تعد الكهرباء والمياه أهم أدوات التنمية المستدامة، ومنذ بداية عصر النهضة أولت حكومة السلطنة قطاعي الكهرباء والمياه عناية كبيرة باعتبارهما من أهم شرايين التنمية التي تعتمد عليها جميع القطاعات الأخرى، فمنذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في العام 1970م، شهدت السلطنة تطورًا مطردًا في تنمية شبكتي المياه والكهرباء. فبعد أن كانت الطاقة الإنتاجية للكهرباء لا تزيد على 2 ميجاوات قبل عام 1970، وصلت إلى آلاف الميجاوات تغطي جميع محافظات السلطنة، حيث تنتشر العديد من محطات توليد الكهرباء، كما أن شبكات نقل وتوزيع الكهرباء تصل لجميع طالبيها أينما كانوا على امتداد جغرافية السلطنة، وسط سعي دؤوب إلى إضافة العديد من السعات الإنتاجية وذلك لمواكبة النمو والتطور الذي تشهده السلطنة، ولتلبية جميع الاحتياجات من الطاقة الكهربائية، ومن المياه.
فالتوجه الطموح نحو تنويع مصادر الدخل الذي تأخذ الخطة الخمسية التاسعة تسريع إجراءاته، يحتاج لأن تعم الكهرباء والمياه كافة ربوع السلطنة، فبدونهما لا توجد تنمية حقيقية، لذا نجد الهيئة العامة للكهرباء والمياه حريصة على تطوير الاستراتيجيات والخطط الرئيسية لضمان تنفيذ رؤيتها الطموحة الرامية إلى الحرص على توفير مياه صالحة للشرب عالية الجودة وبصفة مستدامة، وخدمات طاقة لكافة المقيمين على أرض السلطنة، وذلك عبر استراتيجية تسعى إلى تغطية 98 بالمائة من السكان في السلطنة بحلول 2040 م، وفقًا لمنظومة متكاملة من القيم التي تسير عليها والتطوير المستمر في الخدمات المقدمة، لتكون مؤسسة من الطراز العالمي، وتركز على خدمات المشتركين، وتحقيق كفاءة تشغيلية عالية وتطوير الموارد البشرية.
ولتحقيق الرؤية الطموحة للسلطنة استحدثت الهيئة (12) استراتيجية، هي: استراتيجية الموارد البشرية، واستراتيجية خدمات المشتركين، واستراتيجية التشغيل والصيانة، واستراتيجية فاقد المياه، واستراتيجية جودة المياه، واستراتيجية التخطيط وتنفيذ المشاريع، واستراتيجية الكفاءة التشغيلية، واستراتيجية تقنية المعلومات والاتصالات، واستراتيجية الاستجابة للطوارئ، واستراتيجية الجودة، واستراتيجية السلامة والصحة البيئية، واستراتيجية المشتريات والعقود، جميعها تصب في رسم السياسات العامة للقطاع، وتتولى حماية مصالح أصحاب المصلحة الثلاثة وهم مشتركو الخدمة والشركات التي تقدم الخدمة والحكومة.
ففي قطاع المياه تعمل الهيئة على تنفيذ كافة العمليات التنظيمية والتشغيلية والتطويرية في القطاع، حيث تمتلك مجموعة كبيرة من المشاريع المنفذة والجاري تنفيذها، سواء كانت مشاريع خطوط نقل المياه أو مشاريع شبكات توزيع وتخزين المياه، وهي مشاريع تسعى في مجملها إلى رفد قطاع المياه باحتياجاته التي تتواكب مع خطط التنمية المستدامة في كافة ربوع السلطنة، حيث بلغ مجموع التكلفة لكافة مشاريع خطوط النقل وشبكات التوزيع المياه لكافة محافظات السلطنة حوالي مليار و(9ر388) مليون ريال عماني، وهي مشاريع تضمن استهلاك المياه الحالي، وتراعي توقعات الطلب المستقبلي وفق خطط التنمية الحكومية، وتقوم الهيئة بشكل دوري بمراجعة الاحتياجات المائية بالمناطق التي تقع ضمن اختصاصات الهيئة، وذلك بالتنسيق مع الشركة العمانية لشراء الطاقة والمياه، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المياه الجوفية المستخرجة من الآبار، كما أن هناك العديد من المشاريع لإنشاء محطات تحلية المياه بكافة مناطق السلطنة.
وبرغم الارتفاع المطرد في نسبة النمو في أعدد المشتركين والذي بلغ 30 بالمئة من عام 2012 إلى 2015 بمعدل سنوي 10 بالمئة، حيث تم توصيل المياه لعدد 281 ألف مشترك منذ عام 2007 بمعدل نمو 166 بالمئة، وهو معدل كبير في النمو، لكنه يتمسك أيضًا بجودة المياه بالشبكات حسب استراتيجية جودة المياه، حيث عملت الهيئة مناطق قياس بجميع محافظات السلطنة في 142 منطقة، وتم تشكيل 20 فريقًا لتتبع التسربات مزودة بالأجهزة والمعدات اللازمة للكشف عن التسريبات، وهي جهود كبيرة تقوم بها الهيئة لتوفير المياه، التي هي بالأساس أهم شرايين الحياة للتنمية المستدامة.