[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” إن الواقع يتطلب أكثر من برنامج وأكثر من نافذة حوارية وممارسة مسئولة معززة لقيم الحرية والشفافية في التعبير والتوازن والموضوعية والجرأة في الطرح وإدارة الحوار من أجل أن يؤدي الإعلام رسالته الحقيقية ويحقق النجاح في كسب ثقة المشاهد والقارئ والمستمع واستقطاب مساهماته وضمان مشاركاته الإيجابية واهتمامه بما تطرحه برامجه المختلفة،”

ثاني عشر : الرسالة الإعلامية وتطلعات المجتمع:
في مقالات سابقة كتبت وزملاء لي كثر عن الإعلام من حيث مضمون وجوهر رسالته ومسئولياته الكبيرة التي ينبغي أن تتجسد وتتحقق على أرض الواقع من خلال جملة من البرامج الحوارية والتحقيقات الصحفية والأخبار والمقالات التي تعنى بالشأن المحلي وتتناول قضايا المجتمع بجرأة وموضوعية، وعن أهميته أي الإعلام في كشف أوجه الفساد ورصد الأخطاء وتقييم الخدمات التي تقدم للمواطن ونقل الصورة الحقيقية، والمطالبة والتأكيد في هذه المقالات على توفير الضمانات التي تكفل حرية التعبير، وقد تفاءلنا في مرحلة من المراحل وامتدحنا في مقالات أخرى عددا من البرامج المحققة لهذه الأهداف والقيم والناقلة لهموم المواطن مثل: هذا الصباح، البث المباشر، نقطة ضوء وقضية اليوم التي كانت تطرح في نشرات الأخبار الرئيسة وغيرها من التحقيقات الصحفية وردود الجهات المختصة عليها، والتي أبانت على أن الأوضاع والأحوال ليست في كثير من التحقيقات والمشاهد والنتائج مثلما يراها بعض المسئولين وتروج لها التقارير والتصريحات الرسمية ويظهرها الإعلام في السابق، فقد كانت في حاجة ماسة للطرح الإعلامي والمناقشة والعرض في وسائل الإعلام لكي تجد الحلول وتوضع ضمن الأولويات في الدراسات والمعالجات وكشفت العديد من تلكم البرامج عن حاجة المواطن إليها وعن تجاوبه الكثيف معها، وأظهرت الاتصالات وكما هو متوقع عن بعض الممارسات غير المسئولة وعن أخطاء يرتكبها بعض المسئولين والعاملين في حق المواطن وعن تأخير في إنجاز المعاملات واستغلال للسلطة وتراجع وضعف في الأداء، كما قدمت صورة مشرقة تظهر التجاوب السريع من قبل بعض المؤسسات والمسئولين مع مواضيعها ومع أطروحات المواطن والتعاون الفاعل في علاج المشاكل وإصلاح الأخطاء والاعتراف بها ودراسة المقترحات، وقد مثلت تلك البرامج جرأة في الطرح وسعة في المساحة المخصصة للرأي الآخر، وقيمت كنافذة حقيقية يعبر من خلالها المجتمع عن قضاياه ونقده وملاحظاته وأفكاره وعززت ثقته في إعلامه المحلي، وقدمت لجهات الاختصاص معلومات وحقائق ورؤى وشواهد وقصص معبرة تمثل قاعدة بيانات حقيقية يمكن الانطلاق منها والاعتماد بعد التحقيق والمتابعة والتمحيص عليها من أجل التقييم والتصحيح والإصلاح والتطوير والمتابعة وتجويد الخدمة وفهما للكثير من المسائل والمشاكل وأوجه النقص والاحتياجات والمطالبات التي تدخل في اختصاصات تلك الجهات، ومن جانب آخر فقد عرفت بطبيعة المجتمع وثقافة وتوجهات وتطلعات أفراده ورصد مستوى التغيير الذي يطرأ في أنماط السلوك والخطاب، وهذا هو دور الإعلام الحقيقي التفاعل والتواصل مع قضايا المجتمع