السندات تهيمن على السوق وتراجع إصدارات الصكوك

ـ ارتفاع إصدارات الصكوك العالمية هامشياً بنسبة 2.2% العام الماضي

الكويت ـ الوطن:
قال تقرير صادر عن وحدة بحوث كامكو إن تراجع أسعار النفط على مدى العامين الماضيين دفع بالدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استهداف سياسات كانت قد تعتبر في ظروف أخرى غير قابلة للتحقيق، هذا وتوجد حاجة ملحة في الوقت الحاضر لجمع رؤوس الأموال لتمويل عجز الموازنات المتوقع في المستقبل القريب وذلك لان الفائض المتراكم خلال العقد الماضي او نحو ذلك لن يكون كافياً إلا لمساندة العجز المستقبلي لفترة محدودة فقط، ولحسن الحظ فإن معظم الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها جودة ائتمانية جيدة بما يمكنها من إصدار سندات الدين في السوق العالمية بيسر، وهذا هو الوضع بالتحديد في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ان معظم الاقتصادات لا زالت تتفاخر بتصنيفها الائتماني على الرغم من قيام مؤسسات التصنيف الائتماني بالعديد من التخفيضات الائتمانية على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية.
ونتيجة لذلك من المتوقع ان يستمر نمو سوق الدخل الثابت خلال العام 2017، على الرغم من انه لا يتوقع أن تكون وتيرة النمو بقوة القفزة المفاجئة التي شهدناها خلال العام 2016. حيث كان الدافع الأساسي وراء ازدياد إصدارات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2016، والتي ازدادت إلى أكثر من الضعف وبلغت 66.5 مليار دولار أميركي، يتمثل في المقام الأول في إصدار الدين السيادي للمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وقطر. من جانب آخر، شهدت إصدارات العام 2015 تراجعاً هامشياً عن العام الأسبق نظراً لأن دورة الاستثمار كانت في وضع الانتظار والترقب فيما يتعلق بتعافي أسعار النفط.
أما فيما يتعلق بنوع الأداة الاستثمارية، فقد هيمنت السندات على السوق خلال العام 2016 في حين تراجعت إصدارات الصكوك وذلك على الرغم من ان إصدار الصكوك عالمياً كان اعلى قليلاً عن العام السابق، في حين تراجع إصدار الصكوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الثالث على التوالي بنسبة 25 في المائة في العام 2016، أي اقل قليلاً من التراجع الذي شهده العام 2015 بنسبة 27 في المائة. من جهة أخرى، ارتفعت إصدارات السندات من 42 مليار دولار أميركي في العام 2015 إلى 75.8 مليار دولار أميركي في العام 2016، فيما يعد قفزة تفوق نسبة 80 في المائة. هذا ويعزى تراجع اصدار الصكوك في العام 2016 في الأساس للضغوط التي تعرضت لها سيولة البنوك نتيجة لتراجع الايداعات النفطية، والذي ربما قد أدى إلى التأثير على الطلب على الأدوات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من البنوك والصناديق الإسلامية. وقد نتج عن ذلك اضطرار الإصدارات السيادية للتحول إلى المستثمرين العالميين لجمع الأموال. بالإضافة إلى ذلك جاء الطلب من جهة المستثمرين الدوليين وخاصة لسعيهم لتحقيق عوائد أفضل واستثمارات آمنة، كما هو متوقع من الإصدارات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي.
أما على الصعيد الدولي، فقد تراجعت إصدارات السندات ذات العائد المرتفع للعام الرابع على التوالي نتيجة لتراجع صفقات الدمج والاستحواذ والتي تعد أحد المحركات الأساسية لإصدار السندات. إلا انه على الرغم من ذلك نحن نرى أن آفاق سوق الدخل الثابت تبدو أكثر اشراقاً في العام 2017 بفضل توقعات تسارع وتيرة النمو الاقتصادي على مستوى كافة الأسواق في الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة إلى الانتعاش المتوقع أن يطرأ على الدورة الاستثمارية والتي أصابها العطب على مدى السنوات القليلة الماضية.
