- يهدف إلى تطوير قدرات الصم وتمكين المجتمع من التواصل معهم
- سلطان العامري: المعهد حلم قديم إلتقت فيه أفكارنا لتأسيس هذا المشروع بمسؤولية مهنية
- سعيد البداعي: خطة لوضع برنامج لطلبة الدبلوم العام للالتحاق بالكليات والجامعات والإرتقاء بلغة الاشارة والترجمة

زارتهم ـ جميلة الجهورية:
التحديات التي يواجهها "الصم" في المجتمع كانت البوابة للحلم الذي جمع سلطان العامري رئيس الجمعية العمانية لذوي الاعاقة السمعية، والناشط الاجتماعي سعيد البداعي مترجم لغة الاشارة، وذلك في تأسيس مشروع معهد تدريبي متخصص لتعليم لغة الاشارة والترجمة والذين عملا مع بعض بإرادة الأصم "سلطان" وطموح الناطق "سعيد" عندما جمعهما همٌّ واحد وهو تطوير امكانيات الصم وتنمية قدراتهم وخبراتهم وتمكين افراد المجتمع من التواصل مع هذه الفئة بمهنية مسؤولة .
"الوطن" زارت المعهد والتقت بـ "سلطان العامري وسعيد البداعي" مؤسسي المشروع وتعرفت على قصته وأهدافه، حيث يعد هذا المشروع أول معهد متخصص في تعليم لغة الاشارة والترجمة بالسلطنة ومقره محافظة مسقط.
برنامج خاص لطلبة الدبلوم العام
خلال جولة "الوطن" بالمعهد الذي صممه عدد من الصم وشاركوا في تجهيزه اوضح سعيد البداعي الذي لعب دور المترجم طوال الزيارة إلى مرافق المعهد الذي يتكون من مجموعة من القاعات التدريبية والأقسام الادارية، كقسم التمويل والتسويق وقال: لدينا ثلاث قاعات تدريب واحدة للطالبات وأخرى تخصصية وقاعة الاجتماعات ومكاتب المدربين والمكتبة التي تضم كتباً خاصة بذوي الاعاقة السمعية ومهارات التواصل ولغة الاشارة وقواميس باللغة العربية والاجنبية وهي كتب نادرة جداً ناهيك عن تزويدها بأجهزة الحواسيب، في حين يقوم قسم التسويق والتمويل على تنفيذ البرامج مع الجهات المختلفة الخاصة والحكومية، وهناك مساعٍ إلى ابتكار بعض البرامج والتي تستهدف الصم وأخرى خاصة بالسامعين وهذه البرامج تختلف عن بعضها، حيث ان البرامج الخاصة بالصم حرفية مهنية ويكون الصم اكثر قدرة على التعامل مع الاشياء الفنية والحرفية، وتهتم بتأهيل الصم للدخول في الدراسات العليا، وتأهيلهم من حيث الاعداد للغة، ويشير إلى أنه لا يوجد بالسلطنة فرص كافية لاعداد الصم للحصول على الدراسات العليا والدخول في الجامعات، وقال: هناك صعوبة مع اختبارات "الفاونديشن"، وخطتنا وضع برنامج خاص لطلبة الدبلوم العام للالتحاق بالكليات، كما يعاني الصم في حال سفرهم للخارج من صعوبة اللغة الانجليزية، ولدينا افكار لتأسيس الاصم للارتقاء بإنجليزيته، التي هي اساس الدراسة في بعض الكليات والجامعات وهو موضوع سيكون ان شاء الله بالتنسيق مع وزارة القوى العاملة لإعطاء الموافقة للعمل في هذا الجانب.
ويضيف: كما أن هناك تنسيقاً مع وزارة التعليم العالي من خلال الجمعية العمانية للاعاقة السمعية وهناك تواصل ولقاءات لتنظيم العمل حول ما يتعلق بتعليم الصم محلياً أو خارجياً.
