حمد الضوياني: الأمم الماضية والأجيال اللاحقة لا تولد في ساعة من نهار وإنما ميراث أجيال متعاقبة عبر التاريخ

إبراهيم البوسعيدي: المعرض مكمل للندوة التاريخية ويحكي إرثا حضاريا كبيرا

جمعة البوسعيدي: الندوات والمؤتمرات العلمية تساهم في ترسيخ مفهوم الذاكرة الوطنية

بدأت صباح أمس فعاليات ندوة "البريمي في ذاكرة التاريخ العماني" والتي تنظمها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتنسيق مع مكتب سعادة السيد محافظ البريمي، في مسرح وزارة التربية والتعليم بمديرية محافظة البريمي، حيث رعى حفل الافتتاح معالي الدكتور رشيد بن الصافي بن خميس الحريبي رئيس مجلس المناقصات، وذلك بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وسعادة السيد ابراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ البريمي، وبحضور عدد من أصحاب السعادة ومجموعة من الأساتذة والباحثين والدارسين والمهتمين والطلبة.
وصرح سعادة السيد ابراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ البريمي حول الندوة والمعرض المصاحب لها فقال: إن الجانب التاريخي والجانب الثقافي والأدبي ينعش الذاكرة لكل محافظة وولاية على أرض السلطنة بما تزخر به من مكنون وإرث حضاري كبير، فمثل هذه الندوات التاريخية والثقافية تساهم في تشجيع الحراك العلمي البحثي وتفيد الباحثين والدارسين في بحوثهم ودراساتهم، ونحن نشجع الباحثين للاطلاع أكثر على تاريخ المحافظة وتاريخ عمان ككل، وأوراق عمل هذه الندوة تحدثت عن تاريخ المحافظة، وتحدث جزء منها عن حقب معينة قبل وبعد الإسلام وعن دولة اليعاربة فجاءت الأوراق مكملة لبعضها حول تاريخ البريمي ، ونحتاج في الفترات القادمة للتعمق في التاريخ لنصل لتاريخ المنطقة لفترات ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد وصولا لبزوغ فجر الإسلام. كما قال سعادة المحافظ حول المعرض الوثائقي المصاحب: "اقامة معرض وثائقي مصاحب للندوة أمر مهم ليكون مكملا للندوة التاريخية عن المحافظة، حيث إن المعرض يحكي عن المحافظة وتاريخ السلطنة وهو أمر مهم لتعريف الأجيال بما هو موجود في الوطن من موروث حضاري كبير، ونشجع الجميع وخاصة الباحثين والدارسين والمهتمين للاطلاع على هذا المكنون الكبير للسلطنة، سواء للاستفادة في البحوث والدراسات أو للاطلاع للتثقيف ومعرفة تاريخ الوطن".
تأتي إقامة هذه الندوة ضمن اهتمام هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بنشر الوعي المجتمعي بأهمية التاريخ العماني والتعريف بتاريخ محافظة البريمي والدور الكبير الذي لعبته في الحقب الزمنية المختلفة كونها حلقة وصل وبوابة السلطنة من جهة الغرب التي تطل على الدول المجاورة ولموقعها الاستراتيجي، حيث بين الباحثون المشاركون في أعمال هذه الندوة أهم الاحداث التي شهدتها البريمي في التاريخ، والتي اشتملت على ست أوراق عمل تناولت مواضيع مختلفة كما تطرقت حول الاحداث المهمة التي شهدتها البريمي عبر الحقب التاريخية المختلفة، وبينت أهمية المحافظة في التاريخ، وتناولت الندوة أيضا واقع الوثائق بالسلطنة والتطلعات والرؤى التي تسهم في تطويرها والرقي بها، فضلا عن المنظومة العصرية لإدارة وثائق الدولة الورقية والإلكترونية، وأهمية الوثائق الخاصة في تكوين الذاكرة الوطنية.
