[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ليست هي المرة الأولى التي تتعرض فيها حلب لهذه المؤامرة على سلامتها وسلامة بنيها، وعلى أمنها، ووجودها كمدينة تاريخية، كانت من اهم مدن طريق الحرير على الاقل، وهي ايضا حاضرة الاسلام والمقاتل الاسلامي الكبير الظاهر بيبرس، وخصوصا قلعتها الشهيرة التي قدمت عبر تاريخها مكانا للحماية ليس له مثيل أو شبيه تقريبا في العالم قاطبة.
لكن حلب عصيت على الانفصاليين الذين نجحوا في الانقلاب على الوحدة السورية المصرية، وفيما أعلنت دمشق مؤازرتها للانفصاليين آنذاك، ظلت حلب على موقفها مع الوحدة الى ان تم اسقاطها بالقوة.
هي تاريخ، ولمن لايعرفها عليه أن يزورها بعد ان تعود الى اهلها وحكومتها ونظامها وطبيعتها المعروفة عنها كبلد للفن والفنانين، وكأشراقة في وطن لايمكن له ان يفرط بها، فهي روح سوريا ومهجة قلبها، وموطن عزها. ففي هذه المدينة ماتزال على " فركة كعب " منها مدينة منبج التي خرجت أكبر شعراء العرب من ابي فراس الحمداني الى البحتري والى عمر ابو ريشة وغيرهم.
في مواجهتها اليوم للإرهاب، تلبس تاريخها درعا واقيا، فمن له مثل هذا التاريخ لن يضام، وأن عصيت عليه القدرة على تحرير الذات، فبعض الصبر حتى جلاء الحالة. لقد علمتنا المدينة المتحف، وكلها متحف في الهواء الطلق ، ان طرد الغزاة حالة متكررة فيماتعلمه عن تاريخها. واليوم لن يكون مغايرا عن الأمس ، وغدا يستفيق انسانها ليجد وقد زالت الكبوة العابرة.
كل ماهو خارج عن حلب عابر، حلم العثماني بالمدينة وأرادها طقسا من طقوسه، وناغمه الاميركي ايضا، والتزم عرب بكتابة خسرانها فانحنى جبينهم بعد الخذلان الاخير، فعلى اسسها يتقدم الجيش العربي السوري والآخرون لتنظيف ارضها وهوائها وحيطانها المدمرة من تاريخ ارهابي متجدد اراد ان يجرب ملمحا في تاريخ اشتهى فيه ان يربح وجوده الابدي.
اليوم تخرج حلب الى قتال هؤلاء لعلمها بما تحمله من عناوين تسبق التعريف عنها. صحيح كما قلنا انها ليست المرة الاولى التي تتعرض فيه الى محنة، مثلها مثل هذا الشرق الذي عاش على آلام لم تبارحه، انكسر ثم انتصر، انهزم ثم كسب، استسلم ولم يركع لأنه عاود مقاتلة الشر بارادته المفتوحة على زمنه المضيء. في هذا الشرق تذكر حلب بانها مدنية مدنه وهي السباقة على اكثرهم، لربما تسبق دمشق التي هي اول عاصمة في العالم الى القدم، ترمقها من البعيد وهي الاقرب الى روحها المميزة التي ظلت عصية وستبقى.
على أرضها آلاف من الشهداء، لمحة الحزن التي نراها في عيون من خرجوا من موت محقق تحكي قصة الشهور الطويلة من المعاناة. لكنه الجيش العربي السوري الذي يخوض نوعا من المعارك التي لم يعرفها حروب ولا محاربون، حروب لو درست في اكاديميات عالمية فلن يصدقها احد .. لكنها صارت، كانت نوعا من عمليات ينفذها رجال بصفة سوبر مان حقيقي، ولم يكن لدى الارهابي سوى ان يصدق فيرى امامه بطلا جاء يسرق عمره لينهي وجوده الآثم.