وإجراء التحقيقات الصحفية الرصينة والالتقاء بالمواطنين والمسئولين في جهات الاختصاص لمناقشة وطرح المواضيع التي تهم الناس وتلامس احتياجاتهم، وبث برامج التوعية الهادفة والمحققة لمصالح الوطن والمواطن، الإحساس بنبض الشارع والتجاوب مع هذا النبض، كشف الممارسات والأخطاء والسلوكيات غير السوية، تقييم أداء المؤسسات المتخصصة في تقديم وإنجاز الخدمات، تعزيز وعي المواطن بحقوقه وواجباته ومسئولياته، معالجة بعض المشكلات، إشعار المسئول في أي موقع كان بأن تعامله مع طلبات هذا المواطن وأسلوب استقباله له ومضمون رده جميعها قد تكون موضع إشادة أو نقد على الهواء في هذه البرامج ... وقد شعرنا بالحزن والألم عندما تم وقفها، وعندما وجهت وسائل الاعلام جل اهتمامها إلى القضايا الخارجية وانصرفت عن الشأن المحلي إلا ما ندر وعلى استحياء، و قد حذرنا من عواقب الممارسات التي من شأنها إعاقة وتقييد حرية التعبير وما يترتب على الكبت من أضرار تتمثل في اتساع نطاق الإشاعات والاستفراد بالرأي وغياب الحقيقة وضعف وسائل الإعلام الرسمية في مقابل التوجه إلى منتديات النت ووسائل التواصل كخيار وحيد للتعبير عن الرأي وطرح مواضيع وقضايا المجتمع مع ما يترتب على ذلك من مثالب بالنظر إلى أنها تمثل نظرة أحادية الجانب تمثل طرفا واحدا من أطراف المعادلة، هذا فضلا عن أن طرحها يتم من قبل شخوص غير معروفين للقارئ والمطلع والمشارك أحيانا، وفي هذه المنتديات ووسائل التواصل يشارك الناس بمختلف توجهاتهم وأعمارهم ومستوياتهم الدراسية من عمانيين وغيرهم وفيهم من يصطاد في الماء العكر ويتلاعب بالمشاعر ويوظف حالة الإحباط والسخط لتحقيق أهداف معينة. إن الواقع يتطلب أكثر من برنامج وأكثر من نافذة حوارية وممارسة مسئولة معززة لقيم الحرية والشفافية في التعبير والتوازن والموضوعية والجرأة في الطرح وإدارة الحوار من أجل أن يؤدي الإعلام رسالته الحقيقية ويحقق النجاح في كسب ثقة المشاهد واستقطاب مساهماته وضمان مشاركاته الإيجابية واهتمامه بما تطرحه برامجه المختلفة، فقوة الإعلام وعنصر استمراريته وقاعدة تطوره ورقيه ونجاحه تكمن في ثقة المستمع والمشاهد وفي تجاوبه مع برامجه المختلفة، والإعلام قطاع هام وحيوي عندما يدار إدارة سليمة ويلقى الدعم المادي والمعنوي ويحظى بقدر من الحرية، ومشارك أساسي في الدفع بعجلة التنمية والإسراع في البناء وتعزيز اللحمة الوطنية عندما يوظف التوظيف الجيد ولقد جاءت التعليمات السامية بالعمل على تطوير الدراما العمانية من خلال توفير المعاهد اللازمة والكوادر الفنية القادرة على تقديم أعمال مميزة، وتشكيل لجنة عليا تقوم بدراسة وضع المسرح ومستوى الدراما بالسلطنة وتقييم المستوى الحالي بهدف وضع خطة للنهوض بهذا القطاع، لتعبر أولا: عن أهمية العمل الدرامي كفضاء واسع لديه القدرة على تحفيز الأفكار وتجويدها ومخاطبة المجتمعات الأخرى بلغة راقية، ودورها في معالجة وطرح قضايا المجتمع بصيغ تعبيرية متعددة تحرك العواطف وتنمي الشعور بآلام الآخر والتجاوب الإيجابي مع معاناتهم، وترفع من قيمة العمل والشعور بالمسئولية وتكشف الكثير من الأخطاء