على المرء قراءة الخبر أعلاه (وملخصه زرع المحيط بآلاف طواحين الهواء Mill Farms التي تنتج الكهرباء من قوة الريح) على خلفية إعلان الإدارة الأميركية القائمة اليوم أن الولايات المتحدة قد بلغت مرحلة الاكتفاء الذاتي من الطاقة المنتجة محليًّا. ولا يدري المرء، بدقة، ما دوافع الإقدام على المشروع المكلف والعملاق أعلاه، إن كانت أميركا بلا حاجة حقيقية لاستيراد المواد المنتجة للطاقة (النفط، خاصة).

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أ.د. محمد الدعمي[/author]

لفت انتباهي خبر مفاده قيام الولايات المتحدة الأميركية بتأسيس "مزارع ريح"، Wind Farms نوع Off-shore، أي خارج الجرف القاري، في المحيط الأطلسي الذي يطل عليه شمالها الشرقي المكتظ بالسكان، والمعروف بـ"إنجلترا الجديدة".
أما أسباب أهمية الخبر، فهي: (1) أنه يعكس "فوبيا الطاقة" عبر العالم، وهي الفوبيا التي يمكن أن تستحيل إلى شكل من أشكال العبودية، وأقصد بذلك "عبودية النفط"؛ و(2) أنه يعكس مدى جبروت الدول التي تمتلك النفط، وهو الجبروت الذي عبرت عنه حكومات هذه الدول (العربية خاصة) أثناء حرب 1973، رافعة شعار (النفط كسلاح في المعركة)، ذلك الشعار الذي تجلت آثاره على العالم الغربي على نحو مخيف آنذاك.
من منظور أول، على المرء قراءة الخبر أعلاه (وملخصه زرع المحيط بآلاف طواحين الهواء Mill Farms التي تنتج الكهرباء من قوة الريح) على خلفية إعلان الإدارة الأميركية القائمة اليوم أن الولايات المتحدة قد بلغت مرحلة الاكتفاء الذاتي من الطاقة المنتجة محليًّا. ولا يدري المرء، بدقة، ما دوافع الإقدام على المشروع المكلف والعملاق أعلاه، إن كانت أميركا بلا حاجة حقيقية لاستيراد المواد المنتجة للطاقة (النفط، خاصة). هل تعاني أميركا من فوبيا النفط، ومن فوبيا "عبودية الحاجة إلى النفط"؟
ومن منظور ثانٍ، منظور موازٍ، لا بد للمرء أن يرصد هذا الخبر المهم على خلفية حقيقة مفادها هو أن دولنا، عبر المشرق العربي، إنما تكمن على أكبر خزانات النفط الطبيعية عبر العالم! بمعنى أنها تمتلك من جبروت فرض الإرادة ما لا يمكن للدول الفقيرة بالطاقة أن تحظى به عبر عالم تعصف به الصراعات والسباقات نحو مصادر الطاقة، خاصة بعد أن قام الرئيس الأميركي المنتخب "بتسليع" الحماية العسكرية الأميركية للدول الحليفة والصديقة لواشنطن، بمعنى مطالبته بمقابل مادي نقدي حيال خدمات نشر القوات المسلحة الأميركية عبر قارات العالم بدعوى "حماية" أو "الدفاع" عن الدول الحليفة لها، ككوريا الجنوبية ودول حلف شمال الأطلسي واليابان.
وخلاصة القول هي إن علينا، عربًا، عبر الخليج العربي، أن نستذكر حقيقة امتلاكنا سلاحًا فتاكًا، ليس لإيذاء الآخرين، بقدر ما هو القوة التي تعاوننا على فرض إرادة قومية وإنسانية محلية على عالم تعامى بسبب حرصه على امتلاك مصادر النفط وأسباب صناعة الطاقة.