تعددت أشكال الحرب العدوانية على سوريا تحت ذريعة محاربة الاستبداد ومن أجل الحرية، ولا تزال تساق الدعايات والحملات المتأبطة للظلم والباطل لتمتين نزعات الشر والإرهاب والقتل والعنف والتدمير لإحكام الحرب الهادفة إلى تحقيق أهدافها التي انكشفت حقيقتها وافتضح أمرها سريعًا، فلم تعد لغة الكذب تختلق فبركاتها من سياق التمنيات فقط ، بل تحولت في الجزء الأكبر منها إلى منهج وأسلوب يتخطى قواعد المنطق، وتحولت بالتراكم الكمي والنوعي إلى مسار يحدد الهوية والاتجاه لدى معشر المتآمرين، ووسيلة مفضلة ومناسبة في التعامل مع الأزمة السورية وتفاعلاتها، ووسيلة لمعالجة الفشل والإخفاقات أو سترهما، أو التمهيد عبرها لعمل إرهابي سياسي أو ميداني يتدارك به الفشل والإخفاق.
فالانتقال من حملة تضليل إلى أخرى لا يعكس حالة الفشل والانهزام والانكسار والإخفاق فحسب، وإنما يؤكد بطلان الهجمة التآمرية الإرهابية الشرسة على سوريا، ويكشف أدوار التآمر نحو إنجاز غاية واحدة وهدف أوحد وهو تدمير سوريا، وما عداه من شعارات وعناوين لا يعدو عن كونه ترهات أريد بها ستر المؤامرة وتزيين الباطل أمام المتلقين من عوام الناس والمنخدعين بما يردده معشر المتآمرين من شعارات رنانة وعناوين براقة، أثبتت الوقائع زيفها وخطرها على الفكر والوعي. فقد تفاوتت حملات التضليل والافتراء وفقًا لمقتضى واقع الحال، تارة بارتكاب فظائع بحق المدنيين من الأطفال والنساء باستخدام السلاح الكيماوي، وتارة بارتكاب مجازر بحقهم، وتارة أخرى بحرق المدينة المستهدفة وتحويلها إلى مقبرة للمدنيين؛ ثم اتهام الجيش العربي السوري بارتكابها بقصد التحريض والتشويه، وتبرير الجرم الإرهابي المرتكب، وتبرير عمليات التدخل في الشأن السوري، وتشريع عمليات دعم الإرهاب.
لقد كان لافتًا عنوان الحملة السابقة التي شنها معسكر التآمر والعدوان وماكيناته الإعلامية حين عزم الجيش العربي السوري وحلفاؤه على تطهير الأحياء الغربية الملوثة بالإرهاب في مدينة حلب، حيث كان شعار الحملة هي "حلب تحترق"، ولكن الحقيقة هي أن أحياء حلب تتحرر وتتطهر، في حين كانت قوى الشر والإرهاب تقاوم هذا التحرر والتطهر بحرق الأحياء الآمنة الطاهرة الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية عبر قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا والغازات السامة.
واليوم حين عزم الجيش العربي السوري وحلفاؤه على تطهير الأحياء الشرقية رفع معسكر التآمر والعدوان وماكيناته الإعلامية شعار حملتهم التشويهية والتحريضية بأن حلب "مقبرة ضخمة"، غير أن وقائع الأحداث تدحض حملة الافتراء والتزييف هذه، فالصور والتصريحات من قبل الهاربين من جحيم الإرهاب وتنظيماته في تلك الأحياء تؤكد عكس ما يحاول المتآمرون وإعلامهم خداع الناس به وإقناعهم به، بل إن الحقيقة اليوم هي أن حلب هي مقبرة ضخمة للإرهاب وتنظيمات، ومقبرة ضخمة للمشروع التآمري الذي يستهدف تدمير سوريا، وهذا ما يجب أن لا ينطلي على أحد.
إن ارتفاع أعداد الفارين من جحيم الإرهاب، فضلًا عن محاولات الذين تتخذهم التنظيمات الإرهابية بقيادة ما "جبهة النصرة" الارهابي دروعا بشرية يعري السلوك الغربي في مجلس الأمن الدولي، ويعري مزايداتهم تحت قبة المجلس، وأن الهم الغربي اليوم هو كيف السبيل إلى إنقاذ التنظيمات الإرهابية بقيادة "جبهة النصرة" من أحياء حلب الشرقية، فحملة النفاق والباطل الشعواء الملونة بألوان الإنسانية والخشية على المدنيين ها هي تتهاوى أمام المشاهد الحية لخروج المدنيين من تلك الأحياء وذلك بقيام التنظيمات الإرهابية بقيادة "النصرة" بارتكاب مجازر بحق هؤلاء المدنيين، واستهدافهم وهم في طريق هروبهم وذلك من أجل منعهم من الفرار، واستمرار هذه التنظيمات في اتخاذهم دروعًا بشرية.