[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
جلست اتأمل الصورة، اربعة من اجيال مختلفة حكموا الولايات المتحدة: جيمي كارتر وكلينتون وجورج بوش الثاني واوباما، والاربعة يضحكون بسخرية .. ذهب تأملي بعيدا ثم اقترب، رأيتهم عراة على حقيقتهم، فأنا لا ارى اشكالا كهذه بأثوابها الفخمة أو استمع إلى خطاباتها التي تبدو فيها مرة ذئبا ومرة اسدا ومرة حملا ومرة ساعية خير داعية سلام وانسنة .... من المؤسف ان الناس تراها دائما بأثوابها الخارجية ولا تدخل في كونها بشرا يصيبها ما يصيب كل انسان وتفعل مثلما نفعل بكل التفاصيل اليومية التي تبدأ منذ الصباح حتى لحظة النوم، مع كل ما يمر معها كما هو معنا تقريبا سوى انه رئيس له سقفه العالي الذي لا نراه ولا نعرفه ولن نصل إليه خلال عمرنا كله.

هؤلاء البشر العاديون العراة حكموا ارضنا، وتحكموا بمصائر العالم، فماذا تكون عليه انفعالاتهم ان اصابهم مغص معوي أو زحار او انفلونزا، او انهم رأوا كابوسا وفي موقعهم تكثر الكوابيس، فكيف سيكون على نهارهم، او ربما تقاتلوا مع زوجاتهم .. هنالك العديد مما يصيبهم يجعل مزاجهم غير منسجم مع يومياتهم، ومع ذلك يمسكون بروح الشعوب، يقررون من سيموت منها ومن سيبقى، تصوروا من عاش إلى جانب بوش الثاني الذي تحدث قبل احتلاله العراق في التاريخ وهو لا يعلم منه قديمه أو معاصره، ديك تشيني بائع النفط، ورامسفيلد غير المستوفي شروط العسكرية، وغيرهما ممن قدموا لبوش هذا اقتراحات الحرب على العراق بما يتلاءم مع عقله ويمس عرقا من عروقه التي تم دغدغتها بذكاء، وبكل اسف ليس من ذكي سوى ان هنالك حالما يريد ان يرى على الطبيعة معنى احلامه.

وأتأمل اكثر في الصورة، أليس هؤلاء صدى لما عرفته البشرية من حكام عبر تاريخ الانسانية .. لا اعتقد ان يوليوس قيصر يختلف عنهم، الم يرسم شكسبير شخصياته بوضوحها .. مر الانسان على هذه الارض واحتكم الى ظروف مرحلته، لا شك انه عاش مختلفا عما عشناه ورأيناه، وعما فعله الاعلام وغيره فينا، وعما صنعه تخمر الزمن في النفوس، الا ان اشياء ثابتة ظلت تتحكم بعقل الانسان مهما بلغ من "عظمة" ولها علاقة شديدة بجسده وما يتعرض له، وعقله وما يخبئ فيه، واحاسيسه النفسية بكل تشعباتها. اهل الصورة الجدد الذين عايشناهم اذن، لن يكونوا في احسن الأحوال مختلفين عن اولئك الذين صنعتهم ايضا مصالحهم وعلاقاتهم وقربهم من مركز رأس القرار.

كل جيل لا يعيش الا مع جيله ولا ينتبه بحكم العادة إلى ان ثمة موروثا يحكم الانسان مهما وصل أو علا ، فلكي تعلو في المنصب عليك ان تطأطئ الرأس والجسد كما يقول فنان الشعب سيد درويش، وتلك اولى الخطوات للوصول الى السؤال الأبرز ، وهو الجلوس في الصدارة حيث يطيب للجميع دون استثناء بلوغه.
يا ويلنا بالتالي من هكذا بشر يحكمون الارض ويضعون الخطط او ينفذونها جاهزة، ولننظر إليهم عراة كي نعرف ان اجسادهم تشبه اجسادنا وانهم يخضعون إلى ما نخضع إليه يوميا كي نستطيع ان نمر إلى الحالة السوية التي تسمح لنا ان نعقل، وهيهات ان يعقل من تصيبه غرور القوة المفرطة، كهؤلاء.