رفع أسعار الفائدة
قد يؤدي رفع أسعار الفائدة الذي أعلنت عنه دول مجلس التعاون الخليجي بواقع 25 نقطة أساس رداً على رفع الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة في ديسمبر 2016 إلى زيادة تكاليف الديون المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا ان ردة فعل البنوك المركزية الخليجية كانت تستهدف الحفاظ على ربط عملاتها بالدولار الأميركي، أما فيما يتعلق بقرار السعودية في الإبقاء على معدل اتفاقيات أعادة الشراء (الريبو) دون تغير فنرجح من وجهة نظرنا ان يكون لضمان توفر السيولة بمستويات مريحة في النظام المصرفي وللتدخل لمنع أسعار فائدة الاقتراض بين البنوك من الارتفاع بشدة، كما أوضح بنك الكويت المركزي أن خطوة رفع سعر الخصم رداً على رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة كان الهدف من ورائها المحافظة على استمرار تنافسية وجاذبية العملة الوطنية كوعاء للمدخرات المحلية. ووفقاً لحسابات كامكو يتوقع أن ترتفع تكاليف الاقتراض في الكويت بما يقرب من نسبة 11 في المائة. إلا انه حتى بعد ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك لأجل ليلة واحدة، فإن أسعار الفائدة بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر قد شهدت اتجاهات مختلطة، حيث ارتفعت في كل من السعودية والكويت وقطر، إلا انها تراجعت في الامارات من 1.4029 في المائة إلى 1.3336 في المائة، وذلك لأنه على الأرجح أن تقدم البنوك على الاقراض بشروط أبسط. وعلى الرغم من إبقاء بعض البنوك المركزية أسعار الفائدة بدون تغير في أعقاب رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بهدف الحفاظ على مستويات مريحة من السيولة في نظامها الاقتصادي، إلا انه يتوقع أن تنعكس أي زيادات مستقبلية في أسعار الفائدة على أسعار الاقتراض بين البنوك، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في المنطقة.
أداء أسواق الدخل الثابت
تشير اتجاهات مؤشر الصكوك العالمي ومؤشرات الدخل الثابت لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى تباين اتجاهات تلك الأسواق وتعكس بوضوح ضعف إصدارات الصكوك خلال العام 2016، حيث انه مع تفضيل الإصدارات السيادية للسندات على الصكوك خلال العام 2016، عكس نمو المؤشر بوضوح نمو الطلب على السندات التقليدية في كل من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكذلك على الصعيد الدولي.
تضاعفت إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في العام 2016 تقريبا مقارنة بالعام السابق بسبب الإصدارات السيادية الجديدة لدول مجلس التعاون الخليجي التي استهدفت سد عجز الموازنة. وقد كان إصدار السعودية لسندات عالمية بقيمة 17.5 مليار دولار أميركي في سبتمبر 2016 هو الإصدار الأكبر للسندات على مستوى الأسواق الناشئة، متخطياً بمراحل الإصدار القطري الذي سبقه خلال العام بقيمة 9 مليارات دولار أميركي. وعلى الرغم من إن إجمالي قيمة السندات التي أصدرتها السعودية خلال العام 2016 يساوي تقريبا السندات الإماراتية، إلا انه هناك فارق شاسع في تكوين تلك الأدوات. ففي حالة السعودية كانت الحكومة هي المقترض الوحيد، في حين انه في الامارات قامت المؤسسات بالاقتراض. كما دارت تكهنات حول قيام الكويت بجمع أموال من خلال إصدار سندات الدين بنهاية العام 2016. إلا ان الحجم الهائل للسندات السعودية جعل الكويت وغيرها من الاقتصادات الإقليمية تأخذ وقفة لترى كيفية استقبال السوق لهذا الطرح المهول.
وارتفعت إصدارات الصكوك العالمية هامشياً بنسبة 2.2 في المائة في العام 2016 حيث بلغت 77.1 مليار دولار أمريكي مقابل 75.4 مليار دولار أميركي خلال العام 2015. وكان هذا الارتفاع أقل بكثير من النمو الذي سجلته في العام 2015 بنسبة 5.5 في المائة. ويعزى هذا التراجع في الأساس إلى تراجع اصدار الصكوك في ماليزيا، بالإضافة إلى تراجع إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي بقيمة 2.2 مليار دولار أميركي في العام 2016. هذا وقد واصلت ماليزيا هيمنتها على عالم اصدار الصكوك تبعتها اندونيسيا وجزر الكايمان. كما سيطرت المؤسسات على سوق إصدار الصكوك في العام 2016 باستحواذها على حصة أكبر خلال العام. حيث ارتفع إجمالي الصكوك التي أصدرتها المؤسسات في العام 2016 بقيمة 7.4 مليار دولار أميركي خلال العام 2016 وبلغ 50.4 مليار دولار أميركي بما يمثل 65 في المائة من إجمالي الصكوك التي تم إصدارها في العام 2016، مقابل 57 في المائة في العام 2015. من جانب آخر، تراجعت إصدارات الصكوك السيادية بقيمة 5.8 مليار دولار أميركي أو 17.8 في المائة في العام 2016، حيث بلغت 26.6 مليار دولار أميركي.