علي السنيدي: هذا التدشين تجسيد للبحوث التطبيقية بين عدد من المؤسسات

هلال الحسني: المؤسسة العامة للمناطق الصناعية وضعت خطة مستقبلية لتوسعة مركز الابتكار الصناعي

عبدالله الزكواني: مشاريع المركز تركز على استخدام "الابتكار" كوسيلة للمساهمة في تحسين أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

كتب ـ الوليد العدوي:
دشن مركز الابتكار الصناعي، التابع للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية، مساء أمس "آلة إعادة تدوير الرخام"، بالتعاون مع كلية كالدونيان الهندسية وشركة عالم الأحجار الطبيعية، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة الذي أكد على أن هذا العمل جاء نتيجة شراكة بين مؤسسات داعمة للابتكار وجامعات وكذلك القطاع الخاص، فآلة إعادة تدوير الرخام التي تم تدشينها شهدت عملا مكثفا بين هذه الجهات الثلاث، وهي بالفعل تجسيد لما يسمى بالبحوث التطبيقية، مشيرا إلى أن قطاع الرخام قطاع مهم، والفكرة تكمن في معدة حجمها من الحجم الصناعي المعتاد لكي تلائم احتياجات مصانعنا، وأصبحت سهلة النقل.
وأضاف معاليه: أن الأشهر الطويلة التي عمل فيها فريق العمل والتي تكللت بالنجاح وبتكلفة مناسبة جدا وصديقة للبيئة، موضحا أنه في السابق كانت مخلفات الرخام ترمى أو تستخدم بطريقة غير لائقة أما الآن فقد أضيفت لها قيمة مضافة جدا.
وتمنى معاليه أن يرى مثل هذا النوع من المبادرات النور، مشيدا بالقطاع الخاص الذي يقف ويساهم في دعم مثل هذه المبادرات، فقطاع البناء وقطاع الرخام قطاع واعد، والقدرة على تصنيع آلات صغيرة تكفي لحاجة المصانع يمكن نقلها من مكان لآخر بسهولة وتعزز الفائدة من الرخام العماني بحد ذاته شيء جيد.
وأضاف: هذه الجهود التي رأيناها اليوم كللت بالنجاح وهذه الفكرة ستسجل كبراءة اختراع في السلطنة ودول المنطقة، حيث إن هناك رغبة من أكثر من جهة لاقتناء هذه الآلة، والجيد في الأمر أن الشركة التي قامت باختراع هذه الآلى عمانية.
من جهته، أكد هلال بن حمد الحسني الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية على أن تدشين مركز الابتكار الصناعي لآلة إعادة تدوير الرخام يأتي تحقيقا للأهداف التي أنشئ المركز من أجلها والمتمثلة في المساهمة في توفير الأبحاث والدراسات المتخصصة بالمنتجات وتطويرها بالتكنولوجيا الصناعية عالميا، وكذلك توفير المواصفات والمقاييس المعتمدة بالأسواق العالمية بشكل عام والأسواق المستهدفة لمنتجات القطاع بشكل خاص والتغيرات التي تطرأ عليها، وتوفير بيانات مواصفات السلع المنافسة، إلى جانب تقديم الاستشارات والحلول لتطوير المنتجات لمواكبة التطورات الحاصلة على المواصفات والمقاييس، وتوفير بيانات عن الكلفة التصنيعية والأسعار، وأيضاً تقديم الاستشارات الفنية لزيادة جودة المنتجات وتخفيض الكلف الصناعية بما يكفل تحقيق عنصرين السوق الجودة والسعر المناسب، بالإضافة إلى إيجاد قاعدة للابتكارات الصناعية ومدى إمكانية استخدامها لتطوير الصناعات القائمة أو إيجاد منتجات جديدة.

