اكتسبت حماية الأطفال أولوية كبرى في سياسات وبرامج السلطنة التي تلتزم بتوفير بيئة آمنة تسمح بإجراء تطوير كامل لقدرات الطفل ومواهبه، واتخاذ الخطوات المناسبة في مجالات الصحة والتعليم، والتي تسهم في رعاية الحاجات النفسية والاجتماعية والثقافية للأطفال، وذلك وفقًا لاستراتيجيتها الوطنية واستنادًا إلى مبدأ تحقيق أفضل المنافع للأطفال، حيث استطاعت السلطنة خلال العقود الماضية من عمر النهضة المباركة أن تضع مجموعة من القوانين المهمة، مثل قانون الطفل، وقانون مساءلة الأحداث، وقانون رعاية وتأهيل المعوقين، وقانون الضمان الاجتماعي، كما حرصت على تلبية هذه الحقوق في خططها التنموية، وفي الإجراءات والتدابير التي هدفت إلى الرفع من المستوى المعيشي الكريم للإنسان العماني والمقيم على حدٍّ سواء ودون تمييز، وانعكس هذا النهج الحقوقي في جهود لجنة متابعة تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل ووزارة التنمية الاجتماعية عند متابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتخصصة التي صادقت عليها السلطنة، كاتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الاختيارية الملحقة بها، أو عند التنسيق مع الوزارات والهيئات الأخرى من أجل تنفيذها.
ولا شك أن تلك الجهود قد أثمرت عبر مجموعة من التدابير والإجراءات التنموية إلى الارتقاء بأوضاع الطفولة، وانعكست هذه الجهود على واقع الأطفال، حيث انخفض معدل وفيات الأطفال الرضع انخفاضًا كبيرًا، ليصل إلى 7.9 وفاة لكل ألف مولود حي، وبلغت نسبة الالتحاق الصافي للمدارس الحكومية والخاصة للصفوف (1 – 6)، ما نسبته 96%، إضافة إلى العديد من المؤشرات الحديثة التي تعكس مستويات التقدم لتنمية الطفل في السلطنة، كما عملت السلطنة على تعزيز دور اللجنة الوطنية لشؤون الأسرة الإشرافي والتنسيقي في إطار وزارة التنمية الاجتماعية، سعيًا منها إلى تعزيز آليات حماية الطفل والمرأة في إطار السياسة الاجتماعية لحماية الأسرة، وتم تشكيل فرق عمل لدراسة الحالات الخاصة بالأطفال المعرضين للإساءة بالمحافظات؛ بهدف متابعة حالات الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة والإهمال، ووضع الخطط والبرامج الوقائية والرعائية والعلاجية بالتعاون مع الجهات المتخصصة. وبناء على قانون الطفل فقد تم تعديل آلية فرق عمل لدراسة الحالات الخاصة بالأطفال المعرضين للإساءة إلى لجان حماية الطفل في 2015م، ووفقًا للقرار الوزاري رقم (168/2015م) تم إنشاء لجان حماية الطفل "من العنف أو الاستغلال أو الإساءة" بجميع محافظات السلطنة.
ولذا فمن الطبيعي أن نستمع اليوم لإشادة تأتي من أكبر منظمة في الأمم المتحدة والمتخصصة في مجالة الطفولة وهي (اليونيسف)، حيث أشادت المنظمة الأممية بوثيقة البرنامج القطري للسلطنة المقدمة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، ورأت أن هذه المسودة هي ثالث أجود برنامج موضوع بالعالم والأول على مستوى الشرق الأوسط من ناحية الجودة والتوجه في مجالها، لذا فهناك بعض الدول التي اتخذت المسودة كمثال لها للعمل.
تأتي أهمية وواقعية الوثيقة، كونها مسألة إيجابية تساعد الحكومة على الوقوف على القضايا وعلاجها، حيث يرتكز البرنامج القطري على ثلاثة محاور هي: تنمية الطفولة المبكرة، والإساءة للأطفال، وإدماج الأطفال ذوي الإعاقة في المجتمع وفي الخدمات، كما أن البرنامج يهدف إلى تجويد السياسات الموجودة ورفع الوعي وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة في التعاطي والتعامل مع قضايا الطفولة، نظرًا لأهمية ذلك على نمو وتنمية المجتمع، فالأطفال هم المستقبل، وجهود السلطنة في هذا المجال تترسخ في بناء هذا المستقبل المضيء.