[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
بعد موجات متتالية من الفضائح أطلقها كل من الخصمين المتنافسين؛ الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب باتجاه الآخر، يحبس الأميركيون الأنفاس ومعهم بعض العرب الذين ارتهنوا لسياسة التبعية المطلقة للولايات المتحدة، انتظارًا وترقبًا لمعرفة الرئيس الخامس والأربعين الذي سيسكن البيت الأبيض بعد ولايتين قضاهما فيه الرئيس باراك أوباما.
أميركا لن تنام ومعها دول عديدة عربية وغير عربية حتى تعرف من سيدخل البيت الأبيض حمار أم فيل؟ حيث الرهان على أشده في تحقيق الأحلام والتطلعات وإشباع النزوات والمراهقات السياسية. وما يضاعف دقات قلب المترقبين ويحبس أنفاسهم حتى الاختناق تلك الحملات المسعورة من التشويه والتحريض والفضائح التي قام بها المتنافسان هيلاري وترامب ضد بعضهما بعضًا، لتخرج عن الطابع المألوف الذي كان يميز سباق الانتخابات الأميركية، رغم أنه سباق محصور بين حزبين هو أقرب للتناوب على إدارة الدولة الأميركية العميقة، وتنفيذ سياساتها الموضوعة سلفًا، وتحاول الولايات المتحدة من خلاله أن تظهر أمام العالم عبر ترسانتيها الإعلامية والعسكرية على أنها صاحبة ديمقراطية عريقة وراسخة.
ويبدو أن الولايات المتحدة قد انتقلت إلى مرحلة جديدة بإظهار وجهها الحقيقي بحيث لا يقتصر على سياساتها الخارجية؛ فلجوء كل من المرشحين المتنافسين هيلاري وترامب إلى شحذ سهام الفضائح وتوجيهها نحو الآخر واستخدام ألفاظ فظة ونابية، وعدم الحياء ـ وإن كان ذلك يعكس القيم والمبادئ والأخلاق والثقافة الأميركية والغربية عمومًا ـ من الدخول في سجال حول أمور شخصية فوق السرير وتحته وفي الغرف المظلمة وبطريقة فضائحية، يعكس السلوك الحقيقي لسياسات الولايات المتحدة الأميركية في الداخل والخارج، بعد أن كان هذا السلوك مقتصرًا لعقود من الزمن على السياسات الخارجية بالتدخل في شؤون الدول، وانتهاك سيادتها واستقلالها، وبث الفوضى وشرور الإرهاب فيها، وإسقاط أنظمة بطرق خارقة للقانون الدولي، وخارج الشرعية الدولية، وإثارة النزاعات والحروب بين الدول التي تستهدفها، واللجوء إلى وسائل قذرة للتشويه والتحريض، وتوظيف منظمات دولية رسمية وغير رسمية حيال ذلك. بالتالي ما لجأ إليه كل من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب للنيل من بعضهما هو مخالف لمنظومة القيم والمبادئ والأخلاق التي تحكم العلاقات بين الناس، وخارج عن الأدبيات والقوانين التي تحكم عادة الانتخابات.
إن الحالة الكاسرة لقواعد الأخلاق والقيم والمبادئ والانتخابات التي اتكأ عليها المرشحان الديمقراطي والجمهوري تعد دليلًا إضافيًّا لما أعلنه كل منهما من برامج وسياسات في الداخل والخارج، وأكداها في المناظرات التلفزيونية. وعلى الرغم من ضيق الفارق بين المرشحين حينًا، وتقدم هيلاري كلينتون على ترامب أحيانًا أخرى، فإن غبار العاصفة التي أثارها المرشح الجمهوري في شهر يونيو الماضي باتهامه لمنافسته الديمقراطية بـ"التواطؤ" في خيانات زوجها بيل كلينتون لم ينقشع بعد، ليس لجهة إمكان تأثيره انتخابيًّا على صورة هيلاري وتراجع نسبة المؤيدين لها، وإنما لجهةأن الولايات المتحدة تدخل مرحلة جديدة، وتكتب تاريخًا انتخابيًّا جديدًا، عماده استخدام وسائل غير أخلاقية وخادشة للحياء والذوق العام لدعم الحملات الانتخابية. فقد قال ترامب في تشهيره بمنافسته:"هيلاري متزوجة من رجل كان أسوأ معتدٍ على النساء في تاريخ السياسة إنها متزوجة من رجل ساهم في معاناة نساء كثيرات"، وأضاف: "هيلاري كلينتون كانت شريكة شريرة للغاية في علاقات زوجها بيل خارج إطار الزواج".(وطبعًا هنا يقصد الواقعة الشهيرة بين بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي المتدربة في البيت الأبيض "مونيكا جيت" ).
هناك من يقول بأن ما يتفوه به المرشح الأميركي في العادة يختلف عن ما سيقوم به، وقد يكون هذا صحيحًا، إلا أن ذلك لا ينفي أن العالم عامة ومنطقتنا خاصة مُقدِمة على مرحلة تفسيخ دول المنطقة وطمس الدولة الوطنية ومفهوم الدولة القومية، وشرذمتها، بناء على ما يحدث اليوم والذي تقوده الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني وأتباعهما وعملاؤهما، وبناء على ما أظهره الرئيس القادم (هيلاري أو ترامب) من سلوكيات وأخلاق طفت على صفيح الحملات الانتخابية، ستلتقي معها حتمًا نظيرتها في المنطقة حيث المراهقة السياسية تنتظر من يداعبها ويشبع شذوذها، وفي أوروبا حيث اليمين المتطرف الكاره لكل ما هو إسلامي وعربي تناغمًا وانسجامًا مع التوجه الصهيوني. كما أن السقوط الأخلاقي في الحملتين الانتخابيتين لهيلاري وترامب مرجحة مشاهدته في اتجاهات الأرض الأربعة لا سيما للمعجبين بالسلوك الأميركي في منطقتنا.