موسكو ـ عواصم ـ وكالات: ذكرت مصادر في أوكرانيا أمس ان عشرات القتلى سقطوا في القتال الدائر بين الجيش الاوكراني والميليشيات الإنفصالية في عدد من المدن في شرق أوكرانيا فيما حذرت موسكو من كارثة بسبب الحصار الذي تفرضه القوات الأوكرانية على مدن الشرق مع تأكيد الحكومة في كييف عزمها مواصلة الحملة حتى تؤتي ثمارها بحسب تصريح الرئيس المؤقت أوليكسندر تورتشينوف.
وذكر انفصاليون موالون لروسيا امس ان ما يصل إلى عشرين من مقاتليهم ربما يكونون قتلوا في اشتباكات مع القوات الحكومية في مدينة سلوفيانسك شرقي أوكرانيا.
وقال ممثل عن المتمردين لوكالة أنباء انترفاكس :" لدينا الكثير من القتلى ، ربما أكثر من 20 شخصا ". واضاف ان الميليشيات تمكنت من وقف القوات الحكومية من التقدم أكثر داخل المدينة بعد " عناء كبير".
وقال المتمردون في وقت سابق إن ما بين 12 و 15 من رجالهم أصيبوا.
وقال وزير الداخلية الاوكراني ارسين افاكوف إن جنودا حكوميين قتلوا خلال العملية ولم يقدم أي أرقام. وأكتفى افاكوف بتأكيد ان ثمانية رجال أصيبوا ، بحسب وكالة أنباء انترفاكس الاوكرانية.
وأضاف افاكوف الذي كان يتحدث أمام الصحفيين في مخيم شمال سلوفيانسك ان المتمردين يستخدمون أسلحة ثقيلة بينها مدافع الهاون.
وبدأ الجيش الاوكراني حملة لسحق الاضطرابات التي تقول إنها مدعومة بقوة من روسيا. ويقول قادة للمليشيات إن قوات من الجيش الأوكراني ووزارة الداخلية حاصرت المدينة التي يقطنها أكثر من مئة ألف شخص بصورة كاملة.
وأكد افاكوف أن القوات الحكومية سيطرت على برج للتليفزيون في ضاحية أندرييفكا بالجنوب.
وقال الرئيس الأوكراني المؤقت أوليكسندر تورتشينوف في مقابلة تليفزيونية أن العملية التي وصفها بأنها "ضد الإرهاب" سوف "تتواصل حتى تؤتي ثمارها".
واتهم تورتشينوف روسيا بإثارة الحرب ومحاولة زعزعة الاستقرار قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 25 من مايو الجاري.
من جانبها حذرت روسيا امس من "كارثة انسانية" في المدن التي تحاصرها القوات الاوكرانية في المناطق الشرقية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان "كارثة انسانية ستحل بالمدن المحاصرة، نلاحظ نقصا في الادوية وتوقفا في نقل المواد الغذائية".
واثارت المعارك الجديدة أمس الخشية من سيناريو حرب اهلية، فيما يحاول الغربيون اطلاق مسعى جديد للحوار مع روسيا التي تعبر عن قلقها على "السلام" في اوروبا.
وجرى تبادل اطلاق نار كثيف لساعات طويلة بالقرب من سلافيانسك، معقل الحراك الانفصالي في شرق اوكرانيا، بحسب ما افاد صحافيون.
وقتل اربعة من عناصر قوات الامن الاوكرانية وجرح حوالى 30 اخرين في معارك سلافيانسك، وفق وزارة الداخلية الاوكرانية.
وجاء في بيان للوزارة ان الانفصاليين يستخدمون السكان "دروعا بشرية" وقد اضرموا النار في بعض المنازل ما اسفر عن ضحايا.
وكان وزير الداخلية الاوكراني ارسيني افاكوف الذي كان متواجدا عند نقطة تفتيش على مقربة من مكان المعارك، قال ان "مهمتي هي ازالة الارهابيين"، مضيفا ان "التكتيك الوحيد هو التقدم رويدا رويدا نحو وسط" سلافيانسك.
من جهته، قال رئيس الحرس الوطني ستيبان بولتوراك الموجود ايضا على مقربة من المعارك، ان "خصومنا مدربون بشكل جيد ومجهزون بشكل جيد". واضاف "يبذلون كل ما في وسعهم لاجبارنا على استخدام اسلحة ثقيلة، لكننا لن نقوم بذلك لتجنيب السكان المدنيين".
بدوره اكد القيادي الانفصالي فاديم اوريل ان الجيش الاوكراني اطلق عليهم النيران من طوافة كما استخدم القذائف المدفعية بالقرب من مدينة أخرى على بعد خمسة كيلومترات من سلافيانسك.
وكانت المتحدثة باسم الانفصاليين ستيلا خوروشيفا قالت ان الموالين لروسيا تلقوا "الدعم" من القرم والشيشان، من دون ان تحدد العدد.
