كتب ـ خميس السلطي: الصور ـ المصدر:
أقام النادي الثقافي مساء أمس الأول بمقره بمنطقة القرم جلسة حوارية فنية بعنوان "التوظيف العصري للفلكلور الموسيقي العماني" شارك فيها كل من الفنان صلاح الزدجالي والإعلامي والشاعر حميد البلوشي.
الأمسية الفنية التي أدارها الكاتب والفنان عبدالكريم الميمني تناولت عددا من المحاور وهي (هوية الاغنية العصرية.. هل هناك هوية واضحة للأغنية العصرية أم هي عبارة مجموعات هويات مختلطة)، (وأهم ملامح توظيف التراث في الأغنية العصرية)، (والتطرق إلى تجربة صلاح الزدجالي وحميد البلوشي في استنطاق التراث العماني ايقاعاً وموسيقى)، (وإمكانية توظيف التراث في الأغنية العصرية العمانية)، إضافة إلى (ضعف خروج الموروث العماني في الاغنية العصرية.. مسؤولية من).
وهنا عرّف عبدالكريم الميمني بالفنان صلاح الزدجالي الذي قال عنه إنه اشتغل على موروث السلطنة الموسيقي في العديد من الاعمال الوطنية والعاطفية واستنبط من هذا الموروث نواحي تطويرية عصرية جديدة نالت صدىً وكانت بمثابة تعريف بتراث عمان الموسيقي والايقاعي في المنطقة الخليجية والعربية، حقق ألبومه (عيار) نسب انتشار واسعة في الخليج العربي والوطن العربي وكان بوابة تعريف واسعة بالفنان العماني خارجياً، كما شارك في غناء أوبريت ( بكرة ) بالاشتراك مع كبار فنانيّ الوطن العربي والذي كان تحت اشراف الفنان العالمي كوينسي جونز، كما حقق الزجالي تعاونات موسيقية عالمية ومنها تعاونه مع الموزع الموسيقي الهندي الشهير سنديب شيرودكر الذي يعتبر من أهم موسيقيي بوليوود في عديد اغانيه، أما الشاعر حميد البلوشي عضو للعديد من اللجان الاستشارية والإعلامية والثقافية للمؤسسات الإعلامية والثقافية في دولة قطر، وعضو منتدب في مؤسسة قطر للإعلام، وإستشاري في الاستراتيجيات الإعلامية وصياغة أفكار الفعاليات الثقافية والبرامج التلفزيونية والإذاعية وناقد في المجال الإعلامي وقدم العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية الخاصة بالثقافة العمانية والشعر الشعبي والموروث العمانيين والموسيقى الشعبية أشهرها البرنامج التلفزيوني ( نديم الماضي) على تلفزيون سلطنة عمان عامي ٢٠٠٥ و ٢٠٠٦، البرنامج اهتم بتوثيق موسيقى وألحان وشعر ومكوّنات الفنون الشعبية العمانية عبر عدد ٦٠ حلقة تلفزيونية كذلك أعد وقدّم والبرنامج الإذاعي ( الميدان ) على إذاعة الشباب أعوام ٢٠٠٤ و ٢٠٠٥ و ٢٠٠٦، وكوّن مع الفنان صلاح الزدجالي منذ عام ٢٠٠٨ و إلى الآن، ثنائية مهمة نقلت الأغنية العمانية إلى الحيز الإقليمي والعربي، وعمل الاثنان سويّةً على استنباط القيمة التراثية العمانية وإدراجها في اعمالهم الغنائية الوطنية والعاطفية والإعلانية الدعائية ومقدمات البرامج التلفزيونية.

