[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alwatanopinion.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]رأي الوطن[/author]
بعد أن أصابت الشروخ أسطوانة الدعاية للاحتلال الصهيوني بأنه "لا يوجد شريك فلسطيني" يمكن التحاور والتفاوض معه، ها هي الشروخ ذاتها تصيب مجددًا أسطوانة الكذب والترويج للاحتلال بأن الكيان الصهيوني راغب في السلام ويعمل من أجل الوصول إليه، لتنبلج الصورة بشكل أوضح عن حقيقة تفاعلات المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والمحتلين الصهاينة برعاية الولايات المتحدة.
فيوم أمس أنهى وزير الخارجية الأميركي جون جولته المكوكية العاشرة إلى المنطقة وقفل عائدًا بخفي حنين بسبب اتساع هوة الخلاف بين صاحب الحق الجانب الفلسطيني وبين كيان الاحتلال الصهيوني الذي يرفض الاعتراف حتى بأدنى الحقوق الواجب عليه الاعتراف بها، وبالتالي لم يرَ النور "اتفاق الإطار" الذي جاء به كيري لعله يتمكن من خلاله أن يحدث اختراقًا في جدار المواقف بين الطرفين.
إن هذا الفشل الأميركي في إقناع الجانبين الفلسطيني والمحتل الصهيوني ليس جديدًا، ولن يكون آخر فشل يلاحق الجهود الأميركية ما دامت السلبية المعهودة في الموقف الأميركي ونظرته إلى لب الصراع العربي ـ الصهيوني وجوهر القضية الفلسطينية هي المتحكم، حيث الهدف من الجهود الأميركية ليس إنصاف الجانبين وتحقيق العدالة، وإنما هو تحقيق الشروط والأحلام للاحتلال الصهيوني على حساب أصحاب الحق الفلسطينيين وإلحاق الحيف بهم.
ولما رأى كيان الاحتلال الصهيوني هذه الحقيقة بارزة أمامه لم يقف عند حد عدم مبارحة موقفه المتمثل في الاستمرار في نهب الأرض الفلسطينية ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، ورفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الحرة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، بل أخذ يتمادى في الشروط والابتزاز، فيقفز في كل مرة عن جميع ما طرحه جون كيري من أفكار سابقة ولاحقة وآخرها "اتفاق الإطار" إلى ما يسمى "يهودية الدولة".
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف تتفق المطالبة بالاعتراف بما يسمى "يهودية الدولة" قبل مجرد الاعتراف بالخطوط العريضة للتسوية النهائية المتعلقة بالحدود والأمن ووضع القدس ومصير اللاجئين والأسرى والتي يحدد خطوطها العريضة ـ حسب كيري ـ "اتفاق الإطار"؟ أليست هذه إحدى المراوغات التي اعتاد عليها كيان الاحتلال للتملص من أي استحقاق؟
في الحقيقة إن الوجه المقابل لفشل وزير الخارجية الأميركي كيري في تمرير "اتفاق الإطار" هو نجاح كيان الاحتلال الصهيوني في تدوير القضية الفلسطينية في دوائر جديدة ليستمد بذلك مزيدًا من الوقت حتى ينتهي من رسم أبعاد الصورة التي يريد أن يفرضها على المفاوض الفلسطيني، ويتضح هذا النجاح في جعل كيري والفلسطينيين يدورون في حلقة مفرغة، والطلب بتمديد أمد المفاوضات التي استؤنفت لمدة تسعة أشهر يفترض أن تنتهي في التاسع والعشرين من أبريل، لغاية يناير 2015، في حين يواصل كيان الاحتلال سياسته الاحتلالية التوسعية والعنصرية.
خلاصة القول إن كيان الاحتلال الصهيوني يثبت أنه ليس شريكًا في عملية السلام، ويكره شيئًا اسمه استقرار وأمن وحق وعدل وخير، فهذه القيم والمبادئ يرتعب منها ويخشاها، ولذلك يعمل على نقيضها، وعليه نعتقد أن الفلسطينيين وغير الفلسطينيين باتوا على يقين تام أن لا سلام ولا دولة فلسطينية في الأفق القريب أو البعيد، خاصة وأن الراعي الأميركي يرفض التجرد من سلبيته وعواطفه، ويتحلى بالنزاهة والشفافية والموضوعية.