[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
باختصار

زهير ماجد
لم يكن لينسجم فنجان القهوة الصباحي مع صوت فيروز إلا اذا كانت صحيفة " السفير" في اليد ايضا .. لايكون صباح بدون تلك الصحيفة التي عايشناها كلبنانيين أكثر من اربعين سنة، فرحنا معها وبكينا معها، دخلت في نسيج ايامنا فصارت من اساسياته، عندما كانت تغيب يوم الاحد عادة، كنا نضيع، فكيف وهي الآن قد أغلقت صفحاتها الى الابد! ..
كانت حرفية الصحافة اللبنانية سباقة على كل صحف العرب، بل إن مطابعها صارت مطابع لصحف العرب التي عادت واستغنت عنها يوم طاف النفط وجنت اسعاره. بل إن الصحافيين اللبنانيين ساهموا كثيرا في انشاء صحف عربية او التأثير في اعادة الشكل القويم والصحافي اليها. اضافة الى ان لبنان كان خلال الستينات وحتى منتصف السبعينات مركز المال العربي ومكمن السياسات العربية اضافة الى تقدمه في شتى الميادين الاجتماعية والحياتية والعمرانية ومن ثم مصيف العرب ..
اليوم تقف الصحف اللبنانية عارية من اي دعم مالي تقريبا، ولهذا تخبطها المالي، فاضافة الى غياب " السفير"، استغنت جريدة " النهار" التاريخية التي تجاوز عمرها الثمانين عاما عن مائة موظف لديها، وجريدة " المستقبل التابعة لتيار " المستقبل " لم تدفع رواتب موظفيها منذ اكثر من سنة، أما الصحف الاخرى فتعاني المشكلة ذاتها، ويقولون لك ان السبب تراجع الاعلانات إلى درجة صفر تقريبا، والمبيع الى اقل من اثنين بالمئة، فاذا اضفنا توقف المال الآتي من وراء البحار، فلن يكون امام الصحيفة سوى الافلاس.
بالامس توقفت " السفير " اذن، فاصيب المهتمون بهذه الصحيفة بما يشبه النحيب الصامت، لكن الحياة الاعلامية اللبنانية تفجرت فيها علامات الكآبة ولحقت اللعنة النظام والدولة لأنهما غير قادرين على تحمل نفقات صحيفة، فيما لم يتقدم احد او جماعة او مؤسسات مالية لدعمها من جديد واعادة هيكلتها. البعض يقولون ان غيابها قد يفرح كثيرين لبنانيا وعربيا ودوليا لأنها تمثل فكر المقاومة والممانعة والعروبة وتنحاز الى سوريا الدولة والنظام.
اكثر من اربعين عاما هوت اذن، صار صوت فيروز بلا معنى مع انه يجمل صباحنا .. بل صار النظر الى اكشاك الصحف التي تملأ مثلا شارع الحمرا ببيروت لاقيمة له لعدم وجودها في طليعة الصحف الموجودة .. فمن نرثي، حالنا ام الصحيفة، ونحن واياهاعقدنا اتفاق علاقة حميمة لم تتبدل خلال العقود الاربعة ونحن من جهتنا لم نخن تلك العلاقة ..
في بلد الصحافة العربية وفي اساسها، انهارت ابرزها والأخرى على الطريق، لايعني معاناتها المالية سوى انها مريضة، وكلما ساء الحل ازداد المرض الذي سيؤدي حتما الى الوفاة اي الاغلاق رغم المكابرة.