قصة الحلم
وبعد جولة داخل أقسام المعهد يروي سلطان العامري مدير المعهد قصة تأسيس المعهد يقول: قصتننا بدأت منذ عدة سنوات إلا أنها لم تكن الرؤية فيها واضحة بالنسبة لنا بمعنى كانت لا تزال حلم والصم لا يزال يعيش في حالة ظلام، والحكومة لديها الكثير ويمكنها ان تدعم الصم لكن كيف يمكن ان تدعمها بلغة الاشارة وتطوير "السامعين" حتى يدعموا الصم ليتساوى في المجتمع فكان الحلم أمام سؤال كيف يمكننا السعي لذلك والاستفادة من الامكانيات الموجودة؟!. ويضيف: حيث لم تكن هناك افكار لتطوير الاصم في المجتمع وكانت أمامنا مشكلة اخرى وهي قلة المترجمين في الوقت الذي لدى الصم الكثير من المطالبات والكثير من الطموحات لتطوير امكانياتهم.
وقال: فبعد زواجي كنت اشارك زوجتي هذه الافكار وهي من فئة الصم فتولدت لدي الفكرة لإقامة هذا المعهد، ولذلك ساندتني بقوة لإنشاء شيء خاص بالصم ويكون حياة جديدة ومختلفة لهم، يستطيعون منه التواصل بسهولة مع المجتمع، ولذلك بحثت كثيرا لان هناك اشياء كثيرة بداخلي والتي ارغب تحقيقها سواء في العمل او في الشارع او السوق والحياة ومع اصدقائي قياساً على معاناتي، فعندما كنت اسافر لا يكون لدي تواصل جيد مع الآخرين واجد صعوبة ولذلك حاولت كثيرا وبجدية للخروج بشيء يخدم الصم، حتى أن جلست مع سعيد البداعي وسألته حول مدى انشاء معهد تدريبي، فتفاجأ بالفكرة، وقال اني افكر في ذات الموضوع لدعم الصم، وان يكون لدينا مكان لتأهيل أفراد المجتمع، لتلتقي افكارنا، عندما كانت مختلفة وبعيدة عن بعضها، ولكن مع التقائنا ووضع كل واحد فينا فكرته كانت الافكار متجانسة ومتوافقة ليكون هذا المعهد جزء من السامع "سعيد" والاصم "سلطان" ولذلك كان ادماج الصم كمثال في هذا المعهد و لاننا نثق ببعض جدا إتفقنا وبدأنا في انشاء المشروع ودمجنا برامجنا وأهدافنا بحيث ندعم الاثنين "الاصم والسامع"، وبدأنا في التحرك في المشروع عام 2014م بشكلٍ فعلي والذي معه بدأنا بوضع الخطط والافكار، وسعينا للجهات الحكومية، وفي عام 2015 بدأنا بتسجيل الاجراءات الى ان حصلنا على الموافقة في 5 مايو 2015م، من وزارة القوى العاملة والآن نحن 2017 والحلم اصبح رائع جداً.
وفيما يتعلق بالتحديات وصعوبات المشروع يقول سلطان العامري: منذ بداية المشروع حتى انشائه كانت تتمثل في طول الاجراءات والتي اخذت اكثر من عام للحصول فقط على التصريح، أضف الى بعض الشروط والتي هي في الحقيقة منطقية والتي تتعلق بمكان المبنى ومواصفاته وتقسيماته.
وأوضح العامري: ان الجميع لا يعرف لغة الاشارة بشكل صحيح، وسيكون هذا المعهد المنارة الاولى بالسلطنة لتخريج شباب وفتيات سامعين وبشهادات معتمدة .
خمسة مستويات
ويواصل العامري قائلاً: إنه ومع افتتاح المعهد تم نفيذ اكثر من ستة دورات تدريبية واستهدفت الجميع بشكل عام لكن بالتفصيل الشركات والهيئات ومنها فئات من الجهات الحكومية، كذلك الأسر والمجتمع.