بدأ الحفل بآيات بينات من الذكر الحكيم، بعدها جاءت كلمة هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قدمها سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة، قال فيها: إنه لمن دواعي سرورنا وامتناننا وتقديرنا للمواطنين الكرام الأخيار في محافظة البريمى الذين أولوا إرثهم التاريخي والحضاري عناية خاصة واهتماماً ينبع من الإدراك القائم على ضرورة المحافظة عليه لما يشكله من إسهام بالغ الأهمية في التاريخ العماني الذي أنجزه الإنسان العماني في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية وإسهامه في البناء الحضاري الإنساني لتشكل تلك الإنجازات العمانية على مر العصور والدهور تاريخا حضاريا تليداً تحكي شواهده وآثاره وسجلاته ورسوماته ومبانيه قصة تاريخ حافل بالبطولات والإنجازات الحضارية فتجربة الإنسان العماني امتدت إلى الأجيال الحاضرة وتستمر للمستقبل بفضل ما تركه من نماذج حــضارية لها الفضـل في بلورة شخصيته وتشكل تراثه الذي يمثل شخصيه الأمة العمانية وخصائها المادية والمعنوية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، فالأمم الماضية والآجيال اللاحقة لا تولد في ساعة من نهار وإنما ميراث آجيال متعاقبة عبر التاريخ وخبرات متبادلة وأفكار متوارثة عبر الآجيال والأزمان فالاهتمام به والوعى بالتراث وإدراكه ليكون زاداً صالحاً لشحذ وجدان الأمة بأصالتها ورسوخها وكيانها الماضي العريق والاستعانة به على رقيها في حاضرها ومستقبلها ويكون لها الفخر والاعتزاز والرفعة بالانتماء إلى ذلك الماضي المشرف كما أن عمان بمختلف مسمياتها في العصور الغابرة ظلت حاضرة في الكتابات السومرية والبابلية والآرامية والفرعونية وغيرها بجغرافيتها وامتداداتها التاريخية في قلب الحدث التاريخي لكل الحقب الزمنية وكل عابر لجغرافيتها يستوقفه تاريخها أرضاً وبحراً وسماءً وأعلاماً وأقواماً لتشكل معاً حضارة إنسانية فهي تمد يد المحبة والوئام والسلام وتدعو أبناءها لإيلاء مزيد من البحوث والدراسات عن عمان تاريخاً وحضارة وتواصلاً إنسانياً مع العالم أجمع اعتماداً على الشواهد التاريخية ومنها الوثائق نظراً لما تشكله من مكانة مهمة في حياة الأمم والشعوب فهو رصيد حي يتأسس عليه تاريخها وحضارتها، وإن إثارة الاهتمام بالوثائق والحفاظ على تراث الأمة ليسهم في تشجيع البحث الدائم في غمار التاريخ وتعزيز الثقة بالمستقبل تواصلاً مع الماضي المجيد والتاريخ قوام المجتمعات وبدونه لا تمثل الذاتية العابرة وتعبث بها تقلبات الظروف والأحوال ويتهددها الهوان والزوال وإن الأمة التي يستهين أبناؤها بماضيها ويزهدون من أخبارها هي أمة لا يؤمن حاضرها ولا تصان كرامتها إذ لا مناعة للحمتها ولا عصمة لعزتها الوطنية وإدراكاً لذلك فعمان من الدول الأكثر اهتماماً بتاريخها التليد إيمانا منها بأن الحفاظ على هويتها الوطنية وكيانها الحضاري المتميز إنما يكمن في الذاكرة الجماعية للشعب العماني الأبي باعتباره مرجعية لكل بناء مستقبلى تطمح إليه وانطلاقا من ذلك أنشئت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لتعنى بوثائق الأمة وإنجازاتها ولتقدم دليلاً قاطعاً لحراك الحياة اليومية