والممارسات غير المسئولة وتدعو إلى معالجتها وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ولأنها تقدم صورة معبرة عن ثقافة المجتمع وموروثاته والمقومات التي تتمتع بها البلاد، ولأن تطورها واتساع أنشطتها سيحدث حراكا ثقافيا وإعلاميا وفنيا واقتصاديا واسعا ونشاطا تجاريا في هذا المجال وسيستقطب أعدادا من المثقفين والكتاب والممثلين والفنيين في مختلف التخصصات ذات الصلة من داخل السلطنة وخارجها، فالاستثمار في هذا المجال له عوائد كبيرة وسيشجع الكثيرين على الالتحاق بالتخصصات المرتبطة بالأعمال الدرامية، وسيؤدي إلى نشوء مؤسسات متخصصة، ثانيا: معالجة الأزمة التي تعيشها الدراما في السلطنة وهو ما يستدعي التدخل السريع لدراسة وتقييم وتطوير العمل الدرامي والنهوض به ليحقق أهدافه ويتنسم مكانته ويرتقي بأعماله ويتمكن من الدخول بقوة إلى سوق المنافسة. إلا أنه وبالرغم من تلك التعليمات السامية الواضحة والصريحة والإصلاحات التي وجهت إلى هذا القطاع وفي مقدمتها استقلالية التلفزيون والإذاعة وتعدد القنوات وتبعيتها لهيئة مستقلة إلا أن المجتمع للأسف الشديد لم يلمس التغيير الذي يلامس تطلعاته، فالدراما المحلية تراجعت والممثلين العمانيين يشاركون في أعمال خليجية وعربية، والبحث عن الحقائق من خلال برامج التقصي والتحقيق الإعلامي والحوار والتي تعد من أهم الأدوار المفترض أن يضطلع به الإعلام في التعبير عن رأي المواطن وهمومه وملاحظاته، والتي تعكس في الوقت ذاته طموحاته وأحلامه في تحقيق الإصلاح والتغيير الإيجابي ومحاربة الفساد وكشف الحقيقة تكاد أن تكون معدومة، بعد توقف العديد من نوافذ الحوار التي أشرنا لها سابقا، بعد أن لاقت إقبالا جماهيريا كبيرا وأحدثت حراكا ونشاطا غير مسبوقين خلال فتراتها الوجيزة، إننا على ثقة أن القائمين على السياسة الاعلامية سيعملون على ازالة كافة المعوقات التي دفعت الكثير من العمانيين إلى البحث والمشاركة والكتابة وطرح الرأي وممارسة العمل الإعلامي والدرامي في وسائل أخرى وفي مواقع ومنتديات الانترنت ووسائل التواصل بكل طلاقة لتحل محل الإعلام الرسمي، على الرغم من معرفتهم بعلاتها ومضارها، والتي تفتح الباب أمام تداول وبث الإشاعات وزعزعة الثقة وتراكم الأخطاء، فالواجب الوطني يفرض على المنفذين للسياسة الإعلامية والقائمين على الإعلام بمختلف مؤسساته ووسائله ومساراته قراءة الأحداث والمستجدات قراءة تتفق ومطالب وطموحات المواطن ومتطلبات المرحلة من جهة، وتعضد الأوامر السامية والإصلاحات التي طالت المؤسسة الاعلامية من جهة أخرى، وإفساح المجال لمختلف الآراء والتوجهات لطرح وجهة نظرها، والإيمان الثابت بدور الإعلام ومسئوليته في تعزيز وحماية مسيرة الإصلاح، وصياغة رسالة إعلامية قادرة على الأخذ بالمجتمع إلى بر السلامة والأمان، وتقديم الإجابات الشافية للأسئلة والاستفسارات المهمة التي تدور في مخيلة المواطن، وإزالة اللبس والغموض التي تعتري البعض بشأن سياسات الحكومة الاقتصادية والتعليمية وأداء عدد من المؤسسات والأجهزة والوضع المالي لصناديق التقاعد والاستثمار ... .

[email protected]