يدٌ بيد، نحو تحقيق الأهداف المدرسيّة
نترقب بعد أيام قلائل حدثاً مهماً به يتحدد مستقبل أبنائنا الطلبة، وذلك بعد استمرار في التعليم دام عام دراسي كامل قضاه الطلبة بين أروقة مدارسهم ينهلون من المعارف ويرشفون من العلوم المدرسية بحسب مراحلهم الدراسيّة وفق منهج تربويّ مخطط يتناسب وأعمارهم وعقولهم مراعياً فيما بينهم من فروق فرديّة، فمنهم من ينتقل إلى صفوف دراسية أخرى في التعليم الأساسي وما بعده، ومنهم من يختم التعليم المدرسي الى تعليم جامعي آخر ومنهم من لم يحالفه الاجتهاد ولم يكن النجاح حليف حياته بل تقاعس وأخلد إلى التكاسل وصرف النظر عن طلب العلم ولم يجد مقاومة وتحفيزاً من أولياء أمره فمعيار النجاح واضح للجميع به يتحدد مشوار الطالب العلمي وبه يتخذ القرار.
الامتحانات النهائية على الابواب وكلنا يدرك بأنه عند الامتحان يكرم المرء أو يهان فمن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها. وكذلك بطبيعة الحال يجب أن يكون الجزاء من جنس العمل مصداقا لقول الله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) صدق الله العظيم. وذلك من السنن الثابتة التي لا تقبل التغيير الى يوم الحشر. من هنا أردنا القول إنه لا يدرك اليوم كثير منا أهمية هذه المعاني الواضحة الدلالة فلو وضع أبناؤنا واولياء أمورهم هذه الأقوال العظيمة نصب أعينهم لنجو من الهبوط في قاع الرسوب والاخفاق في الدراسة، ولأدرك كل منهم قيمة الوقت المتاح لهم المتمثل في عام دراسي كامل يشرح لهم الدروس درساً تلو الآخر مع توفير جميع المتطلبات العلميّة المصاحبة للتدريس من الوسائل التعليمية والترفيهيّة والرياضيّة والانشطة الاجتماعيّة والفعاليّات وتهيئة المناخ التعليمي والمحاضرات والتشجيع والترغيب في العلم من قبل القائمين عليه في الإطار التربوي.
إنّ ما نرمي طرحه من خلال نص اليوم يُعنى بالطالب وأسرته في المجتمع، حين أصبحت اليوم الأسرة والمدرسة مؤسسة واحدة تساعد بعضهما على تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية باعتبار أنّ التربية عمليّة اجتماعيّة تهدف إلى بناء قدرات الأفراد وصقل مهاراتهم العلمية والأدبية ليتسنى لهم مواصلة مشوار حياتهم خاصة، وكذلك ليسهموا بفاعلية في بناء المجتمعات في هذه الاوطان عامة، وفي هذا الاطار الثالوثي المكون من الأسرة والطالب نفسه ومدرسته يجب أن تتم علمية التفاعل الايجابي، وزرع بذور الألفة وتوثيق الصلات والترابط المدرسي من قبل أسرة الطالب ومدرسته بهدف جني ثمار العلم من قبل أبنائنا الطلبة لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة فلا يجوز القول مطلقاً بانفصال أسرة الطالب عن مدرسته. من هنا وجب أن نطرح عديد التساؤلات منها هل يدرك الآباء أهميّة التواصل مع مدرسة الطالب؟ وهل يؤمنون بأنّ التواصل سبب رئيسي في معرفة مستوى الطالب التحصيلي ومتابعة تطوراته العلمية أو جوانب إخفاقه؟ وكذلك ربما يكون سبب ايجابي في مساهمة الآباء لتقديم أنجع الحلول التي ترقى بمستويات أبنائهم الطلبة باعتبارهم أدرى وأعلم بقدرات أبنائهم العلميّة ومستوياتهم التفكيريّة والذكائيّة. كل ما ذكرنا آنفا يقع على عاتق الأسرة باعتبارها البنية الاجتماعية الأولى التي بقدرتها تستطيع أن تحتوي الطالب وبحكمتها تؤثر في مستقبله الحياتي.

إنّ تفاعل الآباء تعليميّا مع أبنائهم ونحن على مشارف انتهاء العام الدراسي الجاري ليشكل مساهمة كبرى في التعاون لرفع المستويات التحصيلية للطلبة، وشحذاً لهممهم في طلب العلم والصبر في إدراكه. ووقوف الآباء في هذه الفترة على وجه الخصوص يُذهبَ الكثير من الشحنات السلبية والضغوطات النفسيّة التي يتعرض لها الطالب قبيل الامتحانات لعدة أسباب منها رغبة الطالب في رفع معدله التراكمي، وربما تحقيقا لأهداف أسرته، او رغبة في تحقيق طموح خاص للطالب نفسه. فالأسرة الذكية هي الاسرة التي تعي جيداً كيف تتعامل مع الموقف بكلّ حزم وذكاء فترغّب الطالب على العلم وتشجعه على الصبر عند الدراسة المنزلية وتقلل عنه المشاق والأعمال وتخفف المشاوير وتقطع الارتباطات قدر الامكان وتأخذ بأيدي الطالب إلى برّ الامان في العلم والدراسة مع الحث والتحفيز عليه.
أيّها الآباء الكرام أولياء أمور الطلبة أبنائكم أمانة في أعناقكم، خذوا بأيديهم الى مرافئ العلم والتفوق، واجتهدوا في تذليل الصعاب لهم. واعتبروا أنّ موسم الامتحانات فترة طوارئ للطلبة فأعينوهم على تحمل مشاقها ونظموا أوقاتهم وقسموها للفهم والحفظ والتركيز فما من زارع يزرع ويسقي ويطعم ويشقى ويكابد ويهتم إلا ويكتب له التوفيق والنجاح بحصد أطيب الثمار فلنعي تماما أنّ وقت الحصاد آت لا محاله فتحقيق النجاح يتطلب أن يبذل الإنسان جهوداً لا تعرف القنوط أبدا، فها هي الامتحانات على الأبواب، وكلنا يترقب لحظة بلحظة تلك النتائج الحاسمة لمستقبل أبنائنا الطلبة وفي ذلك فليتفكر أولوا الألباب.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]