وقال: انهم يركزون على الفئات التي تكون في الواجهات سواء في مواقع الاستقبال، أو في مراكز الخدمات بالشرطة وغيرها من الجهات والافراد الذين لهم علاقة مباشرة بالتواصل مع العملاء والعلاقات العامة، كذلك المستشفيات، حيث نستهدف هؤلاء الموظفين حتى نمكنهم من التواصل مع فئات الصم.
وعن مدى الاقبال من الجهات وترشيح موظفيها، يشير إلى أن هناك إقبالاً كبيراً وترشيحات، وقال: ونحن من جهتنا نعلمهم الابواب المختصة بمساقات التدريب وعوائدها على المواظفين، سواء كانوا في القطاع الصحي او غيره من القطاعات، حيث لدينا القاموس بلغة الاشارة.
واكد ان لكل قطاع قاموسه اللغوي المرتبط بخدماته وقال: نحن دائماً عندما نبدأ نقدم الاساسيات للمتدربين حتى تكون البوابة الاساسية للتواصل مع الصم كلغة عامة، ثانياً يبدأ بالتخصص وذلك كل في مجاله، سواء في الصحة او الشرطة وغيرها من القطاعات حتى الباب الديني، حيث لدينا باب لكل قطاع في القواميس التي نعلمها في المعهد والتي من خلالها يمكن المتدربين من ترجمة سواء المحاضرات الدينية أو الصحية أو الاجتماعية، وتقديم خدماتهم بكل سهولة ويسر سواء في المستشفيات أو المجتمع أو مراكز تقديم الخدمات للمواطنين.
واوضح ان الدورات مدتها 25 ساعة في اساسيات التواصل لتعلم اللغة للمستوى الاول، أما على باقي مستويات التدريب الاربعة الاخرى فمدة كل مستوى اربعين ساعة حتى يصل لمرحلة الدراسة خارج السلطنة لتعلم الثقافات بلغة الاشارة و التي يعقبها اجراء مقابلات لهم ودورات تدريبية مع الصم لتجسير مرحلة التواصل مع اللغة والحفاظ عليها، وهو ما يسعى له المعهد وهو الوصول لمرحلة انتاج ما بعد الدورات، مشيراً ان لكل متدريب مطلق الحرية لاستكمال مراحل التدريب ومستويات تعلم اللغة الا انه لابد له من التواصل والحوار، مما يؤهل أيضاً المتدربين للعضوية في الجمعية العمانية للاعاقة السمعية ومتفاعل وموجود وبين العامري ان المعهد لديه عقد مع الجمعية، ولدينا اعضاء من مخرجات المعهد، وعن البرامج المستهدفة للصم، اكد ان المعهد يستهدف الصم تعليماً وتثقيفاً وتدريباً ومعرفياً.
ويعود ويؤكد سلطان العامري المعهد يتواصل حالياً بعمل بعض العقود مع خبراء أميركيين من خارج السلطنة لتعليم الصم تخصصات في مختلف المجالات، حيث ستكون برامج التدريب من أصم لأصم، ومن ثم يقوم هؤلاء الخبراء بتدريب الصم ليكونوا مدربين ومؤهلين بالسلطنة.
برامج وشهادات معتمدة
من جانبه اكد سعيد البداعي ان هناك شهادات معتمدة ستقدم للمتدربين الخريجين وذلك كون المعهد تشرف عليه وزارة القوى العاملة فكل دورة تقام بالمعهد تتم بموافقه من وزارة القوى العاملة، كما ان القائمين في عملية التدريب والتاهيل يخضعوا ايضاً إلى موافقة الجهة المعنية والشهادات الصادرة ايضاً ستخضع لموافقة واعتماد هذه الجهة.
وقال البداعي الناشط في برامج الترجمة ولغة الاشارة حول الجديد في المعهد والشهادات الصادرة: هناك جهات تدرب لغة الاشارة ولكن الشيء المهم جداً ان الشهادة الصادرة من المعهد أن تكون معتمدة من القوى العاملة والتنمية الاجتماعية والجمعية العمانية لذوي الاعاقة السمعية، بحيث ان الشخص المتخرج يستفيد من هذه الشهادة في التوظيف سواء داخل السلطنة او خارجها لانها معتمدة.
