[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تترى صور آلاف النازحين من العراقيين والسوريين، هذه الصور الفاجعة ليس كل ما يحويه المشهد المأساوي، وما يتم بثه من خلال الفضائيات لا يمثل إلا النزر اليسير جدا جدا من الصورة المرعبة الكبيرة، ويتابع العالم احوال النازحين من حلب والموصل، لكن الكثير من الناس الذين لا حول ولا قوة لهم يتألمون وهناك من تتساقط دموعه وثمة من يعتصره الألم، في حين يلتزم الصمت اصحاب القرار العربي أولا والإسلامي ثانيا والكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية التي تضع لافتات رعاية المحتاجين وتقديم المعونات للاجئين والنازحين، دون أن تحرك ساكنا لإغاثة الملايين من المشردين في الاصقاع من السوريين والعراقيين، وبدون شك هناك بعض الاستثناءات حيث تبادر منظمات وجمعيات لتقديم العون لهذا المخيم أو ذاك ، لكن ما موجود على أرض الواقع من تشريد وتشرد لن تداوي جراحه الغائرة نتف المساعدات من هذه المنظمة أو تلك.
نقول وبكل وضوح وصراحة أن العتب الكبير والثقيل ينصب على الدول العربية خاصة تلك التي لديها امكانات مالية واقتصادية وإغاثية كبيرة جدا، والتي تسارع للإعلان والتباهي بإرسال مساعدات كبيرة وعاجلة عندما يحصل زلزال في بلدان أجنبية، رغم أن تلك البلدان لا تحتاج لتلك المساعدات، ويبدو أن المهم في الأمر أن يتصدر خبر المساعدات لتلك الدول نشرات الأخبار وتندرج ضمن الإنجازات الكبيرة لتلك الحكومات.
هل يعلم المسؤولون والحكام أن اعداد النازحين واللاجئين في سوريا والعراق لا أحد يستطيع احصاءهم، وهل يعلمون أن احصائية عن اعداد الموتى بينهم غير معروفة وأن المفقودين من العوائل بإعداد كبيرة، وأن مئات الالاف من الناس يمضون أياما بدون أكل ولا مشرب، وأن الآباء يرتجفون من قساوة البرد لكي يضعوا ما متوفر من اغطية - إن توفرت – للأطفال الصغار، هل يعلمون أن آلاف الناس ماتوا لعدم توفر الأدوية للمرضى، هل يعلمون أن اليأس والقنوط والخوف من المجهول قد اغتال اي ابتسامة في وجوه الملايين.
وهل يعلم الجميع بأن الحلول ليست مستحيلة لكل هذه المعضلات بل إنها ليست صعبة، وفي حال توفرت الإرادة ووجدنا من يتحمل المسؤولية فإن رعاية هؤلاء لن تكلف كثيرا. لم يدخر الشعب السوري والعراقي جهدا في الوقوف مع قضايا الأمة المصيرية عبر عشرات السنين، فقد كانوا يقتطعون من قوتهم اليومي لتقديم الدعم للمقاومة الجزائرية لتخليص شعبها من ظلم وجبروت الاستعمار والإجرام الفرنسي وبعد ذلك تبرعوا بالمال والشباب والسلاح للمقاومين الفلسطينيين لدعمهم ضد الاحتلال المجرم الإسرائيلي، وضحى ابناء الشعبين بالأرواح في المعارك الكبرى، فهناك مقبرة لشهداء الجيش العراقي في حرب 1948 في فلسطين وهناك قوائم بالشهداء في المعارك والحروب الاخرى.
يعاني الملايين من النازحين واللاجئين العراقيين والسوريين ويدهم حياتهم شتاء شديد البرودة، لكن ما يؤسف له حقا هذا الصمت الرسمي العربي والإسلامي تحديدا ازاء هذه المأساة الحقيقية.