أراد الصينيون قبل فترة من الزمن بناء تمثال من الذهب وزنه 20 طناً، ليكون شاهدا على حضارتهم كالأهرامات التي تشير إلى حضارة الفراعنة، وأشار عليهم الكهنة أن يقوموا بتغطية هذا التمثال بالطين خوفا من نوع من الهنود المعروفين في ذلك الوقت بالقسوة والتخريب والقتل، وفعلا جاء هؤلاء الهنود ودمروا القرية وقتلوا من فيها وعندما اقتربوا من التمثال وجدوه طينا فتركوه، وبعد 150 سنة أراد الناس نقل التمثال حتى لا يتأثر بالمطر، وعندما بدأوا بتحريكه تشقق فتركوه، وجاء أحدهم بمصباح ووجه باتجاه التشقق فوجد انعكاساً، فتساءل: كيف للطين أن يعكس الضوء؟ وبدأ بالحفر وتفاجأوا بتمثال رائع وضخم من الذهب يملكونه ولم يدركوا حقيقته إلا بعد جهد ساعتين فقط بالرغم من أنهم كانوا قريبين جداً منه منذ سنوات طويلة، هكذا نحن البشر نملك قدرات وإمكانيات وطاقات هائلة وهبنا الله سبحانه وتعالى إياها إلا أن جزءاً لا يُستهان به مهدر ومغلف بالأفكار السلبية التي نحملها(أنا فاشل، لا أستطيع، كل ذلك بسبب فلان، ما عندي حظ دائما، أنا وحيد، لا فائدة ..). فهذه الأفكار السلبية والمبالغة في تقييم الظروف والمواقف تجعلنا نرى الأشياء سوداوية مظلمة، وهي كالوهم الذي يحول اللاشيء إلى حقيقة، أو هي مجموعة من الكلمات أو الأفكار السلبية التلقائية يكررها الإنسان فتسبب له مجموعة من المتاعب والأحاسيس التي تشعره بالضيق والتوتر والانزعاج نتيجة التوقعات السلبية للمستقبل والتفكير في الماضي بطريقة سلبية، ويرافق ذلك الحزن أو البكاء أحياناً.
ويمكن أن تعزى أسباب التفكير السلبي إلى:
ـ الانتقادات والتهكم الذي يتعرض له الفرد من المحيطين به في الأسرة أو في مؤسسات المجتمع المختلفة.
ـ الاسترسال خلف أي فكرة سلبية والتشعب فيها.
ـ العزلة والانطواء وعدم التفاعل الاجتماعي.
ـ تضخيم الأشياء فوق حجمها بدون عقلانية، وهي من سمات الشخصية القلقة.
ـ الخوف والتردد والقلق يصنعان شخصية مزدحمة بالأفكار السلبية.
ـ ضعف الثقة بالنفس والانسياق السريع خلف المؤثرات والانفعالات العاطفية والوجدانية.
ـ عقد المقارنات مع من يتفوقون عليه وخطورة هذه الأمر تظهر عند مقارنة الطفل مع إخوانه أو أقرانه.
ـ الأصدقاء السلبيين وما يحملونه من أفكار وتوجهات سلبية.
ـ الطابع السلبي فيما يُقرأ أو يُشاهد حتى وإن كانت قصصاً أو أخباراً.
تتعد طرق وأساليب الناس في كيفية مواجهة الأفكار والمشاعر السلبية، فبعضهم يكبت مشاعره وهي طريقة خاطئة وتؤلم النفس ويمكن أن ينفجر في أية لحظة نتيجة تراكمها، وبعضهم يتحكم بها من خلال تقبله لوجودها، فالرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:(عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكانت خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكانت خيراً له)، ثم يتجه إلى الأفكار التي أوجدت تلك المشاعر مدركاً أنه يستطيع أن يتحكم في ردود أفعاله هو لا مع ردود أفعال الناس.
يستخدم بعض المعالجين النفسانيين أساليب وطرق حديثة قائمة على العلاج المعرفي السلوكي والذي يركز على معالجة الأفكار والسلوك لعلاج الأفكار والمشاعر السلبية من خلال تقنيات متعددة كتقنية الكشف عن الأفكار التلقائية وتقنية تغيير الأنماط المحددة للتفكير وتقنية تغيير الأفكار المؤرقة وتقنية التعامل مع القلق.
كما ظهرت مؤخراً تقنية الحرية النفسية (EFT) وهي تقنية علاجية مشابهة للإبر الصينية وذلك باستبدال الإبر بالربت الخفيف على نقاط محددة في الجسم بهدف تصحيح الخلل في مسارات الطاقة.

خالد الخروصي
أخصائي إرشاد وتوجيه