كل يوم يولد في الزمن العماني الجميل المترع بمنجزات نهضته المباركة هو يوم وطني، إلا أن الثامن عشر من نوفمبر تبقى له خصوصيته في قلب كل عماني، وبصمته في تراب هذا الوطن الغالي، حيث كانت بداية انطلاق حركة التاريخ العماني الحديث في هذا اليوم الأغر الذي أذن الله فيه أن يمنَّ على عُمان بابنها البار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وولادة أسرار العظمة الإنسانية لشخصية جلالته ـ أيده الله.
فبفضل ما أوتي جلالته ـ أعزه الله ـ من إمكانات سياسية وإنسانية فذة، كان نجاحه الباهر في قطع أشواط تاريخية مهمة نحو تسجيل سمات استثنائية للزعيم المصلح والقائد الفذ ورجل الدولة ذي الطراز الرفيع، فهو سلطان تتفاعل داخله أحلام قائد تسامى بعنفوانه ورباطة جأشه على المعضلات والتحديات لينشئ دولة عصرية يشار لها دوليًّا بالبنان، وزعيم نصَّبته التجارب الإنسانية الفريدة رجلًا للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم بأسره، وتلك مرتبة إنسانية لا تمنح إلا للزعماء التاريخيين الملهمين الذين يؤمنون بأنهم أصحاب رسالات سامية وليس مناصب فانية.
اليوم يقف العمانيون بكل معاني العزة ومشاعر الفخر وهم يحتفلون بالعيد الوطني السادس والأربعين المجيد عرفانًا لما تحقق لهم من منجزات ومكتسبات على يدي راعي مسيرة نهضتهم المباركة جلالة السلطان المعظم، ومع كل يوم جديد من المنجزات التي تشهدها بلادنا الحبيبة يزدادون قناعة بضرورة الحفاظ على منجزات النهضة المباركة ومكتسباتها والتي أسست لبنيان وطني قوي ومتماسك، وأرست قواعد حياة ملؤها الفخر والاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن. يقفون اليوم مجددين العهد والولاء، حيث اشرأبت أنظارهم وخفقت قلوبهم وهفت أنفسهم لرؤية باني مجدهم على المقصورة السلطانية في ميدان الاستعراض بمعسكر الصمود التابع لقوة السلطان الخاصة لدى تفضل جلالته برعايته السامية للعرض العسكري بمناسبة العيد الوطني السادس والأربعين المجيد.
لقد حرص قائد مسيرة النهضة المباركة منذ بزوغ فجرها على تعزيز قدرة الإنسان العماني، بإتاحة التعليم والعلاج المجاني، والاهتمام الكبير برعايته وعنايته وتأهيله وتدريبه من منطلق أنه الغاية والهدف للتنمية الشاملة، حيث النظرة الحكيمة إلى الاستثمار في الإنسان العماني الركيزة الأساسية التي أعطت ثمارها سريعًا على النحو المشاهد والمثير للإعجاب.
المتابع لصيرورة وتسلسل مراحل النهضة المباركة يجد أنها كانت ضرورة منبثقة من حركة الحياة، وهي مسيرة متواصلة من الإنجازات والمكاسب التي بدأت ولن تتوقف، وشواهدها شامخة في كل ساحات الوطن، وشكَّلت منعطفًا وطنيًّا حاسمًا في تاريخ عُمان الحديث، وتركت بصمات واضحة ومؤثرة تجلت في التمسك بالقيم والمبادئ والثوابت الوطنية وكانت الإعجاز في الإنجاز.‏
لذلك من البديهي، وتحت راية تلك القيادة الاستثنائية في تاريخ عُمان، أن تصبح للسلطنة مكانة دولية مرموقة جعلت منها مركز استقطاب إقليمي وعالمي مهم، نابع من الفكر السامي لرجل سلام حرص في الماضي والحاضر على صداقة العالم، ومد جسور العلاقات الطيبة والمتكافئة مع كل دولة تخطو خطوات إيجابية على طريق التعاون، والالتزام بالمواثيق الدولية ومبادئ الأمم المتحدة في سبيل تحقيق التقدم والتطور، وتثبيت دعائم الاستقرار العالمي، ليستمر تفاعل السياسة الخارجية العمانية بحكمتها وتعقلها وهدوئها واتزانها تجاه كل الأحداث التي مرت بالمنطقة والعالم على أعلى درجات الحصافة والوعي، فلم تسمح للأحداث حتى في أقصى لحظات استعارها أن تؤثر عليها.
وما أحرانا ونحن نحتفل بالعيد الوطني السادس والأربعين المجيد أن نتفحص منجزاتنا، ونستعيد ماضينا، ونقارنه بحاضرنا؛ حتى نتأكد من أن رؤيتنا المستقبلية ليست جملًا إنشائية نتناقلها وإنما خطط مفعمة بالموثوقية المستمدة من هذا الرصيد الذي تجمع لدينا ليعطينا الأمل في المستقبل القريب والبعيد، ويعطينا الشعور بالطمأنينة تجاه مستقبل أبنائنا وأحفادنا في ظل هذا المنجز الحضاري المشهود.
وحري بنا أيضًا أن نشعر بالامتنان في هذه المناسبة العزيزة لقائدنا المفدى ـ حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه ـ ونثبت له أننا عند حسن ظنه بنا، نعم الجنود المطيعون المفعمون بالشعور بالولاء والمتسلحون بالانتماء إلى تراب هذا الوطن، والمستعدون للتضحية من أجله واستلام الراية، وإضافة مداميك جديدة إلى البناء، مجددين العهد والولاء لجلالة السلطان المعظم، متضرعين إلى المولى العلي القدير أن يمنَّ على جلالته بالصحة والعافية، ويعيد عليه مناسبة العيد الوطني المجيد أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة وقد تحقق على يديه المزيد مما يصبو إليه أبناء شعبه الأوفياء.