هوية الأغنية
بداية تحدث الشاعر حميد البلوشي عن هوية الأغنية العصرية، الذي أشار في بداية حديثه أن الأغنية هي امتداد للفن والتراث عموما وتبقى الهوية شأنا متأصلا ومتجذرا حيث التاريخ، لكن في الوقت الراهن انصهرت هذه الهوية مع الكثير من الثقافات والفنون، فأصبحنا نستمع إلى أغنية خليجية بإيقاع هندي، وأخرى مغربية بكلمات شرقية، إضافة إلى التمازج والتواصل المستمر بين الثقافات الذي أذاب الهوية التي من الممكن أن تحفظ كيان الأغنية أيا كان موطن نشأتها، لكن بقي ذلك ثابتا وملحوظا في الأغاني الوطنية وهذا أمر ظاهر لدينا هنا في السلطنة على سبيل القول، فالأغنية الوطنية العمانية لا تزال محافظة على ثوابتها وأسس هويتها، ربما يعود ذلك إلى الواقع التراثي العماني الضارب في الجذور وهذا لا يختلف أيضا عن الدول العربية الأخرى. ويشاطره في الرأي الفنان صلاح الزدجالي ولكن الأخير يضيف أن التكنولوجيا أصحبت تقتحم تفاصيل الأغنية التراثية وتضيف عليها وتخرجها بقوالب فنية جاهزة، خاصة إذا ما علمنا أن هناك مؤسسات تعمل على إيجاد مؤثرات صوتية وقوالب جاهزة يستطيع الفنان أخذها في أي وقت لأي أغنية يريدها، وهذا ما أوجد تناسخا للأغنيات حتى تلك التي تشكل أغنيات الموسم إن صح التعبير.

توظيف التراث
أما فيما يتعلق بتوظيف التراث في الأغنية العصرية العمانية فقد أشار الشاعر حميد البلوشي أن العمل المشترك بينه وبين الفنان صلاح الزدجالي بدأ عام 2005، من خلال البرنامج التلفزيوني نديم الماضي، والذي مكّنهم من توظيف بعد المفردات الفنية التراثية في هذا البرنامج خاصة وأن صلاح يمتلك أدوات خاصة مكنته من تحقيق النجاح واقتناص مفرداته بالصورة كانوا يتمنونها في الخروج بهذا العمل. مضيفا البلوشي أن الفنون العمانية على الرغم من خصوصيتها الثقافية وحضورها إلا أن البعض منها لا يمكن إدراجه ضمن أساليب الأغنية العصرية والدليل على ذلك فن العازي.
في الإطار ذاته يشير الفنان صلاح الزدجالي أن التعرف على حميد أوجد له مساحة من المعرفة بالمفردات التراثية العمانية بصورة أكثر عمقا مما أوجدت تأثيرا محلوظا في مسيرته الفنية.

استنطاق التراث
وحول استنطاق التراث أشار الشاعر حميد البلوشي، أن هناك محاولات جادة للخروج بأعمال أكثر حضورا وقربا من المتلقي والمشاهد، وأن المناسبات الخاصة لدينا في السلطنة عملت على إحياء هذا التراث وحضوره بشكل مباشر، ربما الأعياد الوطنية كانت خير دليل على ذلك إضافة إلى الأغاني الفرائحية التي شكلت مسارا آخر في مسيرة الفنان صلاح الزدجالي، وهنا يشير هو الآخر أن العمل في هذا الإطار أوجد مساحة واسعة من الإبداع والابتكار خاصة إذا ما علمنا بأن النطاق الجغرافي للسلطنة الممتد من مسندم إلى ظفار أوجد التنوع والسهولة في تناول الفنون والاشتغال عليها وربما أن الأغنيات الوطنية كانت خير دليل على ذلك.

مسؤولية مشتركة
أما فيما يتعلق بمسؤولية ضعف خروج الموروث العماني في الاغنية العصرية، أشار الفنان صلاح الزدجالي أن المسؤولية هي مسؤولية الجميع، والكل مطالب بالعمل على أن تكون هناك منظمومة فنية واضحة وأن التسويق للفن العماني أمر لابد منه يجب أن يتكاتف الجميع لإيصاله لأكبر شريحة ممكنه، وفي الإطار ذاته يشير الشاعر حميد البلوشي أننا نفتقر إلى المراجع الموسيقية التي من الممكن أن يتحصل عليها الباحث أو الفنان في الشبكة العنبكوتية على سبيل المثال، وأنه يجب على المؤسسات المعنية لدينا في السلطنة إيجاد مكتبات موسيقية الكترونية خاصة يستطيع الآخر الاطلاع عليها والتعرف على الفن العماني من خلالها.
تخلل الأمسية الاستماع إلى العديد من الوصلات والمقاطع الفنية الغنائية التراثية والتي عمل كل من حميد وصلاح على تطويرها وإخراجها للمشاهد والملتقى بثوب مغاير ومختلف، إضافة إلى فتح حوار مفتوح مع الحضور.
تأتي إقامة هذه الجلسة من منطلق ما يتوافر في بيئة السلطنة الفنيّة والموسيقيّة من مخزون نوعّي وكميّ ثري ومتنوّع ضارب في عمق التاريخ.