[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
ثلاثة احداث حصلت في العراق من بين ركام الغزو الأميركي في صيف العام 2003، أولها، انقلاب الموقف الأميركي فيما يتعلق بآليات حكم العراق، فبعد أن أعلن بول بريمر في شهر مايو من العام نفسه، وهو الشهر الذي وصل فيه بغداد ليتولى السلطة بعد ابعاد الجنرال المتقاعد جي جارنر، قال حينذاك إن الفترة الانتقالية من حكمه في العراق ستستمر لأربع سنوات، لكن حصل انعطاف سريع ومفاجئ، دون أن يفهم الكثيرون سبب ذلك، عندما بدأ بريمر التحرك في بداية شهر يونيو للبحث عن آلية تختلف عن تلك التي سبق وأعلن عنها، ولأن الأوضاع بالنسبة للأميركان الغزاة قد ارتبكت فعلا، فإن بريمر أعلن عن – النية - لتشكيل مجلس سياسي عراقي من اقطاب المعارضة السابقة، واضاف أن هذا المجلس سيكون استشاريا فقط، وبدون صلاحيات.
لم يدقق العراقيون في أسباب ذلك التحول الكبير في ادارة اوضاع العراق من قبل الأميركيين، واعتقد الكثيرون أن ذلك يدخل ضمن استراتيجية بعيدة الأمد، سبق أن وضعتها ادارة البيت الأبيض وتسير عليها، إلا أن حدثا ثانيا قد حصل وإن لم يدركه الكثير من العراقيين، وكان لذلك التطور السريع والخطير الأثر الأهم في تغيير الخطوة الأولى في السياسة الأميركية، وإذا قلنا إن المقاومة العراقية قد ارغمت الإدارة الأميركية على تغيير استراتيجيتها بسرعة، قد يتهمنا البعض بالانحياز للمقاومة دون دليل، خاصة أن اكثر الجهات التي كانت تعرف حجم تنامي المقاومة في العراق هم الأميركيون والبريطانيون، أما غالبية العراقيين فلم يعلموا إلا النزر اليسير من شجاعة الرجال المقاومين في العديد من المناطق.
لكن القائد الأميركي تومي فرانكس قد أعلن في شهر تموز- يوليو من العام 2003 – أي بعد أربعة اشهر تقريبا من بداية الغزو أن عدد هجمات المسلحين- هذا وصف تومي فرانكس- قد وصل إلى خمسة وعشرين هجوما في اليوم الواحد، وهنا لا بد من الاشارة أنه لم يذكر التاريخ الحديث وحسب معلوماتنا المتواضعة تصاعد مقاومة واتساعها بهذه السرعة في جميع الدول التي وقعت تحت احتلال دولة اخرى على الاطلاق، وكما اتذكر فقد قلت حينها في العديد من الفضائيات، أن البيان الاول للمقاومة العراقية قد جاء على لسان الجنرال الأميركي.
الأمر الثالث، الذي يفسر التغيير السريع والجذري في السياسة الأميركية في العراق جاء بمثابة اعتراف خطير على لسان بول وولفويتز الذي كان يشغل منصب نائب وزير الدفاع ويوصف بـ "مهندس" الحرب على العراق وهو من ابرز المحافظين الجدد، فقد أعلن في تموز – يوليو 2003 وخلال مؤتمر صحفي عقده ببغداد، أن الادارة الأميركية قد تفاجأت بثلاثة امور، هي - كما قال – اعتقدوا أنهم سيتعاملون مع سياسيين محترفين في ادارة السلطة في العراق لكنهم صدموا بذلك صدمة كبيرة، كما صور لهم الكثيرون أن العراقيين سيستقبلونهم بالورود والزهور وهذا لم يحصل، والأهم بعد ذلك كما اعترف وولفويتز، أنهم لم يعتقدوا أن اطلاقة واحدة ستطلق من العراقيين، لكنه قال بمرارة، أن بناتنا واولادنا يقتلون يوميا في العراق.