خطة عمل
وأضاف الحسني: وضعت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية خطة عمل مستقبلية لتوسعة مركز الابتكار الصناعي في المناطق الصناعية التابعة لها بمختلف محافظات السلطنة، وذلك لتعظيم الفائدة المرجوة منه، حيث أن المركز منذ تأسيسه في العام 2009 بالشراكة مع مجلس البحث العلمي يعمل على دعم المشاريع الصناعية بالسلطنة وربطها بمراكز البحوث المحلية والإقليمية والدولية لزيادة التعاون في مجال تطوير الصناعات وإيجاد الوسائل المستدامة لنشر ثقافة الابتكار وتفعيلها في القطاعات الصناعية العمانية، وبناء القدرات من خلال دمج المهارات العلمية والتكنولوجية الجديدة، كما أن مركز الابتكار الصناعي تم تصميمه لتغطية كافة المجالات، وذلك لتطوير الثقافة الابتكارية في الصناعة وبناء الثقة بين الأوساط الأكاديمية والصناعة؛ لتحقيق عدة أمور منها تحفيز الابتكار (البحث والتطوير)، ونقل الأنشطة في القطاع الصناعي، وتعزيز القدرة على الابتكار في الصناعات العمانية، بالإضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعات العمانية، وبالتالي إيجاد ثقافة الابتكار والبحث في تفعيلها في مختلف القطاعات الصناعية بالسلطنة، وبناء شراكات جديدة مع المراكز البحثية الاقليمية والدولية لتعزيز سبل التعاون في مجال تطوير الصناعات.

تحسين الأداء
وألقى الدكتور عبدالله بن محمد الزكواني المدير التنفيذي لمركز الابتكار الصناعي في حفل التدشين كلمة أوضح من خلالها أن مشاريع المركز غالبا ما تركز على استخدام "الابتكار" تدريجياً كوسيلة للمساهمة في تحسين أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث أن الابتكار التدريجي لا يعتمد على إجراء تغييرات واسعة وضخمة، ولكن على العكس تماماً، فهو يركز على التعديل أو التغيير التدريجي على منتج موجود بهدف تحسين وظائف المنتج وخفض التكاليف، حيث أننا ندعو الشركات الصغيرة والمتوسطة الأخرى إلى الاستفادة من نجاح مشروع عالم الأحجار الطبيعية الذي نحن بصدده اليوم، فمشاريع البحث والتنمية الصناعية تنبع من فكرة وبوجود اعتقاد بأن شيئاً ما يمكن القيام به على نحو أفضل.
وأضاف الزكواني: لدى مركز الابتكار الصناعي فريق من الاستشاريين بدرجة عالية من الاحتراف يسعون للمساهمة في مساعدة الشركات بالعصف الذهني وفي كيفية تحسين أعمالها سواء كان في إنشاء منتج جديد أو تحسين منتج قائم أو في زيادة الإنتاجية من خلال عملية التحسينات على عملية التصنيع، كما أن برنامج دعم الابتكار الصناعي التابع لمركز الابتكار الصناعي يغذي الابتكارات الصناعية من خلال المساهمات المالية المباشرة لمشاريع البحث والتطوير ذات الصلة بالصناعة المحلية، مشيرا إلى أن إجمالي عدد المشاريع الحالية من نتاج جهود المركز في البحث والتطوير بلغ 31 مشروعا في مختلف القطاعات الصناعية حيث تم الإنتهاء من 11 مشروعا بحثي صناعي، تباينت هذه المشاريع بين منتجات جديدة( 16 مشروعا) وعمليات تصنيع (13 مشروعا) بالإضافة إلى أن أحد المشاريع جاء يحمل الخاصيتين معا. ويعمل في هذه البحوث أكثر من 272 شخصا (باحثين، طلاب، فنيين، وموظفي المصانع) يساهموا في أنشطة البحث والتطوير.

تعزيز البحث
من جانبه أوضح الدكتور أحمد البلوشي عميد كلية كالدونيان الهندسية أن الكلية إرتأت بأن تكون شريكاً فعالاً مع المؤسسات الصناعية، وذلك لتعزيز مشاريعها البحثية وإثراء خبرات منتسبيها من الكادر الأكاديمي والطلبة منذ البداية، وقد نجحت الكلية في هذا الإطار، حيث بلغ مجموع قيمة الأبحاث 2.5 مليون دولار أميركي، رغم أن هذه النتيجة أو النجاح في مجال البحث العلمي يعتبر إنجازاً متواضعاً بناء على المقاييس الدولية، ولكنه يعد إنجازاً مقدراً بالمعايير المحلية، واضعين في الاعتبار الإمكانات المتواضعة، لا سيما وأن الهدف الأساسي للكلية يتمثل في التدريب والتدريس وليس البحث العلمي بعينه موضحا أن الكلية تعتبر الوعاء الحاضن لأكثر من عشرة من المجموعات البحثية الرئيسية التي تتكون من الباحثين المتخصصين الذين يعملون على إيجاد حلول للعديد من المشاكل البحثية العلمية والصناعية في المجالات المتعلقة بمراقبة حالة والتحكم في الاهتزاز والموثوقية، والصيانة والنمذجة والتحليل، ومعالجة مياه الصرف الصحي وتحلية المياه وتحفيز صور النانو، وتحويل النفايات إلى طاقة وإدارة النفايات والكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة، والتبريد والهندسة الحرارية إلى جانب هندسة نظم الميكاترونكس.