للمجتمع والدولة معاً وعمان بلد تختزن مفردات حضارة أزلية أغنت الفكر البشري بالوثائق والمخطوطات في مختلف المجالات وترسخ رابطاً يربط الإنسان العماني بوطنه وتاريخه عبر الزمن " كما قال سعادته " إن الاستثمار الأمثل للوثائق لإبراز ذاكرة الوطن ومرآة الواقع والمستقبل لتكون الوثائق الأداة الأساسية للحفاظ على دفاتر وسجلات المعرفة البشرية والعمل على انتشارها ففي هذا الصدد تهيأت العناية المتكاملة والرعاية الشاملة لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إعداداً وتأسيساً وإشرافاً ومتابعة وتخطيطاً وتعمل الهيئة على مد نشاطها والتوسع في برامجها سعياً نحو جمع الوثائق التي تخص عمان وعلاقاتها فضلاً عن وثائق المجتمع الذي بادر بوعى وإدراك لأهمية تسجيل تاريخ العائلات والاسر والأشخاص وما يرتبط بهم من علاقات وما قاموا به من أدوار في خدمة مجتمعهم ووطنهم لتبقى تلك الوثائق ضمن الذاكرة الوطنية ويشرفنا الإشادة والتقدير لأولئك الذين بادروا بتسجيل وثائقهم لدى الهيئة وإنه لمن المناسب الإشادة بهذا اللقاء الذي نتشرف بانعقاده في محافظة البريمي من أرض عمان العزيزة وفي ظل عناية أهلها الكرام الذين كان لهم الدور الفاعل والإسهام الكبير في الحضارة والتاريخ العماني على مر العصور وفقاً للظروف والأوضاع الداخلية والخارجية التي شهدتها عمان ويتفاوت التأثير على حسب واقع الأحداث من منطقة لأخرى وقد شهد العالم أجمع أوضاعاً مختلفة يتعامل المجتمع بمقتضياتها "
كما أكد سعادة الدكتور أنه يأتي تنظيم هذه الندوة والمعرض المصاحب لها بمبادرة تواصل مع سعادة السيد محافظ البريمي والتنسيق والتعاون في عملية التحضير والإعداد بغرض الإطلالة على بعض ملامح هذه المحافظة وما حظيت به من اهتمام بالغ فهي واحدة من المواقع التي كانت في قلب الحدث التاريخي العماني والذي سنطلع على بعض منه من خلال مجموعة من أوراق العمل العلمية التي أعدها أساتذة كرام فلهم منا الشكر والتقدير كما ستتاح لأفراد المجتمع وطلابه وزوار المحافظة الاطلاع على المعرض الوثائقي الذي يستمر لعدة أيام وذلك للتعرف على بعض الجوانب الحضارية والتاريخية".
ثم بدأت أعمال الندوة والتي ترأس جلستها الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي مدير عام المديرية العامة للبحث وتداول الوثائق، حيث قدم نبذة عن الندوة وأهميتها معرفا بالمشاركين ومرحبا بالحضور، حيث قال في بداية انطلاق اعمال الندوة " في هذا اليوم المبارك يطيب لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وبالتنسيق مع مكتب سعادة السيد محافظ البريمي أن تفتتح أعمال ندوة " البريمي في ذاكرة التاريخ العماني " على أرض محافظة البريمي الطيبة.
وأضاف الدكتور "تعد هذه الندوة ضمن الندوات والمؤتمرات التي تقيمها الهيئة على المستوى الداخلي والخارجي والتي تخدم الجانب العلمي والفكري وتساهم في ترسيخ مفهوم الذاكرة الوطنية من خلال استقراء المفردات الأرشيفية التي يتناولها الأخوة الأساتذة في أوراق ومحاور هذه الندوة" .
كما أكد الدكتور جمعة البوسعيدي أن الهيئة من استراتيجياتها رفد الجانب التخصصي والعلمي ونشر بحوث هذه الدراسات والندوات والمؤتمرات".
