ألف طن من التمور و56 ألف طن من منتجات النخيل.
* الإعلان من قبل كل من الصندوق الاحتياطي العام للدولة وشركة النفط العُمانية بالشراكة مع مجلس البحث العلمي والشركة العُمانية للاتصالات (عُمانتل) عن تأسيس أول شركة استثمارية لتمويل المشاريع المبتكرة، تحت مُسمى الشركة العُمانية لتطوير الابتكار القابضة (ابتكار عمان)، برأس مال أولي يبلغ 50 مليون ريال عُماني.
* التوقيع على الاتفاقية المشتركة لتطوير مشروع (رأس الحد بولاية صور- محافظة جنوب الشرقية) بشراكة عمانية – قطرية. هذا فضلا عن الإعلان عن عدد من المبادرات الاستثمارية وإنشاء مصانع مختلفة وجهود الغرفة ورجال الأعمال في القيام بزيارات اقتصادية واكتشافيه للكثير من بلدان العالم تهدف إلى جذب الاستثمارات ودعوة رجال الأعمال لزيارة السلطنة والبحث عن أسواق جديدة للمنتجات العمانية ...
* الرقابة المجتمعية المتصاعدة التي فرضتها وسائل التواصل بتعدد أنواعها وأدواتها وبرامجها، والتي تتابع بكل اهتمام تلك الجهود والبرامج والمبادرات وفي مقدمتها (تنفيذ)، وتقديم الملاحظات والآراء وحث المشاركين فيه على البلوغ به مبلغ النجاح، ما يضع جهات الاختصاص أمام تحد حقيقي واختبار متابع من قبل المجتمع ومسئوليات يفرض عليها المضي قدما لتحقيق الغايات والأهداف، وإلا فإن أمامهم مساءلة متواصلة ومحاسبة شديدة من قبل المجتمع.
محفزات يتضمنها الاطار العام للبرنامج الوطني (تنفيذ)، وتتلخص في الآتي:
ـ إن البرنامج وكما هو معروف (يتم تطبيقه بالتعاون مع الحكومة الماليزية ممثلة في وحدة متابعة الأداء والتنفيذ التابعة لمكتب رئيس الوزراء الماليزي، بغية الاستفادة من تجربة التحول الاقتصادي الماليزية في تنفيذ هذا البرنامج، حيث يتواجد فريق ماليزي مساند لأعمال فريق العمل العماني)، ولأول مرة يتم تطبيق برنامج اقتصادي عماني يسعى إلى تحقيق التنويع بتعاون ومتابعة وتقييم واستفادة من نماذج وممارسات عالمية تميزت بالنجاح في (مجال تنفيذ الخطط)، ويتم التعاقد معها لتنفيذ هذا البرنامج (تنفيذ)، ما يعد واحدا من المحفزات المهمة في تحقيقه لأهدافه وفقا لقراءة عدد من المسئولين والكتاب والمحللين.
ـ الشفافية والوضوح والتواصل مع مختلف مؤسسات القطاع الحكومي والخاص والشرائح المجتمعية الأخرى التي تميز (تنفيذ) عن غيره من البرامج والرؤى والخطط السابقة، والتي وفرت مناخا محفزا للحوار على مدى ستة أسابيع وهي الفترة الزمنية التي تم تحديدها لتقريب وجهات النظر وتعزيز مستوى الثقة والشفافية والتكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع وفي الوقت ذاته كانت كافية للوصول إلى برنامج تفصيلي لكل مشروع أو برنامج يتم الاتفاق عليه في إعلان حفل ختام المختبرات، وستشهد هذه التجربة تواصلا مع المجتمع من خلال عرض ما توصلت إليه المختبرات من نتائج عبر وسائل التواصل والمؤسسات والقنوات الإعلامية، وكان غياب التواصل والتنسيق والشفافية والمشاركة مع القطاعات الأخرى واحدة من أهم التحديات التي رافقت المشاريع والرؤى والخطط السابقة.
ـ سوف يركز برنامج (تنفيذ) في مرحلته الأولى على ثلاثة من القطاعات المهمة والواعدة وهي قطاعات: (الصناعات التحويلية، اللوجستيات، السياحة)، والتي سوف يعتمد في تمويلها على استثمارات القطاع الخاص، ويعطي اختيار هذه القطاعات والتركيز عليها عددا من النتائج من أهمها: إنها قطاعات قادرة على استقطاب استثمارات أجنبية وتتميز بالسعة واستيعاب مشاريع (ذات عوائد اقتصادية وقيمة مضافة)، إنها قطاعات يعول عليها كثيرا في تحقيق سياسات التنوع من جهة، وتوفير فرص عمل عديدة للباحثين عن العمل من العمانيين من جهة أخرى، وهما معا يمثلان أهم التحديات التنموية في السلطنة كما هو معروف، ولأنها قطاعات قادرة على تشكيل قاعدة مهمة لتحفيز وتنشيط وضمان نجاح القطاعات التي سيتضمنها البرنامج في مرحلته الثانية.