وأشار أن المعاهد الآخرى تزود الخريجين بالشهادات ولكن غير رسمية من القوى العاملة، الجهة المعنية بإصدار الشهادات الخاصة بدعم المعاهد، والشهادات ليست بتلك التخصصية، ومعهد تواصل يقدم دورات تخصصية وفق معايير.
وقال: بدأنا بالتواصل والتنسيق مع الاتحاد العالمي للصم للعمل سوياً كذلك المعهد العالمي لمترجمي لغة الاشارة وهناك تعاون وتنسيق بيننا وبين الاتحاد العربي للصم و مع الهيئات كالهيئة العامة لرعاية الصم في الوطن العربي.
وفيما يتعلق بترجمة لغة الاشارة يوضح ان الذي يتخرج من المعهد سيخضع لتقييم من الصم انفسهم في الجمعية العمانية لذوي الاعاقة السمعية وذلك في مرحلة الترجمة وهناك خمس مراحل لإجادة الترجمة والمرحلة الاخيرة تخضع للتقييم وبها كثير من المعلومات والمعارف.
واضاف: كما أن المدربين معتمدين، ونعتمد على المدربين العمانيين، حيث إن لدينا الان في السلطنة حوالي ستة الخبراء بالسلطنة وهذه الكفاءات نستفيد منهم في التدريب في المعهد بالاضافة الى بعض الخبرات التي اهلت الخبرات العمانية ويستفيدوا من الخبرات العربية والخليجية التي بقيت على تواصل مستمر معها.
لغة الاشارة وعالميتها
وعن لغة الاشارة وعالميتها خصوصاً مع ترجمة النصوص الادبية يعلق البداعي: ان المترجم يبذل جهداً كبيراً في النصوص الثقافية لكونها ذات اعماق مختلفة ولذلك المترجم عليه ان يكون ذات قدرات عالية في توصيل المعلومة بلغة الاشارة للاصم، وهذا يعتمد على قدرات وثقافة المترجم والاصم، وما سوف نعمل به في المعهد ، تأهيل المترجمين للوصول الى مستويات عالية جداً، ايضا التدريب لا يقف فقط على السامعين هناك ايضا بعض القدرات والكفاءات العالية من الصم للقيام بعمليات التدريب في المعهد في مرحلة من المراحل .. فالاصم اقدر على ايصال رسالته.
وقال: نحن في المعهد نوفر الدبلوم في لغة الاشارة وهو أملنا وسوف يكون بالتنسيق مع وزارة القوى العاملة، واصدار تصريح خاص للمترجم ومنه يستطيع التعامل معه سواء في المحاكم او المراكز الصحية وفي مراكز الشرطة والمؤتمرات واي مكان يستطيع ان يشارك فيه الاصم داخل وخارج السلطنة، حيث ستسهل هذه البطاقة التعريفية على المترجم تقديم خدماته للاصم في مختلف المجالات.
تحديات الأصم والمترجم
في حين يؤكد سلطان العامري مدير المعهد: إنهم يعملون على تجاوز تحديات الاصم وتحديات المترجم، وهو جهد كبير واشار الى معاناة المترجمين من عدم الاعتراف والاحتراف وغياب قانون ينظم هذه العملية والسعي لاصدار تشريع لذلك.
ويقول: في عام 2008 كانت هناك اتفاقية الدولية لذوي الاعاقة موجود من ضمن الاتفاقية حق الاصم في التواصل بلغة الاشارة ولا يوجد قانون يحدد هذا الجانب في السلطنة و لكن الان في الجمعية العمانية لذوي الاعاقة السمعية والمعهد مساع على توفير القوانين الخاصة بالدول وايضا دراستها ووضعها بما يتوافق مع الحياة والمترجم العماني ويكون هناك نظام أو قانون يحدد عملية الترجمة والاجراءات التي تتم بالنسبة للاصم وبالنسبة للمترجم.