[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. إذا كان النظام الأميركي الذي يتفاخر بأنه حصن منيع من حصون الديمقراطية يتخلخل بمجرد حملات دعائية مضادة في وسائل إعلام من دولة أخرى فإن هذا يعتبر إدانة لهذا النظام ودليلا على فشله في إقناع جماهيره وفشل وسائل إعلامه في نقل توجهاته.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتقرير الاستخبارات الأميركية حول مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية تكون هذه الاستخبارات ضيقت نتائج تحقيقاتها بين هشاشة وفشل أو تواطؤ فج مع الإدارة المستعدة للرحيل خاصة وأن إعداد هذا التقرير جاء بأوامر من الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما.
فالتقرير الذي نشر الجمعة بعد شطب فقرات منه تمحور حول أن وسائل الاعلام الروسية اتبعت خطا مؤيدا للرئيس المنتخب دونالد ترامب قبل انتخابه في 8 نوفمبر الماضي مع سعي لإضعاف المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون مكتفيا بإعلان أن الكرملين اتخذ موقفا منحازا.
وبعيدا على فقرات صيغت بعبارات لشد الانتباه واضفاء أهمية على التقرير من قبيل "نقيم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر بتنفيذ حملة نفوذ في عام 2016 تستهدف الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة."
أو الفقرة التي تقول إن "الجهود الروسية للتأثير على انتخابات الرئاسة الأميركية 2016 تمثل التعبير الأحدث عن رغبة موسكو منذ فترة طويلة لتقويض النظام الديمقراطي الليبرالي الذي تقوده أميركا، ولكن هذه الأنشطة أظهرت تصعيدًا ملحوظًا في صراحة ومستوى النشاط ونطاق الجهد مقارنة بعمليات سابقة."
فقد أورد التقرير المعد من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ووكالة الأمن القومي ان "بوتين والحكومة الروسية كانوا يفضلون بوضوح الرئيس المنتخب ترامب وسعوا إلى زيادة فرصه في الفوز عندما كان ذلك ممكنا عبر اضعاف مصداقية هيلاري كلينتون وتقديمها في صورة غير مؤاتية بالمقارنة مع المرشح الجمهوري". لكن رغم هذه الصياغات لم يحمل التقرير أي براهين عن كيف تدخل الروس في تغيير نتيجة الانتخابات.
فلم يقدم الجزء المعلن من التقرير أية معلومة حول إن كان التدخل الروسي المزعوم أضاف اصواتا لصالح ترامب واثر على نتيجة الانتخابات لكن التقرير يقول إن جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي دخل إلى حسابات البريد الإلكتروني الشخصية لمسؤولين في الحزب الديموقراطي" و"استخرج كميات كبيرة من المعطيات وقام بنشرها كما اخترقت روسيا أيضا ـ وفقا للتقرير ـ اجهزة الجمهوريين كذلك لكنها "لم تنظم حملة مماثلة للنشر.
كما ان التقرير لم يرصد أي استهداف روسي لأنظمة فرز الأصوات لكنه يركز على أن الآلة الإعلامية الروسية ومواقع التواصل الاجتماعي عمدت إلى تقديم تغطية ذات طابع سلبي لحملة كلينتون.
وإذا كان النظام الأميركي الذي يتفاخر بأنه حصن منيع من حصون الديمقراطية يتخلخل بمجرد حملات دعائية مضادة في وسائل إعلام من دولة أخرى فإن هذا يعتبر إدانة لهذا النظام ودليل على فشله في اقناع جماهيره وفشل وسائل إعلامه في نقل توجهاته.
واذا كان هذا التقرير يسعى لإدانة الحكومة الروسية لإظهارها الميل لأحد المرشحين في الانتخابات دون الآخر فإن في ذلك أيضا ادانة للإدارات الأميركية التي تدخلت بالقوة لتغيير رؤساء دول بل وصرحت بأن هذا الرئيس يجب أن يرحل أو أن أيام هذا معدودة أو أن ذلك لا مستقبل له.
أما الأرجح في هذا التقرير أنه جاء كمكايدة من إدارة راحلة لإدارة قادمة خاصة وأنه خلال إعلان هذا التقرير كان الكونجرس الأميركي يصادق على نتيجة الانتخابات.

كاتب صحفي مصري
[email protected]