ابتكار عماني
من جانبها، قالت كاملة العوفية رئيسة مجلس إدارة شركة عالم الأحجار الطبيعية إن ما نحتفل به اليوم هو ليس تدشين آلة فحسب، وإنما احتفال بابتكار عماني ذي شراكة بين شركة ومركز الابتكار الصناعي وكلية كالدونيان الهندسية، وهو الهدف المنشود في خطط التنمية الوطنية، لإيجاد شراكات تكاملية تهدف لخدمة المصالح المشتركة بين الأطراف الإنتاجية والتعليمية ومراكز البحوث العلمية، فهذه الآلة هي نتاج فكر طلابي احتضنتهم شركة عالم الأحجار الطبيعية بمساحة معداتها، ودعمهم مركز الابتكار الصناعي بخبرتهم وتوجيهاتهم، لتتظافر الجهود والأيادي والأفكار وتخرج لنا بمعدة وآلة من نتاج فكر عماني، لتصنع لوحات الفسيفساء والترازوا والكثير من الخامات العمانية، وقد بدأ العمل على تصميم آلة إعادة تدوير الرخام بعد قيام مركز الابتكار الصناعي بزيارة لشركة عالم الأحجار الطبيعية في أواخر العام 2011، وهي عبارة شركة صغيرة تقع في منطقة غلا الصناعية وتأسست عام 1999 وظلت تعمل بنجاح في السوق لأكثر من 15 عاما، حيث تعمل الشركة على استيراد العقيق والرخام وأيضا شراء الرخام العماني المحلية ومن ثم معالجته وبيعه في السوق. ومن خلال زيارة الأخصائيين من المركز للشركة تم الوقوف على التحديات التي تواجهها والتي تلخصت في قيام الشركة بتقطيع الرخام والجرانيت مما ينتج عنها مخلفات صغيرة لقطع هذه الأحجار تتراكم على أرضية المصنع ولا تتمكن الشركة من إعادة استخدامها، ومن هنا ارتأت الشركة إمكانية إعادة تدوير هذه المخلفات بطريقة علمية بحيث لا يكون لها تأثير سلبي على البيئة، وقد أدرك المركز الابتكار الصناعي أن هذه التحديات من الممكن الوقوف عليها وحلها وذلك من خلال تطوير آلة طحن صغيرة تفي بمتطلبات الشركة، حيث قام المركز بمخاطبة وكلاء نقل المعرفة في الجامعات والكليات لتحديد فريق مناسب للعمل على تطوير هذا المشروع الذي تقدم له فريق من كلية كالدونيان الهندسية ذي كفاءة عالية وخبرة بمقترح بحثي مفصل عن كيفية تطوير هذه الآلة. وكون المركز محفز رئيسي لتطوير أنشطة البحث والتطوير في القطاع الصناعي في السلطنة، فقد قام بتمويل هذا المشروع من ميزانيته المخصصة لدعم الابتكارات بمساهمة بلغت نسبتها 75% من القيمة الاجمالية للمشروع، وبعد العمل الدؤوب في المشروع، أثمرت جهود فريق الباحثين من كلية كالدونين الهندسية بنتائج إيجابية، وذلك من خلال تصميم آلة قطع صغيرة من الممكن أن تستخدمها شركة عالم الأحجار الطبيعية والشركات المشابهة لأنشطتها في طحن المخلفات الناتجة عن قص الاحجار، حيث أن الجهاز يعمل الآن بكل طاقته وتقوم الشركة باستخدامه في عملها بشكل يومي من خلال أخذ المخلفات وطحنها على هيئة أحجار صغيرة ومسحوق، وتعد آلة طحن وسحق المخلفات فريدة من نوعها، فعلى الرغم من وجود الكسارات الصناعية والمطاحن على نطاق واسع، إلا أنه لا توجد مثل هذه الآلة في السوق المحلية والعالمية، حيث تقدمت شركة عالم الأحجار الطبيعية بطلب براءة اختراع على لتملك الشركة كامل ملكيته الفكرية.