[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
بالأمس زرع فيدل كاسترو في ثرى وطنه .. ناح الكوبيون لكن بشرف الالتصاق بما تركه وراءه. لا اعرف ما اذا كان الزعيم قد ترك وصية ام انه يعلم ان مستقبل كوبا هو الوصية. رغم ايمانه منذ بداية ثورته ان ثوابت العالم لا تتغير وانما المتغير هو التكتيك، فقد جاهد ان يجعل من بلاده رمزا لمعتقد هو في صميم ما آمن به وجاهد من اجله.
لكنه يعرف بالمقابل ان العالم يتغير، والفرصة التي منحها لبلاده يوم كان قويا قد لا تدوم .. اذا كان شقيقه راوول الممسك بالسلطة من بعده سيحفظ ارثه، فليس من ضامن إلى ان كوبا لن تتغير حتى بعد شقيقه. لا شك ان الشعب الكوبي مشبع بالسياسة الوطنية التي أصلها فيدل، لكن من يضمن الأجيال ايضا وهي تتفتح على الاعيب استعمارية كل سعيها القديم والحديث اختراق الداخل الكوبي بغية تمزيق الحالة الكوبية التي ثبتها فيدل ورهطه.
كبار العالم الذين غادرونا، تغيرت دنيا بلادهم من بعدهم .. خروشوف احرق جثة ستالين انتقاما من ماضيه، وانور السادات حكم بأفق معاكس لعبد الناصر، وفيتنام اليوم تفرح بالبطاطا المقلية على الطريقة الاميركية فيما قتل الاميركي منها بالملايين، ويوغوسلافيا تبخرت بعد موت تيتيو صارت دولا، وليبيا بعد القذافي ليبيات إلى ان يصير العكس، والثورة الفلسطينية بعد ياسر عرفات ليس فيها ما يسر نضاليا، وغيرها من النماذج التي تؤكد ان لا رهان على بقاء الحال في اي بقعة في العالم وخصوصا في النامي عند تغير الزعيم أو القائد أو المغير ، ربما باستثناءات قليلة تبدو بريطانيا مثلا واحدة منها.
انطلق من هذا لأؤكد خوفي على كوبا بعد حين، واي رهان على الجيل الشاب سوف يكون خاسرا ، عندما مات الزعيم الفيتنامي هوشي منه فتحت وصيته فإذا بها موجهة إلى اطفال بلاده، اذ كان يعلم انهم الجيل الذي يأتي يوم يتوهون فيه بحكم الدعايات البراقة والاساليب المتقنة فيها إلى ادخال السوسة التي سوف تنخر المجتمع وتغير فيه معتقداته وما قاتل من اجله ودفع كل هذا العدد الوافر من الشهداء.
لأنه لم يكن عاديا فقد امسك فيدل حكمه لأكثر من خمسين سنة، حلم خلالها ان تسقط الامبريالية واذا بقيت فلسوف تكون انيابها من ورق كما ردد ماوتسي تونغ، وبالتالي، فأمام تفكير كهذا يكون العالم قد تحول إلى ان يكون اشتراكيا عندها تكون كوبا السباقة في هذا التطبيق فهي اذن قائدته. لكن الحلم سقط بعدما سقطت الدولة المعنية بذلك وهي الاتحاد السوفياتي، ومات تشي غيفارا الذي ذهب لتحقيق الاممية بانتصار الفقراء الذين هم انفسهم تجسسوا عليه وسلموه إلى الشرطة التي قتلته على الفور.
ارجو ان اكون مخطئا في الحكم على مستقبل كوبا التي راهنا عليها كثيرا واردنا لها ان تكون فاتحة خير على الأقل في محيطها كي تعم لاحقا، لا شك انها نجحت في فنزويلا وبوليفيا وتشيلي وحتى الارجنيتين ونيكارغوا وغيره، فهذه ايضا ضمن الرهانات على انها خاضعة للعبة الزمن والاجيال ومفاهيم الامبريالية كما اسمح لنفسي بهذه التسمية التي لم تعد لائقة بنظر البعض، وهي اكثر ما تجدد حالها دائما كلما وصلت إلى طريق مسدود أو واقع يحتاج لتغيير.