”إن دمشق الآن لا تنام على غم, بل تنام على وعود حقيقية يحركها أمل الانتصار وتجدد الثقة بأن العاصفة السيئة التي استهدفت البلاد هي الآن في النزع الأخير. لقد راهن لاعبون إقليميون ودوليون على عامل الوقت لإضعاف همة السوريين وتجريدهم من خزين القوة الذاتية النفسية التي يمتلكونها, وقد سقط الرهان.”

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]

هناك أكثر من عامل واحد أدى إلى صمود الدولة السورية ضد الإرهاب وإسقاط المشروع الذي كان يستهدف هذا البلد العربي, وإذا كان الحديث عن صمود الجيش العربي السوري والقوى الحليفة بوجه المؤامرة يحتل الصدارة, فهناك صمود لا يقل شأنا عما تحقق عسكريا في مواجهة قوى الإرهاب.
علينا أن نتوقف في تأكيد هذا الصمود من خلال الصبر الجميل على المحنة، وكذلك بالمبادرات الشبابية والاجتماعية عموما الممتدة في مساحة واسعة من الأنشطة الجميلة في مواكبة هذا الصمود العسكري.
لقد كنت في دمشق قبل عدة أيام وشاهدت هذا الصبر والجلد وطروح الأمل على جباه سوريين لم تستطع هذه المحنة أن تنال منهم, لقد تألقوا في نشاطات رياضية وغنائية وفنون تشكيلية أخرى, وانفتاحا لا حدود له على مبادرات لم تكن سائدة قبل عدة سنوات.
إن من بين ما يلفت النظر في الذخائر الوطنية الجديدة, اندفاع السوريين إلى العمل المدني؛ فهناك الآن أكثر من 200 منظمة مدنية طوعية لتقديم الخدمات للنازحين والمتضررين من جراء هجمات المسلحين.
إن دمشق الآن لا تنام على غم, بل تنام على وعود حقيقية يحركها أمل الانتصار وتجدد الثقة بأن العاصفة السيئة التي استهدفت البلاد هي الآن في النزع الأخير.
لقد راهن لاعبون إقليميون ودوليون على عامل الوقت لإضعاف همة السوريين وتجريدهم من خزين القوة الذاتية النفسية التي يمتلكونها, وقد سقط الرهان.
إن سوريا تزرع الآن رغم كل الحرائق وتأكل من زرعها, وتكتب الآن وتقرأ في كتبها، وينتظر السوريون الشمس يوميا فتجدهم مع إشراقتها مواظبين في عملهم, وحرصهم على النظافة الشامية المتميزة, قد شاهدت عطر الياسمين, وأقول لقد شاهدت هذا العطر لأني استطعت أن أتلمسه في حارات المدينة المتعددة, باب توما, وفي محيط الجامع الأموي والمزة وقاسيون ومساكن برزة, وفي حواري مرقد السيدة زينب وفي أحياء أخرى عديدة لا تخطر في ذاكرتي, وأيقنت أيضا صميمية ما قاله الشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل (أمويون لو أغضبتهم .. الحقوا الدنيا ببستان هشام).
لقد أعطى السوريون دروسا غير مسبوقة في المثابرة والمطاولة في مواجهة المرارة مهما كانت شديدة، إنهم يجددون عزيمتهم في لاءات, لا للإدارة الذاتية بالنسخة التي يريدها لاعبون إقليميون ودوليون, لا للحلول بالنسخة التي يروج لها المبعوث الدولي دي ميستورا مبعوثا لا يملك حصانة الميثاق الدولي بالمقاصد النبيلة, لا للتشويه والتشويش على طروحات دمشق.
لقد كان جواب الوزير وليد المعلم رادعا ردا على سؤال عن الضمانات التي يمكن أن تقدمها الحكومة السورية لمعارضين من أجل أن يعقد مؤتمر لهم في دمشق أكثر من الضمانات التي يملكها الآن حسن عبدالعظيم وهو يتجول بين دمشق وعواصم على قطيعة مع سوريا ومع ذلك هو حر لم يمسه سؤال واحد عما يفعل.
على أي حال, إن العاصفة التي اجتازت دمشق لم تستطع أن تخترقها، وأقول دمشق بما تمثل من رمزية التاريخ والعزيمة واطمئنان الشعراء، ولذلك أيضا استجابت حلب وحماة وحمص ودير الزور والسويداء والبوكمال, بل وحتى إدلب رغم شخوص الخائضين في الدم السوري.
هي إذًا ذخائر لم يضعها أعداء سوريا ضمن قائمة حسابات الربح والخسارة لأنهم كانوا يتاجرون ببضائع بائرة.