بغداد ـ وكالات: عجزت القوات العراقية أمس الاثنين عن حماية أفرادها في يومها الانتخابي الخاص حيث تعرضت الى سلسلة هجمات بينها ثمانية تفجيرات انتحارية داخل مراكز انتخابية قتل فيها 27 شرطيا وعسكريا وأصيب أكثر من 70 بجروح. وألقت هذه الهجمات شكوكا اضافية حيال قدرة القوات العراقية على تأمين الحماية للناخبين خلال الانتخابات التشريعية العامة غدا الاربعاء، والتي تنعقد في ظل تصاعد أعمال العنف وتزايد الانقسامات الطائفية.
وكما هو الحال في معظم الأيام الدامية في العراق ، لم يصدر اي رد فعل على اعمال العنف هذه من قبل حكومة الشراكة الوطنية التي تعيش منذ سنوات صراعا بين وزرائها والكتل الممثلة فيها، كما لم تتبن هذه الهجمات أي جهة حتى الآن. ويمثل هذا اليوم الدامي ضربة لرئيس الحكومة نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 ويضع ثقله السياسي في الانتخابات محاولا العبور من خلالها نحو ولاية ثالثة على راس الحكومة رغم الاتهامات التي يوجهها خصومه اليه بالتفرد بالحكم والعجز عن الحد من الفساد وتحسين الخدمات. ويلقي المالكي باللوم في التدهور الامني وتواصل اعمال العنف التي حصدت أرواح نحو ثلاثة آلاف شخص منذ بداية العام 2014 بحسب حصيلة أعدتها فرانس برس على التدخلات الخارجية، وخصوصا من قبل دول مجاورة على رأسها السعودية وقطر. ومن غير المتوقع فوز اي كيان سياسي بالاغلبية المطلقة، لكن ائتلاف المالكي "دولة القانون" يبقى رغم ذلك المرشح الاوفر حظا في هذه الانتخابات التي يخوضها رئيس الوزراء دون منافسة مع شخصية شيعية محددة على العكس من العام 2010 عندما خاص معركة انتخابية ضارية مع رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي. وبعد يوم من بدء العراقيين المقيمين في الخارج التصويت في دولهم، توجه أفراد القوات المسلحة التي يبلغ عديدها نحو 800 الف عنصر منذ الساعة السابعة من صباح اليوم (04,00 تغ) الى 534 مركز انتخاب تشمل 2670 محطة اقتراع في عموم البلاد.
وأمام مركز تصويت في مدرسة في وسط بغداد، قال احمد وهو شرطي لوكالة فرانس برس "اتيت للمشاركة في الانتخابات من اجل العراق ومن اجل تغيير الوجوه التي لم تخدم العراق". واضاف "نريد ان نختار اناسا افضل".
وفي النجف (150 كلم جنوب بغداد)، بدا افراد الشرطة والجيش التجمع عند ابواب مراكز الاقتراع قبل نصف الساعة من فتحها وسط اجراءات امنية تشمل نشر 27 الف عنصر أمني في المدينة، بحسب ما أفاد مراسل فرانس برس ومصادر أمنية في المحافظة. وقال الشرطي فلاح حسن عبود وهو ينتظر دخول مركز انتخابي في وسط النجف "جئنا نلبي نداء المرجعية وهي فرصة للتغيير. التغيير السياسي بأيدينا"، في إشارة الى المرجعية الشيعية التي لم تدع للتصويت لطرف سياسي معين انما للمشاركة سعيا وراء "التغيير". وشملت عملية التصويت الخاص اليوم ايضا المهجرين المسجلين، ونزلاء السجناء وموظفيها، اضافة الى نزلاء المستشفيات والعاملين فيها. وفي سجن الرصافة الاولى في بغداد حيث يدلي 2500 سجين باصواتهم، طلب عدد من السجناء الذي كانوا يصوتون من موظفي المحطة توجيهم حتى يصوتوا لصالح رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال موظف في وزارة العدل لفرانس برس رافضا الكشف عن اسمه "انا مندهش من هؤلاء السجناء الذين يرزحون ظلما في السجون، وينتخبون الشخص الذي ظلمهم".
وسرعان ما تحولت مراكز الاقتراع الخاصة بقوات الجيش والشرطة الى اهداف لهجمات انتحارية، رغم الاجراءات الامنية المشددة. وقال ضابط برتبة عقيد قي الشرطة ومصدر طبي رسمي لوكالة فرانس برس ان انتحاريا فجر نفسه داخل مركز انتخابي في منطقة المنصور في غرب بغداد، ما ادى الى مقتل سبعة من الشرطة واصابة 18 شخصا آخر بجروح. وقتل في مركز انتخابي في منطقة الأعظمية القريبة خمسة من الشرطة واصيب 14 بجروح في تفجير انتحاري بحزان ناسف. وفي هجوم مماثل، قتل اربعة من عناصر الشرطة واصيب 11 بجروح عندما فجر انتحاري نفسه في مركز اقتراع في طوزخرماتو على بعد نحو 175 كلم شمال بغداد، بحسب ما افاد قائمقام القضاء شلال عبدول. وقام انتحاري ثالث بتفجير نفسه في مركز انتخابي في جنوب كركوك (240 كلم شمال بغداد) ما ادى الى مقتل ثمانية من عناصر الشرطة واصابة تسعة اخرين بجروح. وفي مركز انتخابي غرب كركوك حاول جندي منع انتحاري من تفجير نفسه فاحتضنه، لكن الاخير فجر نفسه فقتلا معا. وحاول انتحاري تفجير نفسه امام مركز انتخابي في غرب الموصل (350 كلم شمال بغداد)، لكن القوات الأمنية قتلته قبل ان يقوم بذلك، الا ان انتحاريا ثانيا تمكن من تفجير نفسه في المركز الانتخابي ذاته بعد وقت قصير من الحادثة الاولى، ليصيب ثلاثة شرطيين وجنديين بجروح.
وقام انتحاري في وقت لاحق بتفجير نفسه في مركز انتخابي اخر في وسط الموصل، ما أدى الى اصابة ثلاثة عسكريين بجروح، بحسب المصادر ذاتها. وفي الموصل ايضا، اصيب ستة صحافيين بجروح في تفجير عبوة ناسفة استهدفت باصا عسكريا كان ينقلهم الى مركز انتخابي. كما أعلنت رئاسة الجمهورية في العراق امس الاثنين ان الرئيس العراقي جلال طالباني أدلى بصوته في الانتخابات العامة التشريعية في احد المراكز الانتخابية في العاصمة الالمانية برلين. وذكر بيان مقتضب نشر على الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية "حضر فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني الى مركز انتخابي في العاصمة الالمانية برلين وأدلى في المركز الانتخابي بصوته في انتخابات مجلس النواب".