[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” .. سعت العديد من الدول في الآونة الأخيرة إلى تعزيز وتطوير هذا النوع من السياحة وإنشاء مدن طبية ومجمعات صحية تتوفر فيها أرقى الوسائل وأعلى الكفاءات في مختلف المجالات والتخصصات ذات العلاقة بهذا القطاع الهام، السياحة الدينية بالنسبة للمناطق التي تتضمن مواقع دينية مقدسة والتي يقصدها الناس للحج والزيارة والتبرك وممارسة الشعائر الروحيـة ...،”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السابع عشر : أنواع السياحة ومفاهيمها :
تعتمد العديد من دول العالم على قطاع السياحة في تنمية مواردها وتنويع مصادرها وتعزيز دخلها، وتوفير فرص عمل للباحثين عن العمل من مواطنيها، بمعنى تنشيط وتحريك الاقتصاد بشكل عام، وتساهم السياحة في تقديم صورة معبرة تبرز الوجه الحقيقي لثقافة المجتمع وتاريخه وموروثاته ومساهماته عبر المراحل الزمنية القديمة والحديثة، وما يتميز به من تنوع ثقافي وفكري واجتماعي واقتصادي وإبراز الملامح العامة للمجتمع، وما تتمتع به بلاده من مقومات سياحية طبيعية ومواقع أثرية لحضارات سادت ومن ثم اندثرت، ويمكن تعريف السياحة بأنهــــا (نشاط السفر بهـــدف الترفيه وتوفير الخدمات لهــــذا النشاط)، والسياحـــة صناعــــة مرتبطة بــــ (الرغبة الإنسانية في المعرفة وتخطي الحدود)، وهي صناعة لا تنضب ولا تندثر بل تنمو عاما بعد عام، وهي من أهم الصناعات نموا وأكثرها رسوخا، وشهدت في السنوات الأخيرة تطورا واسعا وتعددت مفاهيمها وتنوعت أشكالها فمن تلك الأشكال: السياحة الترفيهية بمعنى الترفيه عن النفس والاستجمام والاستمتاع بعناصر الطبيعة الخلابة والتخفيف من ضغوط الحياة، السياحة البيئية أي التعرف على المحميات الطبيعية وبيئة المنطقة ومكوناتها، السياحة البحرية المرتبطة بالغوص والسباقات البحرية والاطلاع على البحار والمسطحات المائية وما تحتويه من معالم وكائنات غريبة وطبيعة متعددة، السياحة العلاجية التي تجتذب الناس من مختلف الاتجاهات طلبا للعلاج وإجراء الفحوصات والاطمئنان على الصحة، وسعت العديد من الدول في الآونة الأخيرة إلى تعزيز وتطوير هذا النوع من السياحة وإنشاء مدن طبية ومجمعات صحية تتوفر فيها أرقى الوسائل وأعلى الكفاءات في مختلف المجالات والتخصصات ذات العلاقة بهذا القطاع الهام، السياحة الدينية بالنسبة للمناطق التي تتضمن مواقع دينية مقدسة والتي يقصدها الناس للحج والزيارة والتبرك وممارسة الشعائر الروحيـة وتعد مرجعا دينيا لأصحاب الديانات والمذاهب والعقائد المتعددة، سياحة التسوق للمناطق المعروفة بانفتاح أسواقها وتعددها وتنوع بضائعها وتشكل فرقا إيجابيا في الأسعار مقارنة بدول أخرى، وأخيرا سياحة المغامرات التي تجتذب شريحة معينة من السياح لهم ميولهم وهواياتهم المرتبطة بالمغامرة. وقد آن الأوان لأن يحظى هذا القطاع في السلطنة بقدر من الأهمية والتشجيع ليتمكن من تحقيق عوائد مجزية شريطة أن يتحقق ذلك في ظل رؤية واضحة ومدروسة وفي إطار لوائح وقوانين تنظم صناعة السياحة بهدف تعظيم الفوائد والتقليل من الأضرار واستثمار موقع السلطنة وما تحظى به من مقومات ومعالم وعوامل وفرص أشرنا إليها في مجموعة المقالات التي نشرت ضمن هذه السلسلة. ففي الكثير من دول العالم التي سنحت لي وللآخرين الفرصة بزيارتها والاطلاع على معالمها السياحية نجد أنها تسعى وتعمل لاستغلال واستثمار المجالات والمقومات والفرص المتوفرة لديها الطبيعية والتاريخية والثقافية والمكونات والعناصر التي تشكل جزءا من