[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
سعود بن علي الحارثي
*[email protected]


تجري الأيام والشهور وبين يديها ومن خلفها وأمامها تعبر الدقائق والساعات فلا نشعر في غمرة الحياة ومشاغلها الكثيرة وآمالها المتجددة ومغرياتها الآسرة بمرورها المتواصل، ولا نحس بأن العمر يخسر أجزاء من الزمن المحدد للإنسان بأقل من الثانية لا يزيد ولا ينقص شيئا - لا نحس - بذلك إلا بعد انقضاء عام ودخول آخر، هذه هي حكمة الأعوام وفلسفتها، إنها المقياس الحقيقي لحياة الإنسان والتاريخ المعتمد لربط الأحداث بزمن وقوعها، إذ يشكل العام صفحة من الصفحات التاريخية التي تؤرخ لأمة من الأمم وأحداثها، فنقول نالت الدولة استقلالها واندلعت الحرب الأهلية وحدث الفيضان ودخلت القوات الاستعمارية وسقطت الحضارة وأعدم البطل الشهيد واكتشف الدواء وصنعت أول طائرة أو سيارة أو هاتف وتوفي الشاعر والمفكر والعالم أو ولدوا في العام ... ونتغافل عن الساعات والأيام والأشهر لأنها تضيع من الذاكرة أو لأنها ترتبط بالتفاصيل والإنسان يمل التفاصيل فلا نعيرها كثير اهتمام عندما نؤرخ للأحداث الجسام ... نودع العام ونستقبل الآخر وفي اللحظة الفاصلة بين هذا وذاك ننتبه إلى أننا تخطينا مرحلة الطفولة أو الشباب أو أن الشيخوخة قد طالت وقد مللنا الحياة، ولكن هل يمل الإنسان الحياة حقا وهو الشغوف المحب المتشبث بها الخائف القلق دائما من الموت ؟ وهل يمكن أن يصل المطاف بالإنسان أو يبلغ من العمر درجة قد يمل فيها الحياة ويتمنى الموت ؟ ولكن وفي المقابل أو ليست الشيخوخة أو الكهولة التي طال العمر بمن دخل مرحلتها ونسيه الموت، ففقد الصحاب والأقران والأحبة، وتغير المكان والزمان عليه، وتيقن بأن الأبناء والأحفاد قد ملوا وكلوا من عنايته ومتابعته وملاحظته، جميعها أسباب تدفع بالإنسان إلى الملل من الحياة ؟ أو لم تحفظ الأعوام البيت المأثور الذي ردده شاعر الخير وداعية السلام زهير بن أبي سلمى، والذي أعاد تكراره من بعده ملايين الناس السائمين من الحياة (سئمت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا لا أبا لك يسأم) .. تتحرك الأعوام وتتقافز بتحركها الأرقام وتتبدل الملامح والوجوه والمشاعر والاهتمامات وتثار الأسئلة المرتبطة بذلك التحرك، في أي عام كانت الولادة؟ متى أبصرت العينان نور الحياة ؟ وفي أي عام أصبحنا؟ كم مضى على ذلك العام؟ كيف وصلنا إلى هذا العمر المتقدم ؟ بالأمس كنا نلعب مع الأقران واليوم وفي لمحة البصر أصبحنا شيوخا ؟ لماذا نظهر علامات التعجب والاستغراب، أو ليست الأعوام من يقودنا بسرعة غير متوقعة نحو النهايات ؟ يحمل العام معه أحداث سعيدة للبعض والأحزان والكوارث للبعض الآخر، يحمل العام وجهان نقول عن الأول الوجه القبيح للحياة ونطلق على الآخر الوجه المشرق والجميل .. تحمل الأعوام معها العبر والدروس، والإنسان اليقظ هو من يعتبر بحركة الأعوام ويدرك بأن العمر قصير والخير كل الخير أن ينشغل بأعمال الخير .