ميساء بنت خميس الشبلية باحثة علاقات دولية مجلس الشورى

”وإذا كان العالم لا يمكن أن يخلو من النزاعات والمشاكل بحكم تضارب المصالح فإننا نعتقد جازمين أن بناء الثقة بين الشعوب، وتأكيد أواصر الصداقة مع الدول، والعمل على تحقيق المصالح المشتركة، ومراعاة الشرعية الدولية، والالتزام بالمعاهدات والقوانين. كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التفاهم الواعي، والتعاون البناء، من أجل انتصار الأمن والسلام، وشيوع الطمأنينة والرخاء” ـ من خطاب جلالة السلطان المعظم في العيد الوطني السابع والعشرين بتاريخ 18نوفمبر1997م.
عند تصاعد الأزمات بالعالم على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي، واستمرارية الاضطرابات والمخاوف. هنا تنبع الحاجة إلى العمل على كافة المستويات لتوسعة مساحة التعاون وتكثيف الجهود بتوطيد العلاقات بين الشعوب وتعزيز ظهور نوع آخر من الدبلوماسية وهي الدبلوماسية البرلمانية. حيث بتوسع الديمقراطيات الحديثة وانفتاح البرلمانات على جميع الأقاليم، والتواصل الخارجي للبرلمانيين مع نظرائهم من البرلمانات الأخرى، أدى إلى النهوض بالعمل البرلماني وزيادة حيويته في مجال العلاقات الخارجية والقيام بأدوار واسعة في مجال العمل الدبلوماسي، فالدبلوماسية البرلمانية اليوم تتصدر قائمة مختلف أصناف الدبلوماسية لكونها تمارس من قبل البرلمانيين باعتبارهم يمثلون الإرادة الشعبية واستقلاليتهم وإمكانياتهم في التحرك بحرية الذي يسهّل عملية التواصل فيما بينهم وتبادل وجهات النظر بعيداً عن الرسميات والترتيبات البروتوكولية, كذلك الحاجة الماسة لوجود روافد تدعم الدبلوماسية الرسمية في تعزيز علاقاتها الثنائية ومتعددة الأطراف بين الدول.
ومن جانب آخر تعد الدبلوماسية البرلمانيةالجانب الآخر للدبلوماسية الرسمية، وبالرغم من أنها لم تدرس على نطاق واسع حتى الآن، فقد أصبحت أدوارها في تزايد مستمر من خلال نشاط البرلمانات في الشؤون الخارجية وقضايا العلاقات الدولية, ولم تعد هذه الممارسات ذات اختصاص حصري لوزارات الخارجية والوزراءالمعينين، حيث يعتبر هذا الشكل من الدبلوماسية أحدى الأدوات الرئيسية لتطوير وتعزيز العلاقات الدولية بين الدول, وعلى اعتبار أن البرلمانات تعالج العديد من القضايا المعقدة والمتنوعة والتي قد ترتبط في أحيانا كثيرة بالقضاياالخارجية.
ولفهمٍ أوضح لهذا النوع من الدبلوماسية يمكن شموليته في عدد من المفاهيم من بينها أنها وسيلة لترقية مجالات تبادل الآراء وتنسيق الأنشطة، وأداة لدفع التعاون بين الأمم من خلال أعضاء البرلمان، وذلك بتوضيح موقف بلدانهم في مختلف القضايا سواء ذات الطابع الوطني أو الإقليمي أو الدولي. كما وصفت بأنها مجموعة المناقشات التي يتم خلالها اتخاذ القرارات في إطار المنظمات الدولية بغرض الوصول إلى حلول للمشاكل الدبلوماسية، وهي أيضا نمط خاص للدبلوماسية الجماعية المفتوحة حيث تتخذ من المنظمات الدولية والاقليمية مسرحاً لها ومثال على ذلك، الاتحاد البرلماني الدولي واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والجمعية البرلمانية الآسيوية والاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي وغيرها... يتبع.