[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” لقد ارتبط الشرق الأوسط والعالم العربى بالرئيس دوايت ايزنهاور الذى حدد الاستراتيجبية الأميركية على احتواء التمدد السوفييتى باتجاه المنطقة، وفقا لهذا المبدأ يمكن لأى دولة فى العالم أن تطلب المساعدة الاقتصادية والمسلحة اذا تعرضت للتهديد، مما مكن الإدارات الأميركية المتعاقبة من التدخل فى الشرق الأوسط بكل الوسائل اقتصادية كانت أم عسكرية،”
ـــــــــــــــــــــــــــ
يا للعجب...الآن وبعد هزيمة مشروع الفوضى فى سوريا، وفشل المشروع الأميركي القائم على تمكين جماعات الإسلام السياسى من السيطرة على دول إقليم الشرق الأوسط، ليتحول الى دول فاشلة وتصبح دولا شعوبية وليست دول مؤسسات، الآن تبحث الولايات المتحدة الأميركية عن الخروج الآمن للإرهابيين، بل تبحث لنفسها عن خروج آمن من هذا المستنقع يحفظ لها ماء الوجه، بعد ضربات الفشل المتوالية لسياساتها المتناقضة فى الاقليم، ومن ثم كانت ردة فعل الإدارة الأمريكية تجاه ما سمى "الربيع العربى" متضائلة وضعيفة عجزت على توجية بوصلة الأحداث لصالحها.
فى مصر... فقدت واشنطن التأثير على مجريات الأمور لصالحها، فى سوريا... فشلت فى اجبار الرئيس السوري بشار الأسد على التنحي أو تشكيل اجماع دولى للحرب العسكرية على بلاده بل انتصر الأسد رغم كافة المؤامرات ضده، فى اليمن... وقفت مكتوفة الأيدي، فى ليبيا... أدارت حربا مع الناتو لخلع القذافى والاستيلاء على نفط بلاده، والحصول على مقاولات البناء بعد تخريبها، والآن ما ليبيا الا كنتونات لعصابات داعش وأخواتها، من قبل انفقت ما يربو عن 3 تريليون دولار فضلا عن الخسائر البشرية، فقط من أجل قتل صدام حسين وتدمير جيشه وحضارة بلاد الرافدين، تحت شعارات الحرية والديمقراطية، والنهاية، العراق الآن دولة غير مستقرة تطحنها الحروب الطائفية والعرقية والدينية، فى فلسطين ... ما نجد سوى الفشل الاميركى المتكرر فى حل النزاع الفسطينى الاسرائيلى منذ اتفاقات اوسلو 1993 واحتكار امريكا ورعايتها لعملية السلام ، ولا نحصد الا الفشل الذى يثبت ان واشنطن غير قادرة على أن تمارس دورها كوسيط فعال ونزية وغيرمتحيز لحل الصراع الأطول فى التاريخ.
لقد ارتبط الشرق الأوسط والعالم العربى بالرئيس دوايت ايزنهاور الذى حدد الاستراتيجبية الأميركية على احتواء التمدد السوفييتى باتجاه المنطقة، وفقا لهذا المبدأ يمكن لأى دولة فى العالم أن تطلب المساعدة الاقتصادية والمسلحة اذا تعرضت للتهديد، مما مكن الادارات الأميركية المتعاقبة من التدخل فى الشرق الأوسط بكل الوسائل اقتصادية كانت أم عسكرية، ولكونها تمتلك القوة البحرية والجوية وقاعدة صناعية كبرى، علاوة على نفوذها السياسى الهائل جعلها منفردة بالقوة العظمى الأولى فى العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتى، وحتى الآن لم تجن أميركا سوى الفشل بل الكراهية من شعوب المنطقة، وفقد الثقة بها لعلاقتها المنحازة لإسرائيل مع العون والمدد اللامحدود لهذا الكيان الغاشم، واستخدام حق الفيتو فى مجمل قرارات الأمم المتحدة لصالح اسرائيل على حساب قضية الشعب الفلسطينى المنهك من جبروت وظلم الدولة الصهيونية، بل فشلت فى ايجاد ديمقراطيات حقيقية كما تنادى دائما، وأوجدت ديمقراطيات متوافقة مع مصالحها ومشارعيها فى المنطقة على حساب القيم والأعراف الدولية، لذا من الممكن ان نؤكد ان التدخل الاميركى فى الشرق الاوسط لم يثمر سوى الارهاب والتطرف بل والدمار والفوضى ويؤكد قول العميد الاميركى جيك ماكوس:( ان اى شخص لدية خبرة عسكرية يعلم ان كل أعمالنا فى المنطقة باءت بالفشل، لقد فشلنا لأنه لم يكن لنا استراتيجية، والآن من مصلحة اميركا ان تخرس،ان العملية العسكرية ضد داعش اظهرت للعالم فشل السياسة الأميركية).
لقد انتهى عصر الهيمنة الاميركية ليس فى الاقتصاد فحسب بل فى الشؤون السياسية والعسكرية، وصلت الى حد الافلاس لأن واقعا جيوسياسيا جديدا يجبرهاعلى تخفيض النفقات العسكرية وسحب معظم قواتها المنتشرة فى دول العالم، وبدأت بأفغانستان...... العالم الآن يسير نحو عالم متعدد الأقطاب وقوى اقتصادية جديدة، علاوة أن الحكومات المحلية وتحت ضغط الرأى العام ملزمة أن تستجيب لمطالب مواطنيها والعمل على نحو مستقل بعيدا عن محاولات القوى العظمى فرض إرادتها.
أوباما يختتم عهده معلنا نهاية عصر هيمنة بلاده على العالم معترفا أن هناك حدودا لم تستطيع الولايات المتحدة فعله دعما للديمقراطية عكس ما كان يقوله فى2011 .. بل وأيام قلائل ويتولى خلفه ترامب مقاليد الحكم معلنا وبكل وضوح فك الارتباط الاستراتيجى مع إقليم الشرق الأوسط ، وتركه لحاله بعض الوقت ـ على الأقل ـ واذا أرادت أى دولة المساعدة فعليها دفع الثمن باهظا، وبصراحة يعلن ليس لنا الآن حلفاء حقيقيون فى الشرق الاوسط، مؤكدا أن الهدف الوحيد لاميركا فى المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية، منع اى قوة وحيدة من السيطرة على النفط الخليجى ... الان انتهى عصر النفط والمصالح والمشاريع ومعها الهيمنة الأميركية. وعلى دول الإقليم أن تعى تماما أن مصدر قوة الدولة تنبع من قوة ورضا شعبها من هنا تستطيع القيادة السياسية الهيمنة على قرارها ومدنها وقراها.

فوزى رمضان
كاتب صحفى مصرى
[email protected]