[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
نحن في متن عصر بشر به حسن نصرالله الامين العام لحزب الله بقوله المعروف " لقد بدأ عصر الانتصارات وانتهى عصر الهزائم" .. تجسيد ذلك في حلب وفي العراق اليوم، انه الوفاء لشعوب العرب التي تعايشت مع هزائمها ولم تنحن لها يوما، من هنا يكون النصر بتراكم نقد الذات، بإعادة الثقة الى الذات، بوضعها في روح تاريخها المبهر.
لاشيء اقدس من ايام يتزاحم فيه النصر امام عين الشعوب العربية ويولد فيها الاحساس الظاميء له. كان كاسترو يردد وهو في ذروة ثورته مقولته الشهيرة " صعبا أكانت الطريق ام سهلة فسننتصر" .. بل ان الايمان بالنصر منتصف الطريق كما يقول سياسي روسي تاريخي.
ننحني لاولئك المقاتلين الشجعان الذين يولدون في المعارك اكبر من اساطير. هنا نعمة الأمم ان يكون لديها افذاذ تحرروا من الداخل فصار عليهم ان يحرروا الخارج، ان يتوافقوا مع الحرية ومع الوطن، ومع جرحهم القومي الذي من افتعله اراد لهم اليأس، لكنه خسيء.
في العراق وفي سوريا لاتولد تقاليد جديدة بقدرماهي تأكيد المؤكد، اي النصر المخلص. ومن محاسن هذا النصر انه يأتي بالتقسيط، يتراكم ويتجمع، هنا قليل منه وهناك بعضه وهنالك منه ايضا وهكذا، الى ان تتوافر شروطه الكاملة فنراه على حقيقته. شجعان العراق وسوريا هكذا يتقدمون، ومثل حياكة السجاد يكون نصرهم قطبة قطبة. هي ليست معارك كتلك التي يتواجه بها جيشان كبيران ثم تبان النتيجة، بقدر ماهي سلسلة من المعارك المتواصلة التي لكل منها اضافاتها.
وكما قلنا سابقا، يحتاج هذا النوع من المعارك الى صبر وثبات .. العدو شرس ومجرب وخبير، وكلما تلقى الضربات عاش هزائمه في داخله حتى هزيمته النهائية، لكنه لن يستسلم بسهولة، فهو يعرف ان لامكان له بعدها سوى القبر او السجن المؤبد او الهروب المضني الى اللامكان حيث كل الامكنة سدت في وجهه. من تكن هذه خياراته الصعبة بل المستحيلة فهو لن يترك سلاحه ولا مكانه، سيقاتل حتى يقتل وتلك هي خلاصة وجوده في هذا العالم.
ظن هؤلاء الارهابيون كما علمهم اسيادهم انهم البديل المقبل الذي ستفتح لهم الطريق على مصراعيها، وان انتصاراتهم ستجعل لهم المكان والزمان الذي يحلمون، صحيح انهم حققوا في البدايات شيئا من مبتغاهم، لكن العراق الذي خرج من وجعه ليحرر بلاده من احتلال اميركي، وسوريا التي من شاهد وضعها قبل سنتين واكثر، لم يكن له الا ان يرتجف هلعا، الا ان الصبر والثبات واعادة قراءة اساليب القتال والعقيدة الراسخة والايمان الوطني والقومي صنعوا ماوصلوا اليه وما هو في المستقبل القريب والبعيد.
وليس الواقع العسكري مايتغير فقط، هنالك العالم ايضا وقد بدأ يرسم واقعا جديدا في فهمه لطبيعة الصراع الكبير، ولم يكن ليحصل ذلك لولا الصبر والثبات، ولولا الانتصارات، فلا احد يتعامل مع الهزائم التي تتحول الى منسيات ، وكل العصور التي قرأنا عنها او رأينا بعضها ، لم تعرف سوى القوة عنوانا وبابا . فهل نظرية جيفارا بتعلم الحرب في الحرب قد اثمرت هكذا نتائج ايضا ؟ ..