اما روسيا التي تتهمها كييف والدول الغربية بزعزعة الاستقرار في شرق وجنوب اوكرانيا، فلفتت امس في تقرير رسمي الى ان الازمة تهدد الاستقرار والسلام في اوروبا اذا لم يرد المجتمع الدولي بطريقة مناسبة على الانتهاكات "الكثيفة" لحقوق الانسان.
ووضعت وزارة الخارجية الروسية لائحة بانتهاكات "كثيفة" لحقوق الانسان ترتكبها اوكرانيا بواسطة "القوات القومية، المتطرفة والنازية الجديدة" في "كتاب ابيض" نشر أمس. ودعت الوزارة الى رد دولي "دون تحيز" تحت طائلة "عواقب مدمرة على السلام والاستقرار والتطور الديموقراطي في اوروبا".
وكان الرئيس الانتقالي الاوكراني اولكسندر تورتشينوف حذر في وقت سابق أمس من ان "هناك حربا بالفعل تشن ضدنا، ويجب ان نكون مستعدين لصد هذا العدوان"، خاصة بعد الحوادث الدموية في اوديسا الجمعة والتي اسفرت عن مقتل حوالى 40 شخصا.
ووفق تورتشينوف، فان "هدف (الانفصاليين الموالين لروسيا) هو الاطاحة بالحكومة في كييف"، حيث ان الاستفزازات والحوادث قد تمتد الى كافة الاراضي الاوكرانية.
واضاف "نتوقع حصول اعمال استفزازية في 9 مايو (احتفال يوم النصر في اوكرانيا وروسيا في الحرب العالمية الثانية) وليس فقط في العاصمة".
وفي مدينة سلوفيانوسيربسك في منطقة لوغانسك، هاجم رجال مسلحون يقولون انهم من "جيش جنوب الشرق" أمس مركز الشرطة المحلي. وتعرض قائد الشرطة للضرب حين خرج للتحدث معهم، وفق الشرطة.
وتحرك الاوروبيون نهاية الاسبوع الحالي في مسعى دبلوماسي جديد. ويزور رئيس منظمة الامن والتعاون في اوروبا ديدييه بورخالتر موسكو غدا في السابع من مايو لبحث الملف الاوكراني مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقالت كريستيان فيتز المتحدثة باسم المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في بيان ان الرجلين سيناقشان "سبل عقد طاولات مستديرة تحت اشراف منظمة الامن والتعاون في اوروبا، تسهل قيام حوار وطني قبل الانتخابات الرئاسية" الاوكرانية المقررة في الـ25 من الشهر الحالي.
وعرض الامين العام للامم المتحدة بان كي مون التوسط لانهاء الازمة، بحسب ما صرح في ابوظبي أمس.
ويبحث وزير الخارجية البريطاني وليام هيج في كييف اليوم مع مسؤولين اوكرانيين سبل حل الأزمة. كما اعلنت المفوضية الاوروبية انها ستستقبل الحكومة الاوكرانية التي يترأسها ارسيني ياتسنيوك في 13 مايو في بروكسل للبحث في تدابير لدعم كييف.
ومن جهته دعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الى عقد مؤتمر جنيف ثان لبحث الوضع في اوكرانيا، برغم غياب اي نتائج على ارض الواقع للمؤتمر الاول الذي انعقد في منتصف ابريل.
وكان ممثلون عن اوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي توصلوا في جنيف الى اتفاق يهدف الى خفض التوتر في اوكرانيا واعادة الاستقرار السياسي اليها.
وقال شتاينماير انه خلال المؤتمر الثاني "لا بد من اتخاذ التزامات واضحة حول سبل التوصل الى هدنة في هذا النزاع واقرار حل سياسي تدريجي. واي موقف غير ذلك سيكون موقفا غير مسؤول لانه لن يعني سوى سقوط المزيد من الضحايا".
اما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فاعتبر أمس ان "لا شيء يجب ان يعرقل" الانتخابات الرئاسية والتي تصفها روسيا بـ"المهزلة".
كما انتقد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس موقف روسيا "المتناقض" لانها تعارض الانتخابات الرئاسية.
وحذر فابيوس من انه "اذا لم تحصل انتخابات 25 مايو، ان هذه الانتخابات الرئاسية التي تشكل المخرج الطبيعي للازمة، سننتقل الى المرحلة الثالثة من العقوبات".
واقتصاديا حذر الاتحاد الاوروبي من ان الاقتصاد الروسي "اظهر مؤشرات تراجع" نتيجة التوتر في اوكرانيا.
ويتوجه نائب وزير الخزانة الاميركي ديفيد كوهين الى فرنسا والمانيا وبريطانيا بين الثلاثاء والجمعة لتنسيق تنفيذ العقوبات المفروضة على روسيا.
وقالت وزارة الخزانة في بيان ان مهمة كوهين تتضمن ايضا التخطيط لاجراءات اضافية وخاصة تشديد العقوبات ضد قطاعات متنوعة في الاقتصاد الروسي في حال واصلت روسيا دورها المزعزع للاستقرار.