”كتب أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون تايلر كوين في ميامي هيرالد يقول إن "التوقعات الأكثر تفاؤلا بالنسبة لكوبا هي أنه بعد بضعة عقود من النضال وإعادة التوجيه، فسوف ينتهي بها المطاف إلى أن يصبح مستوى الدخل فيها مثل جمهورية الدومينيكان"، مضيفا أنه في حين يقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي لكوبا بـ6000 دولار للفرد الواحد.”

الآن بعد رحيل فيدل كاسترو عن دنيانا، وبعد أن بدا زعماء كندا والمكسيك وبلدان أخرى كالحمقى وهم يشيدون بالإنجازات المزعومة للديكتاتور الذي دمر اقتصاد بلاده، وأعدم الآلاف من الناس، حان الوقت لنلقي نظرة على مستقبل كوبا، الذي لا يبدو أنه سيكون جيدا.
من الناحية النظرية، ينبغي أن تتحسن الأمور، فالرئيس راؤول كاسترو، البالغ من العمر 86 عاما، أثبت أنه أكثر براجماتية من شقيقه الأكبر، وكان لديه وقت أيسر لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها والتي كان أعلنها في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي في عام 2011، وأنه تعهد بتسريعها في المؤتمر السابع في وقت سابق من هذا العام.
بيد أن التباطؤ كان سمة خطوات راؤول كاسترو الصغيرة نحو شكل من الرأسمالية على غرار فيتنام، تديره الدولة، وذلك بسبب مقاومة فيدل، الذي كان لا يزال شخصية قوية وراء العرش، ومن الناحية النظرية، من دون فيدل، فإن المتشددين من أنصاره سيكون لديهم طاقة أقل لوقف الإصلاحات.
لكن معظم الاقتصاديين يتفقون الآن على أن راؤول كاسترو يواجه عاصفة من الأخبار السيئة التي من شأنها أن تجعل من الصعب على الاقتصاد الكوبي الحصول مرة أخرى على فرصة الوقوف على قدميه.
فكوبا "تعاني اليوم أسوأ أزمة اقتصادية منذ التسعينيات"، كما يقول الخبير الاقتصادي كارميلو ميسا لاجو، وهو أستاذ فخري في جامعة بيتسبرج، وأحد المحللين العالميين المتخصصين في الاقتصاد الكوبي، والذي أضاف أن "التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد سوف يشهد ركودا أو تراجعا في عام 2016، وأن الوضع سيزداد سوءا في عام 2017."
أولا: انخفضت شحنات النفط الفنزويلية المدعومة إلى كوبا، والتي أبقت اقتصاد الجزيرة على قيد الحياة في السنوات الأخيرة، بنحو 40 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، وفقا لتقرير وكالة رويترز للأنباء. ويقول خبراء إن اقتصاد فنزويلا يمر بحالة من الفوضى بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية، والسياسات الاقتصادية الكارثية، ومن ثم فإن الإعانات النفطية إلى كوبا من المرجح أن تستمر في الانخفاض.
ثانيا: صادرات كوبا للخدمات الطبية ـ وهي نوع من تجارة الرقيق في العصر الحديث يقوم من خلالها النظام الكوبي بإرسال عشرات الآلاف من الأطباء إلى فنزويلا والبرازيل وأنجولا والاستيلاء على الجزء الأكبر من رواتبهم ـ قد تكون معرضة للخطر. ففنزويلا لديها صعوبة في دفع ثمن هذه الخدمات، وحكومة يمين الوسط الجديدة في البرازيل قد لا تجدد هذه العقود الحكومية.
ثالثا: إنتاج كوبا من النيكل والسكر تراجع بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية وتدمير الصناعات الكوبية على مدى السنوات الـ60 الماضية، وبفضل ثورة فيدل كاسترو، تستورد كوبا اليوم أكثر من 70 في المئة من احتياجاتها الغذائية.
الرابع: السياحة ـ أكبر أمل في الجزيرة منذ انفتاح الرئيس باراك أوباما على كوبا في عام 2014 ـ قد تنخفض إذا نفذ الرئيس المنتخب دونالد ترامب تهديده في 28 نوفمبر بـ"إنهاء" صفقة أوباما مع الجزيرة، علما أن عودة شركات الطيران الأميركية والسفن السياحية المليئة بالسياح الأميركيين إلى كوبا خلال العام الماضي ساعدت في رفع السياحة الخارجية.
كتب أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون تايلر كوين في ميامي هيرالد يقول إن "التوقعات الأكثر تفاؤلا بالنسبة لكوبا هي أنه بعد بضعة عقود من النضال وإعادة التوجيه، فسوف ينتهي بها المطاف إلى أن يصبح مستوى الدخل فيها مثل جمهورية الدومينيكان"، مضيفا أنه في حين يقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي لكوبا بـ6000 دولار للفرد الواحد، فإن هذا الإجراء يستند إلى سعر صرف غير واقعي، وقال إنه من المرجح ألا يكون أعلى بكثير منه في نيكاراجوا الذي يدور حول 2000 دولار للفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في كوبا.
"لو لم تكن ثورة شيوعية قامت في كوبا عام 1959، لكان من الممكن أن تغدو واحدة من أنجح اقتصادات أميركا اللاتينية"، هكذا كتب كوين.
أما أنا فأرى أنه بدلا من الإشادة بدكتاتور لم يكن لديه الشجاعة للتنافس في انتخابات حرة خلال ما يقرب من ستة عقود، كان ينبغي لقادة المكسيك وكندا وغيرهما من البلدان أن يستشهدوا بالثورة الكوبية كمثال على نموذج اقتصادي فاشل، ويسير من سيئ إلى أسوأ.
لو لعب ترامب بأوراقه جيدا ـ وهنا لو كبيرة ـ فسوف يترك كوبا وحدها، مع عدم القيام بأي شيء من شأنه أن يعطي الديكتاتورية الكوبية ذريعة لدحر إصلاحاتها الخجولة. وإذا كان من المقرر أن يتنحى راؤول كاسترو عن السلطة في أوائل عام 2018، فربما يتفق خلفاؤه على ما خلصت إليه الغالبية العظمى من الكوبيين: أن الشيوعية هي الطريق الأطول ـ والأكثر دموية ـ بين الرأسمالية والرأسمالية.

اندريس أوبنهايمر
كاتب عمود في صحيفة ميامي هيرالد الأميركية خدمة ام سي تي – خاص بـ"الوطن"