[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
” في تقرير أخير للأمم المتحدة كشف عن ثمن ما دفعته الشعوب من محاولات حراكها وانتفاضاتها الشعبية بأكثر من 613 مليار دولار كما اطلقت عليه اسم فاتورة "الربيع العربى"!!. وأعلن نص التقرير أن ثورات "الربيع العربى" ، التى بدأت نهاية عام 2010، كبدت الوطن العربي بـ 613.8 مليار دولار أميركى، ليرتفع بذلك العجز المالى في الدول التي شهدت تلك الثورات إلى 243.1 مليار دولار.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنشر المنظمات الدولية، ومن بينها الأمم المتحدة ومنظماتها التابعة، تقارير كثيرة عن ما حصل ويحصل في بلدان الوطن العربي، لاسيما ما سمته وسائل اعلام غربية "الربيع العربي"، و"الثورات الملونة" وغيرها من الأسماء التي كشفت مصادرها عن تلك الجهات التي تبنتها على مختلف الوسائل او بكل الوسائل التي لا تنتهي أبدا إلى المعاني والدلالات المطلوبة من الثورات والربيع. مما يعني انها تواصل الإنكار والتهرب عن تحمل المسؤوليات بما عملت هذه المنظمات وقياداتها أو الجهات المهيمنة عليها في الوقائع والأحداث. لقد استنزفت هذه الجهات طاقات الشعوب وثرواتها في ما يخدم مصالحها ويستهين بالمصالح الشعبية والوطنية والقومية، وشوهت انتفاضات وثورات الشعوب الحقيقية وحرفت تطلعاتها المشروعة ومطالبها الشعبية في التغيير والتحديث والتقدم. حتى أنها أفشلت ما ادعته عنها وما اصطلحت عليها، وبدأت هي وأبواقها باستخدام نعوت سلبية عنها وتعمل بكل ما لديها على إجهاض فعلها وتدمير توجهاتها وتخريب انطلاقاتها.
في تقرير أخير للأمم المتحدة كشف عن ثمن ما دفعته الشعوب من محاولات حراكها وانتفاضاتها الشعبية باكثر من 613 مليار دولار كما اطلقت عليه اسم فاتورة "الربيع العربى"!!. وأعلن نص التقرير أن ثورات "الربيع العربى" ، التى بدأت نهاية عام 2010، كبدت الوطن العربي بـ 613.8 مليار دولار أميركى، ليرتفع بذلك العجز المالى فى الدول التى شهدت تلك الثورات إلى 243.1 مليار دولار.
أوضح تقرير مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية في غرب آسيا "الاسكوا" أنه فيما يتعلق بمصر فإن أكثر الفئات تضرراً من "ثورات الربيع العربي"، هى الشباب، موضحاً أن في عام 2012، كان 91.1% من الشباب العاملين في مصر يشغلون وظائف غير رسمية.
وذكر التقرير: إن اندلاع الاحتجاجات في ليبيا، والتي تطورت إلى قتال مسلح، تسببت في نزوح غالبية المصريين الذين كانوا يعملون هناك، مما تسبب في تفاقم أزمة البطالة داخل مصر، مشيراً إلى أن إجراءات بعض الدول من بينها مصر إلى خفض عملتها أمام الدولار، سببه ارتفاع معدلات التضخم في أعقاب تلك الثورات.
استخدم التقرير تقديرات معدل النمو في البلدان العربية قبل 2011، لتساعده على فهم حجم الخسارة التي تسببت فيها ثورات الربيع العربي، كما سماها وسجلها باسم الفاتورة.
واشار التقرير الى أن الظروف الاقتصادية لبعض الدول من بينها مصر والسودان وسوريا وتونس واليمن أدت إلى تدني المستويات المعيشية وارتفاع معدلات البطالة والفقر. كما أن أعمال العنف، (هكذا يصف التقرير ما حصل ويجري) التي شهدتها بعض الدول في المنطقة مثل سوريا وليبيا واليمن وفلسطين لم تؤثر فقط على اقتصادياتها، بل أثرت أيضا على دول مجاورة أخرى مثل مصر والأردن ولبنان وتونس، ولا سيما فى قطاع السياحة. ( ويتجاوز التقرير وامثاله اوضاع بلدان عربية أخرى، وما انعكس عليها من الفاتورة، من جهة، ويتجنب البحث في الأسباب الحقيقية وراء هذه الفاتورة ومن استفاد منها او استثمر فيها؟!)
اعترف التقرير أن النزاعات والأزمات السياسية في المنطقة لم تكن وحدها التي أضرت بالحالة الاقتصادية، لكن انخفاض أسعار النفط أدى كذلك إلى تراجع حاد في عائدات تصدير النفط لدى العديد من الدول العربية خلال العام الماضي. وحتى في هذا المجال المكشوف لم يقر التقرير: من وراء هذه الأزمات عموما واسعار النفط منها؟ ، وما هي مصلحة البلدان المصدرة للنفط التي فرض عليها ما سبب الأزمة؟، ومن المستفيد منها والمحرك او المخطط لها وعلى حساب من من الدول والشعوب؟!.
ورغم ذلك، أكد التقرير أن النزاعات كان لها التأثير الأكبر على الخسائر الاقتصادية، مشيرا إلى أن " الحرب السورية" التى تدخل قريبا عامها السادس، تقدر خسائرها على إجمالى الناتج المحلي بـ259 مليار دولار منذ 2011.
لفت التقرير إلى أن " النزاعات" التي حدثت وتغيير أنظمة الحكم في مناطق أخرى كان له على المدى الطويل أثر إيجابي في البلاد، لكنه أشار إلى أن الانتقال السياسي في العالم العربي لم يساعد النمو الاقتصادي، ما أرجعته المنظمة الدولية جزئيا إلى عدم إجراء إصلاحات تعالج القضايا التي أدت في الأساس لاندلاع ثورات "الربيع العربي".
التقرير ذكر أيضا "أن النزاعات كان لها أيضا تأثير اجتماعى كبير، وأضرار لحقت بقاعدة السكان الواسعة التي نزحت جراء الحروب، وارتفاع معدلات البطالة في البلاد التي شهدت الصراعات، أو تلك التي استقبلت النازحين واللاجئين". وهذه الاشارات الخطيرة لم يفصلها التقرير او يبحث فيها ومن المسؤول عنها ولم يقدم لها معالجات تساعد على تجاوز ما حصل وجرى، ورسم خطوات وتوصيات لها ولتداعياتها على مختلف الصعد والمجالات.
هذه التقارير والمنظمات التي تصدرها تدرس التطورات والتغيرات وقد تقدم معلومات مفيدة وأبحاثا مهمة ولكنها تبقى في دائرة التقارير والأبحاث والتي قد ترفع الى الرفوف أو الأرشيفات ولا تعالج المشاكل والقضايا وتدين مشعليها والقائمين بها وتحاسب الجهات التي تستمر بها دعما وخرابا ودمارا. هل تساءلت الأمم المتحدة مثلا لماذا حصل كل ما حصل؟. ومن استفاد منه؟. ولماذا لم تعمل على ايقاف النزيف المستمر طيلة هذه السنوات؟، وما هي واجباتها القانونية والأخلاقية؟ ، وهل تكتفي بالتوصيف والإشارات؟!.