[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
وقف إطلاق النار أو وقف الأعمال الحربية كما سمي، فيه كم من الأسرار، وهو اختراع روسي بموافقة تركية كي لا نقول بتوافق روسي تركي. لكنه خروج عن المألوف، فلا هو تنسيق مع الأميركي، ولا هو عودة لجواب العرب عنه الذين قالوا إنهم سمعوا به من الإعلام. في كل الأحوال، المسألة لا تتعدى الهدنة، استراحة حرب من أجل راحة مقاتل، وإعادة القراءة بالسياسة ما فعلته الحرب وخصوصا في فصلها الأخير على حلب .
تناهى إلى أسماعي أمس الجمعة وعند كتابة المقال، أن هنالك التزاما بوقف النار وإن شابته بعض الخروقات، كل الجيوش تتوقع حدوث ما حدث، فعندما لا تنتهي الحرب تماما، وعندما لا تتحقق غاياتها، يظل الباب مفتوحا إلى مخربين للهدنات، سواء أفرادا أو جماعات، فكيف بهذه الحرب على سوريا وهي تطوي أعواما وراء أعوام، وما زالت جائعة في ظل المزيد .
لا يراهن الرئيس بوتين على مجرد وقف النار فقط، هنالك جملة ترابط مع هذا القرار أو الاتفاق. فروسيا الداعمة لسوريا يمكنها ضمان موقف هذا الحليف صاحب المصلحة أولا وآخرا في الاتفاق، وهنالك تركيا التي تضمن التنظيمات المسلحة الإرهابية، يمكنها أيضا أن تلزمهم حتى ولو بصوت خافت. لكن الجميع يعيد إملاء خزائن بنادقه ومدافعه وآلياته بالرصاص والقذائف، فالكل يعرف أن الطرف الآخر يفعلها، وأن الأوامر التي أتته لا تقول بانتهاء الحرب، بل بوقف مرحلي لامتصاص نتائج معارك حلب والتغيير الاستراتيجي الذي أحدثته .. ثم التفكر بخيارات ما سوف يكون، فإلى أين سيتحرك الروسي والسوري والإيراني والحلفاء، على الرغم من أن الاتفاق ينص على انسحاب حزب الله والإيراني من سوريا..؟ هل يتحقق هذا الشرط؟ لا نعتقد .. هل تدمر هي الوجهة، أم ريف حلب ومن ثم إدلب أو العكس؟ هنالك وضوح في المواقع التي يفترض لها أن تكون مسرح العمليات المقبلة .
واضح أن الرئيس بوتين أيضا، يتحرك في الأيام الميتة لما تبقى منها للرئيس الأميركي أوباما .. لكأنما يمهد الطريق إلى مرحلة ترامب الذي لا يخبئ إعجابه بالرئيس الروسي، وربما يؤازره في فعلته التي صنعها للمراجعة أولا وثانيا لصدق النوايا، وثالثا لإثبات القدرة على التحكم الروسي بتفاصيل ما يجري في سوريا، ورابعا لوضع الأطراف السورية المعارضة أمام أمر واقع، فإن ثبت الذهاب إلى الحوار في أستانا بكازاخستان، يكون قد وضع اللبنة الأولى في التفاهم، وهو يعرف أن متغيرات طرأت على تفكير تلك المعارضات بعدما رأت أن وجودها أو عدمه سيان، فهي بالتالي تريد بأي شكل من الأشكال العودة إلى دور لن يحققه لها سوى الروسي الذكي القادر على التلاعب بالسياسة مثل قدرته العسكرية وأكثر، . وبالتالي التلويح لها بأنها فرصتها الأخيرة في إثبات وجودها وإلا عليها أن تنسى أن لها دورا في المستقبل .
لا شك أن الرئيس بوتين يزيد كل يوم من رصيد إمساكه بالحلين العسكري والسياسي للحرب على سوريا، ففي المجال الأول، أثبت فعالية هائلة وتغييرا لوجستيا، وفي المجال الثاني أثبت مهارة فائقة في أن يكون سيد اللعبة بكافة تفاصيلها ومداخلها ومخارجها. وعليه، على كل من وضع يده في تلك الحرب، أن يعرف هذا الأمر، وفي الطليعة تلك المعارضات التي ذهب بها الروسي إلى النوم، ثم ها هو يعيدها إلى اليقظة .