أراضيها ومساحتها الجغرافية كالشواطئ والجبال والأودية والأنهار والرمال الذهبية ... وذلك بإقامة مناطق سياحية متكاملة عليها وفقا لدراسات وخطط متخصصة وعلى ايد خبيرة في هذا المجال الحيوي، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر اختيار وتخصيص قرية نموذجية تصور حياة الماضي وتقدمها للسائح بعمارتها القديمة ونظام الري فيها ومصادر وقنوات المياه المستخدمة وحقولها الزراعية وعادات وتقاليد وأسلوب وأنواع العمل الممارس في تلك الأيام بما في ذلك الفعاليات والعادات المرتبطة بالمناسبات والحصاد وغيرها ... وتنظيم الفعاليات الثقافية المتعددة وإنشاء سوق تباع فيه الحرف والصناعات على غرار الأسواق القديمة تهيا وتعد كنموذج للقرية وبأسلوب راق وفريد ومتميز يجذب السائح وينال اعجابه. كذلك تهيئة منطقة جبلية ذات اطلالات مميزة وتخصيصها كمنطقة ملاهي وخدمات متنوعة كالمقاهي والمطاعم الراقية والنوافير والجداول المائية الصناعية واللمسات الجمالية الحديثة ومساحات تخصص للمشي والرياضات الأخرى والاستجمام لتصبح واحدة من المناطق السياحية الجاذبة للسياحة. كما يتم في عدد من دول العالم ووفقا لما شاهدناه استثمار الاودية والجداول المائية التي تجري طوال السنة وتتميز بوفرة مائية وذلك بتوفير الخدمات والمقاهي على ضفافها والقوارب المتخصصة لهذا النوع من السياحات واللمسات الجمالية كجسور المشاة والعربات العلوية والنوافير وغيرها. ومن الاهمية الاستفادة من تجارب الدول الاخرى في هذا المجال لتشجع السائح على الإقبال إلى بلادنا وتنشيط هذا القطاع والترويج له بحزم موجودة وحقيقية على الأرض، ففي عمان وبدون مبالغة ترسم الأودية المنسابة مياهها، والقرى والواحات الخضراء المتناثرة في ضفافها، والقلاع والحصون الشامخة في قمم الجبال مشاهد غاية في الجمال والروعة والإبداع خاصة أثناء الأمطار وجريان الأودية وما بعد ذلك، حيث تنساب الشلالات من قمم الجبال وتجري المياه متدفقة في مجاريها الطبيعية وتضيف مزارع ونخيل الواحات التي غسلها المطر عنصرا مضافا لذلك الجمال الاستثنائي، وفي هذه الرحلات السياحية كانت الكلمات متحجرة والقلم عاجزا عن وصف تلك المشاهد البكر وعناصرها المتجانسة والمتكاملة التي تقدمها الطبيعة العمانية، وكان الصمت والاستمتاع بالجمال الطاغي وألوانه المتناسقة والتجاوب الكامل لبهجة المكان ونظارة مكوناته ما ميز الساعات التي قضيتها في تلك الأمكنة الساحرة. كما تعد الشواطئ في عدد من دول العالم ثروة سياحية هامة يستفاد منها في تعظيم الجدوى ... وقد رأينا في معظم دول العالم كيف تبنى مدن سياحية بأكملها تطل على الشواطئ تحتوي على فنادق ومطاعم ومقاهي وأسواق وحدائق وملاهي هذا فضلا عن السياحة البحرية كالغوص والسباحة والرحلات في وسائل النقل البحري ..الخ. هذا جانب ومن جانب آخر يفتن الكثير من السباح بالصحارى وكثبان الرمال الكثيفة والرحلات الصحراوية على ظهور الجمال والنوم تحت النجوم المتألقة والمتلألئة والحياة القديمة البسيطة بعيدا عن ضجيج المدن وزحامها ومشاكلها وقد استثمرت الكثير من البلدان هذا الجانب وهيئته لاستقبال السياح ونجحت نجاحا باهرا وكان للقطاع السياحي دوره الهام في تنشيط الحركة الاقتصادية ... ولدينا في عمان صحارى واسعة وكثبان رملية مهيبة تصلح لهذا النوع من السياحة التي تحتاج إلى التطوير والتهيئة والإعداد والاستثمار. خبرات الدول العريقة ونجاحها في استثمار هذا القطاع هو ما ينبغي أن نستفيد منه ونضيف إليه في النهوض بالسياحة.

[email protected]