[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” نشرت صحيفة "إزفستيا" (4/11/2016) تصريحا لقائد من المعارضة, وأحد زعماء اللجنة العليا للمفاوضات ( معارضة الرياض), خالد خوجة, يقول فيه:(بأن "المجموعات المعتدلة" مضطرة للتعاون, وإلى التحالف مع الارهابيين في حلب .. لأن السكان محاصرون في الجزء الشرقي من المدينة, وأن المعارضة, التي تحاول حمايتهم, ليس أمامها خيار آخر سوى قبول المساعدات, التي يقدمها المسلحون الإسلاميون. وأضاف مؤكدا على ان المقصود هنا "جبهة النصرة").”
ـــــــــــــــــ
سأحاول في كتابة مقالتي هذه إلى "الوطن", النظر بعين المحايد فعلا, في موضوع الصراع الدائر في سوريا. بعد انتصار وحدة مدينة حلب, وتحريرها الفعلي من أيدي التنظيمات الأصولية الإرهابية المتطرفة, قرأتُ لمن يُحسبون على "المعارضة السورية المعتدلة",آراء في غاية الغرابة, فحواها أنهم منزعجون من تحرير المدينة, بعد أن عاث المتطرفون الأصوليون, القتل والذبح والدمار فيها (باعتراف بعض قادة المعارضة). من تلك الكتابات, ما قاله أحدهم, إن خسارة معركة حلب, لا تعني هزيمة المعارضة, التي تخوض الآن مرحلة "تحرر وطني مسلح", مع العلم أن سوريا تحررت نهائيا من الاستعمار(الانتداب) الفرنسي في 17 أبريل عام 1946, ولا يجوز (بالمعنى النظري) اطلاق اسم هذه المرحلة,على صراع داخلي سوري – سوري, بغض النظر عن تقييم المعارضة لشكل نظام الحكم القائم في سوريا, فهو سوري أولا وأخيرا, هذا أولا. ثانيا, أسأل هؤلاء, هل تقصدون أن تظل حلب تحت إمرة الوحوش, الذين ينكلون بالسوريين ويذبحونهم, والذين يرتدون الزي الإسلامي والإسلام منهم ومن أمثالهم براء؟.
تعالوا لنحتكم إلى المنطق: نشرت صحيفة "إزفستيا" (4/11/206) تصريحا لقائد من المعارضة, وأحد زعماء اللجنة العليا للمفاوضات, خالد خوجة, يقول فيه:(بأن "المجموعات المعتدلة" مضطرة للتعاون, وإلى التحالف مع الارهابيين في حلب .. لأن السكان محاصرون في الجزء الشرقي من المدينة, وأن المعارضة, التي تحاول حمايتهم, ليس أمامها خيار آخر سوى قبول المساعدات, التي يقدمها المسلحون الإسلاميون. واضاف مؤكدا على ان المقصود هنا "جبهة النصرة"). ما نسأله للأستاذ خوجة, أمن المعقول, أن قدمت جبهة النصرة دعما لسكان أحياء شرق حلب, وهي استعملتهم دروعاً بشرية؟. ثم إن شكل التعاون الذي تعترفون به, لا يمكنه أن يكون شكل التعاون الوحيد بينكما! ثم, لم كانت كل تلك الحملة الدولية, بما في ذلك مشروع القرار الأميركي – الفرنسي – البريطاني "من أجل حلب", والذي أفشلته روسيا والصين؟, ثم إن هذا التصريح, يتنافى والتسجيل المسرّب, الذي نشره الإعلامي العراقي , مراسل تلفزيون "الحرة" زياد بنجامين لزعيم المعارضة السوري ميشيل كيلو, الذي هاجم دولة عربية حليفة له, وقال فيها, ما لم يقله مالك في الخمر, والذي كشف فيه أيضا عن التعاون الوثيق بين "المعارضة المعتدلة" والتنظيمات الأصولية الإرهابية المتطرفة.
من ناحية ثانية, كان كيري قد وجه, ضرية قوية للمعارضة السورية, فلم ترد واشنطن مطلقا على الطلب الرسمي, الذي قدم الزعيم المعارض (وزير الثقافة السوري الأسبق) الدكتور رياض نعسان الأغا إلى الإدارة الأميركية, باعطاء توضيحات للأقوال الصادمة لجون كيري وزير الخارجية الاميركي, التي ادلى بها على هامش مؤتمر لندن للمانحين (4 فبراير 2016), وتوقع فيها اجتثاث هذه المعارضة في غضون ثلاثة اشهر, بسبب انسحابها من مفاوضات جنيف مع النظام, تحت مظلة الامم المتحدة.إن من أقسى ما قاله الوزير الأميركي, ردا على ناشط سوري معارض, عاتبه على عدم بذله وبلاده الجهود الكافية لما أسماه "انقاذ" المدنيين السوريين!, هو تحميله المعارضة السورية مسؤولية انهيار المحادثات, مما مهد الطريق لقصف مشترك للطائرات الروسية والسورية لمواقعها في ريف حلب, وتوقعه ذلك الوقت, باستمرار القصف طوال الاشهر المقبلة.أما الضربة الخاطفة والقاتلة وغير المتوقعة, التي وجهها كيري لمحادثه, كان من خلال توجيه سؤال للمعارض بالقول: هل تتوقع مني الذهاب الى الحرب مع روسيا من اجلكم .. هل هذا ما تريده؟". للأسف, المعارضة السورية لم تدرك أبعاد إجابة كيري تلك, وركبت رأسها, وللأسف, حتى اللحظة, لا تدرك حدود التدخل الأميركي في سوريا, ولا أبعاد تصريحات الرئيس المنتخب ترامب حول سوريا, ولاتزال تركب رأسها.
نذكّر المعارضة السورية, بالعرض الذي كان قد قدمه الدكتور كمال اللبواني, عضو الهيئة التأسيسية في الائتلاف الوطني السوري, ببيع هضبة الجولان العربية السورية المحتلة الى اسرائيل, واحلال السلام معها, مقابل مساعدتها للمعارضة, باسقاط النظام السوري. للعلم, المعارض اللبواني حضر مؤتمر هرتزيليا الـ 15 في يونيو 2015, كما أرسلت المعارضة وفدا رسميا باسمها, لحضور المؤتمر الـ 16في يونيو 2016, الأمر , الذي يؤكد عمق العلاقة التلاحمية بين المعارضة السورية, والعدو الفاشي الصهيوني, الذي ضمّ هضبة الجولان العربية السورية, ومقترف المذابح اليومية بحق شعبنا الفلسطسني وسارق أرضه.رغم كل ذلك, نقول, لقد عرض النظام السوري مرارا على المعارضة, الجلوس إلى طاولة المفاوضات, وفعلا هذا ما مارسه من سياسات على أرض الواقع, نطلب, أن تلجأ المعارضة لهذا الحل, الذي يحفظ سوريا, ويحقن دماء أبنائها.