ـ يتضمن البرنامج الوطني (تنفيذ) خطة عمل واضحة تتكون من ثماني مراحل أهمها مرحلة (المختبرات) التي تم الانتهاء منها، واعتمدت على معرفة (التحديات التي تواجهها الجهات الحكومية وغيرها لإعداد خطط تفصيلية قابلة للقياس، ويعتمد على الفريق الفني للبرنامج في (وضع آلية لمتابعة تنفيذ مؤشرات الأداء الرئيسية) ... ومما لا شك أن وضوح الخطة وآليات التنفيذ وانسجامهما مع طبيعة البرنامج، وإخضاعه من ثم لمؤشرات (قياس دقيقة) وفقا (لجداول زمنية)، تعد من أهم المحفزات التي تدعونا إلى التفاؤل وتعزيز الشعور الإيجابي بنجاح البرنامج، وهو ما يتطلب التزاما بالتنفيذ ودقة في قياس الأداء وفقا لمراحله الثماني المتفق عليها .
ـ روح التفاؤل والانطباعات الايجابية التي يحملها المشاركون في البرنامج والمراقبون والمتابعون لفعالياته من بعض المسئولين وأعضاء مجلس الشورى والكتاب والاكاديميين، والتي تابعناها عبر تغريداتهم اليومية ومقالاتهم المنشورة وتصريحاتهم في وسائل الاعلام ... والتي تتكئ على المشاركات الإيجابية والحضور القوي والتفاعل النشط والأفكار القيمة المطروحة والمبادرات المحفزة وروح التصميم على تحقيق النجاح .
ـ أخيرا صدور المرسوم السلطاني بإنشاء وحدة ” دعم التنفيذ والمتابعة ” تتبع وزير ديوان البلاط السلطاني . وتتمتع بـ (الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وتكون لها أهلية تملك الأموال الثابتة والمنقولة وإدارتها والتصرف فيها). وتعيين الدكتور خميس بن سيف بن حمود الجابري رئيسا لها بمرتبة وزير. التخوف هنا من حدوث ازدواجية في الاختصاصات كون أن إعداد الخطط والبرامج الاقتصادية والإشراف عليها وتنفيذها وتناغمها مع الأهداف والسياسات والغايات المضمنة
ومنها بالطبع محور التنويع تدخل ضمن اختصاصات أكثر من جهة ولجنة تابعة هيكليا لمجلس الوزراء.
إن المحفزات التي استعرضها المقال تدفع بـ (تنفيذ) إلى النجاح وإلى تحقيق أهدافه في تعزيز التنويع الاقتصادي، فيما تقف تلك التحديات التي تضمنها الجزء الثالث من المقال حجرا تبطئ مسيرته وتعرضه للإشكالات والاهتزازات، فهل سيتمكن من الانفلات منها، وهل ستتغلب المحفزات على التحديات؟ وهل سينجح (تنفيذ) في إصلاح عثرات 2020 وتحقيق أهداف التنويع ؟ ويمهد الطريق لقيام نهضة اقتصادية شاملة تعزز مكتسبات النهضة العمانية وتضيف عليها وتحقق تطلعات المجتمع العماني؟ ما زالت الاجابة على التساؤلات مبكرة وتحتاج إلى المزيد من الوقت والمتابعة والتقييم والقراءة المتأنية، وإننا لنأمل ونتمنى ونتطلع أن يصبح (تنفيذ) فاتحة خير، وأن يأتي الغد حاملا معه النجاح والتقدم والنمو لجميع المشاريع والخطط والبرامج والرؤى الوطنية وأن يشهد الوطن المزيد من الازدهار والرخاء والبناء والتطور والاستقرار. وهنا لا بد من التأكيد على أهمية العمل والمضي قدما في تعزيز المحفزات والاضافة عليها، والحرص على معالجة وإضعاف التحديات والصعوبات التي تم التطرق إليها لضمان النجاح وتحقيق الأهداف وقيام مشاريع وخطط واستثمارات واعدة، فبرنامج تنفيذ وغيره من المشاريع المشابهة تتطلب خبرات وكفاءات بشرية وجهدا وإخلاصا في العمل وتمويلا من مصادر متعددة ووقتا طويلا لكي تحقق أهدافها ونتائجها المتوقعة، فالاتفاقيات والمشاريع والمبادرات والجهود المبذولة من مختلف القطاعات لتحقيق نشاط اقتصادي متنوع والتي استعرضنا بعضها في المقال، تقدم قراءات مبشرة ومؤشرات متفائلة على قدرة السلطنة على قيادة نهضة علمية واقتصادية وتنموية ناجحة وامتلاكها للمقومات والامكانات والموارد والعوامل التي تؤهلها لتحقيق نهضتها فيما لو وجدت الإرادة القوية والإدارة السليمة والتخطيط الجيد المدروس والأخذ بسياسة التنوع في الاستثمارات، وكذلك التعاون الوثيق والتنسيق الاقتصادي الفاعل بين مختلف القطاعات الوطنية، وهو ما يتطلع إليه المجتمع.

[email protected]