ثم بدأت الورقة الأولى التي جاءت بعنوان (البريمي في العلاقات العمانية – السعودية ) (1800 – 1955 م)، والتي قدمها الدكتور سعيد بن محمد بن سعيد الهاشمي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المشارك بجامعة السلطان قابوس، والتي تحدث فيها حول العلاقات العمانية السعودية في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين والتي جعلت من البريمي حلقة الوسط بين عاصمة عُمان وعاصمة السعودية، وانقسمت الورقة إلى ثلاثة مباحث رئيسية المبحث الأول: البوسعيديون ودورهم الريادي في الداخل والخارج، وجاء المبحث الثاني: في نشأة الدولة السعودية والنظرة إلى الجزيرة العربية، أما المبحث الثالث: جاء حول التقارب بين العمانيين والدولة السعودية.
وأما الورقة الثانية والتي قدمها الدكتور محمد بن ناصر المنذري، مستشار شؤون البرامج الدينية بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والتي أتت بعنوان ملامح من تاريخ البريمي قبل الإسلام حتى القرن الرابع الهجري، والتي عبر من خلالها حول ملامح تاريخ هذه الولاية العريقة ما قبل الإسلام وبعد أن أشرق فجر دين الله القويم على هذه الأرض الطيبة ، والتي أشار فيها حول أهم الأحداث في البريمي في القرون الإسلامية الأولى. حيث انقسمت الورقة إلى مبحثين أساسيين، المبحث الأول : ملامح من تاريخ البريمي قبل الإسلام والذي عرج فيه على الآثار القديمة بالمنطقة، والحركة التجارية والآثار التي تدل صلاتها بشرق أفريقيا من جهة والسند والمحيط الهندي من جهة أخرى، كما أشار إلى الاهتمام الزراعي بالمنطقة، وحركة القوافل وأشهر أسواق البريمي، أما المبحث الثاني: وقفات في تاريخ البريمي في القرون الإسلامية الأولى. والتي عبر فيها عن مجموعة من الأحداث جاءت كالتالي: الوقفة الأولى : ملامح عن تاريخ دخول الإسلام، والوقفة الثانية: محاولات بني الجلندى استعادة ملكهم، والوقفة الثالثة: اجتماع النزارية ومن ناصرهم من اليمانية في تؤام، والوقفة الرابعة: مشاركة البريمي في الأحداث التي شهدتها عمان في بداية النصف الأخير من القرن الرابع الهجري .
فقد وضحت هذه الوقفات دور منطقة تؤام أو البريمي في مجريات الأحداث على أرضها خلال القرون الإسلامية الأربعة الأولى.
أما الورقة الثالثة التي تناول فيها الباحث الجانب الأدبي والثقافي للمنطقة جاءت ورقته بعنوان الحركة الثقافية والأدبية في البريمي للدكتور عيسى بن محمد السليماني، المحاضر بكلية العلوم التطبيقية بنزوى، وقد تمحورت ورقته حول بعدين أساسيين، قرأ البعد الأول: البعد الثقافي لمدينة البريمي، والتي كونتها أبعاد اجتماعية ، وسياسية ودينية وغيرها ، مثل : المساجد – الكتاتيب – المجالس بأنواعها – المؤسسات الحديثة – المراكز الثقافية والعلمية – العادات والتقاليد – العلوم : مثل علوم الفلك ، والفن والموسيقى الشعبية ، الآداب الشعبية ؛ وركزت الورقة بشكل أساسي على المكون الثقافي المباشر. ويقرأ في البعد الثاني: " الحركة الأدبية " التي امتازت بها البريمي قديما ، وحديثا ، في الأجناس الأدبية المختلفة ، شعرا ونثرا ، بلغة وصفية عامة ، وإبراز شعراء العصر الحديث ، وما قدموه من مدونات شعرية تمازجت مع لغة العصر الحديث .
وفي الورقة الرابعة "البريمي في عهد اليعاربة" للباحث موسى بن سالم البراشدي نائب مدير دائرة تقويم المناهج بوزارة التربية والتعليم بالمديرية العامة لتطوير المناهج ، التي سلط فيها الضوء على تاريخ البريمي خلال حقبة زمنية تعرف في التاريخ العماني بفترة حكم اليعاربة ( 1624م-1749م)، من حيث أبرز الأحداث التي شهدتها ووضعها الإداري آنذاك ، ولذا فإنها ركزت على أربعة محاور أساسية تتمثل في التعريف بفترة اليعاربة، ثم التطرق إلى أهمية البريمي بالنسبة لهذه الدولة، أما المحوران الأخيران فركزا على أبرز الأحداث التي شهدتها هذه البقعة الجغرافية وكذلك أشهر الولاة الذين تم تعيينهم من قبل حكام اليعاربة على البريمي التي كانت حاضرة أرض الجو خلال تلك الفترة.
