يقدمها أحمد الحنشي ويديرها إبراهيم سعيد

مسقط ـ "الوطن" :
يقيم مختبر السرديات العماني في السابعة من مساء اليوم الإثنين في النادي الثقافي حلقة نقاشية حول رواية "نارنجة" للروائية جوخة الحارثية ويقدمها الدكتور أحمد الحنشي استاذ مساعد بقسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس ويدير الحوار الشاعر إبراهيم سعيد.
رواية "نارنجة" هو العمل الفائز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في فرع الآداب عن مجال الرواية والذي نالت عليه الكاتبة وسام الاستحاق للثقافة والعلوم والفنون والآداب.
ورواية "نارنجة"، هي الرواية الثالثة لجوخة الحارثية والكتاب العاشر لها ، صدرت عن دار الآداب ببيروت في 2016، يستحضر الصوت السارد في الرواية: زهور، الذكريات عن جدتها، الجدة هنا بطلة رئيسة تظل على مدار السرد من دون اسم خاص بها هي "بنت عامر" فقط. لا يعرف القارئ اسم الجدة، ولا اسم البلدة التي عاشت فيها، وهذا التغييب يبدو معماراً أساسياً في البناء السردي للرواية. تستمد الرواية عنوانها من الترميز في الربط بين شجرة النارنج التي زرعتها الجدة في الحوش، وانطفاء الشجرة بعد رحيل الجدة. تتبع الرواية حياة البطلة، بنت عامر، منذ أن كانت طفلة ولدت في عمان في أعقاب الحرب العالمية الأولى، مع إحدى موجات الغلاء والجفاف، إلى طردها من البيت مع أخيها من شدة الفقر، والأعمال الشاقة التي قامت بها لسد الرمق، ومن ثم انتقالها إلى بيت أحد أقربائها، بدعوة منه، وحياتها في ذلك البيت التي امتدت لأربعين عاما. تحكي زهور "الحفيدة" عن حياة الجدة: ففي الوقت الذي تغوص قدما "بنت عامر" في تراب البيت لتزرع أشجاره، وتعجن الطحين وتفرك جسد الطفل منصور بالليفة، كانت الثريا الأم الحقيقية لمنصور ترتفع عن الأرض وتغوص في صلواتها وعالمها السماوي. بالتوازي مع حكاية الجدة، هناك قصة زهور وأصدقائها في الغرب. عالم مختلف فيه أشخاص مختلفون: كحل وعمران وسرور، عالم بعيد لكنه مثل أي مكان آخر على وجه الأرض فيه الصراع الطبقي الذي لا يعرف الرحمة. ترتبط زهور بصداقة مع الفتاة الباكستانية سرور وأختها كحل التي تقع في غرام عمران. تنتمي سرور وكحل إلى طبقة اجتماعية ثرية، فيما عمران الذي تتزوجه كحل سراً فلاح فقير باع والده قطعة أرض كي يكمل ابنه دراسة الطب في لندن. وهكذا، في غربتها في بلاد الثلج تستعيد زهور أحلام جدتها العذراء التي لم تتحقق قط. وهناك يجمعها القدر بسرور وأختها كحل وزوجها عمران الهارب من حقله في باكستان، يشكلون معا مثلثا غامضا تغذيه ذكرى الجدة التي لم تملك حقلها، حائمين حول السؤال الأزلي: هل من علاج للحزن؟
ويرى الأستاذ الدكتور محمد القاضي أستاذ والباحث في السرديات (عضو لجنة تحكيم مجال الرواية في جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، أن "نارنجة" رواية آسرة، وردت على لسان زهور الطالبة التي تدرس في لندن وتعيش تداخلا بين حاضرها وماضيها، يشفّ عن عالم نفسي ثري ومتداخل. وبناء الرواية لا ينهض على التعاقب ولا على التسلسل، وإنما تتوالى فيه شذرات تبدو متباعدة، ولكن خيطا متينا خفيا يشدّ بعضها إلى بعض، ويكثّف من درامية الحدث، وتشظّي الذات. لقد توخّت جوخة الحارثية كتابة حديثة بأتم معنى الكلمة، يتعايش فيها السرد والشعر والتاريخ والسيرة الذاتية والتخييل. ورغم حضور ضمير المتكلم، وهيمنة العوالم الباطنية، فإن الرواية ظلت غير منفصلة عن الهم العامّ، ولكن دون أن تقع في فخاخ التصريح والمباشرة. فبدت أغنية للمحرومين الذين ينطوون داخل شرنقة أحلامهم، وفي نفس الوقت ملحمة للمهمشين الذين يعيشون ويموتون في أقاصي العزلة الروحية. إنها رواية شاعرية، تراجيدية، ملحمية، فيها بحث وتقصّ وطرافة، وفيها حساسية مفرطة وقدرة فائقة على القصّ الذي يمسك بالقارئ فلا يترك له متنفّسا حتى يبلغ النهاية.