الورقة الخامسة تحدثت حول آليات العمل في إعداد نظام إدارة الوثائق، وهي المنظومة التي تعمل عليها الهيئة في تطبيق مقتضيات قانون إدارة الوثائق والمحفوظات، قدمها اسحاق بن يعقوب الصقري مدير مساعد لشؤون الدعم الفني بدائرة المتابعة والدعم الفني، والذي تحدث فيها حول النظام العصري لإدارة الوثائق والمحفوظات والإجراءات المتعددة في هذا الشأن من حيث إعداد فهرس لمختلف أنواع الوثائق والملفات لجميع التقسيمات الإدارية التخصصية والتي تعتبر الاداة الإجرائية الرئيسية لنظام إدارة الوثائق الذي يقوم على أساسها إعداد باقي الأدوات الإجرائية الأخرى من جداول لمدد الاستبقاء تعنى بتحديد مدد استبقاء الوثائق بمختلف المراحل (أي بمكاتب العمل) وكذلك مدة بقائها بمحلات حفظ الوثائق الوسيطة وتحديد مصيرها النهائي سواء بالإتلاف أو بالحفظ الدائم.
أما الورقة الأخيرة فقد جاءت بعنوان " عمل الوثائق الخاصة" والتي قدمها هلال بن سيف الشيادي موظف بقسم الوثائق الخاصة بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، عرّف من خلالها عمل الوثائق الخاصة والإطار العام لإدارتها وذلك تنفيذا لمقتضيات قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 60/2007 ولائحته التنفيذية الذي أعطى أهمية قصوى بضرورة ضبط معالم إدارة الوثائق الخاصة بجمع أرصدة المحفوظات وترتيبها ومعالجتها والمحافظة عليها باعتبارها مكملا أساسيا لأرصدة الوثائق العامة وهو ما من شأنه أن يساهم في الحفاظ على الذاكرة والهوية الوطنية لصالح الأجيال القادمة واستغلال هذا الموروث الهام في تشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري، ونظرا لما تمثله الوثائق الخاصة من أهمية في رسم التاريخ الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجموعة الوطنية، كما عرض في هذه الورقة جملة من الآليات والطرق المتبعة لحسن إدارة الوثائق الخاصة انطلاقا من دعوة مالكي وحائزي الوثائق الخاصة إلى تسجيل وثائقهم بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة لها قانونا إدارة هذه العملية.
وبعد تقديم أوراق العمل والنقاش الذي دار حولها، خرجت الندوة بمجموعة من التوصيات، من أهمها : توجيه مزيد من الاهتمام لمحافظة البريمي للتعريف بتاريخها وآثارها وأهم معالمها الحضارية. ودعم الجانب التاريخي والثقافي في المحافظة كونها منطقة شهدت الكثير من الأحداث المهمة في حقب تاريخية مختلفة. كذلك الحث على عقد المزيد من اللقاءات الثقافية والندوات العلمية والمحاضرات المتنوعة لتنشيط الحراك الثقافي التاريخي والفكري في المحافظة. كما أوصت الندوة بضرورة عقد ندوات تاريخية في محافظات السلطنة الأخرى لتوجيه الاهتمام اللازم لها ودراسة مكنونها التاريخي والبحث والتقصي من خلال شواهدها الحية. كذلك أوصت الندوة بأهمية التأكيد على قوة التصدي العماني في جميع مناطقها المختلفة لأطماع القوى الخارجية عبر التاريخ. وتضمين المناهج والمقررات الدراسية مزيدا من المعلومات عن تاريخ محافظات السلطنة وأهم معالمها الحضارية والعلماء الذين برزوا فيها. ومما خرجت به الندوة كذلك تشجيع البحوث العلمية والدراسات التي تهتم بتاريخ مختلف محافظات وولايات السلطنة، مما سيثري الجانب العلمي واستنباط حقائق وأحداث مهمة عن التاريخ العماني. وأيضا الاستفادة من الاصدارات وكتب العلماء والمؤرخين والمثقفين والشعراء، وكتب الرحالة العمانيين وغير العمانيين القديم منها والحديث، للبحث والتقصي عن التاريخ. وأهمية التواصل العلمي بين المحافظات ومؤسسات التعليم العام والعالي والجهات المعنية بالتعليم والتاريخ والثقافة، لدعم البحوث العلمية ونشرها. وأهمية تأهيل كوادر عمانية متخصصة في الجوانب التاريخية والثقافية والأثرية على مستوى المحافظات ليقوموا كمرشدين يتميزون بدقة المعلومة بالتعاون مع الجهات المختصة في ذلك، تكون لديهم القدرة على طرح المعلومة التاريخية والثقافية للزوار من داخل وخارج السلطنة. كما أكدت على تبيان مكانة البريمي في الجانب الأدبي والثقافي والتي أصبحت حاضرة تتواصل باستمرار مع جميع المدن والمناطق العمانية وغيرها ، وهي تمثل رابطا ثقافيا واستراتيجيا بين عمان والدول المجاورة. كما حثت على ضرورة تعاون المواطنين مع الجهات المختصة في الحفاظ على الموروث التاريخي والحضاري للمحافظة. وبينت الندوة أيضا أهمية حماية وصيانة التراث في محافظة البريمي، وضرورة التعاون بين جميع الجهات ذات العلاقة . وضرورة مبادرة المواطنين بتسجيل وثائقهم الخاصة لدى الهيئة، لحمايتها من التلف أو الفقدان، والتي ستكون رافدا كبيرا للتاريخ العماني. كما أكدت الندوة على أهمية تطبيق نظام ادارة الوثائق والمحفوظات لمردوديته الكبيرة على سير العمل وانتقاء ما يصلح منها للذاكرة الوطنية. وحثت الندوة للتوجيه لنشر بحوث هذه الندوة لتعم الاستفادة.
وفي ختام أعمال الندوة انهى رئيس الجلسة الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي الجلسة حيث قال" إننا لعلى ثقة ان ندوة البريمي في ذاكرة التاريخ العماني والتي تناولت في برنامج فعالياتها هذه المحاور والأوراق العلمية والتي مثلت زخما من المعلومات التاريخية والبحثية والثقافية المهمة سوف تساعد الباحثين والدارسين في دراساتهم وبحوثهم وستكون محط اهتمامهم، كما تقدم بالشكر الجزيل لراعي الحفل والحضور والمشاركين.
بعدها قام راعي الحفل بتكريم المشاركين في أعمال الندوة، كما قدم سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية هدية تذكارية لراعي الحفل، وأخرى لسعادة السيد محافظ البريمي لمساهمته في انجاح أعمال الندوة.
وبعد ختام الندوة توجه معالي الدكتور رشيد بن الصافي بن خميس الحريبي رئيس مجلس المناقصات لافتتاح المعرض الوثائقي المصاحب للندوة والذي سيستمر من 5 -10مايو 2014م، حيث عرضت فيه مجموعة من الوثائق التاريخية التي تخص المحافظة الى جانب مجموعة كبيرة من الوثائق والصور التاريخية التي تبين جزءا من التاريخ العريق الذي تزخر به السلطنة.
تجدر الإشارة إلى أن الدعوة عامة للجميع وخاصة للمختصين والمهتمين بمجال التاريخ والوثائق والمحفوظات من أفراد المجتمع والمقيمين بالسلطنة للتعرف عن قرب على المخزون والمكنون الوثائقي للسلطنة، والتي تعتبر الشاهد الحي على إرث حضاري عريق.