[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
عاد الحديث عن احتمال انهيار سد الموصل، وانهياره يعني حسب الخبراء غرق مدن عراقية بالكامل بسبب كميات المياه المخزونة في السد، وتم تشييد سد الموصل مطلع ثمانينات القرن الماضي وكان من المشاريع العملاقة في العراق، ولأن البلد دخل في دوامة الحصار القاسي الذي قادته الولايات المتحدة والغرب بصورة عامة وبعض الدول العربية فإن صيانة هذا السد الدورية توقفت تقريبا طيلة أكثر من عقد، لكن بعد دخول القوات الأميركية في ربيع العام 2003 وتسلم الحكم من قبل "المعارضين السابقين" الذين طالما تباكوا على الشعب العراقي وثرواته ومشاريعه وطالما وعدوا العراقيين بمشاريع تنموية لها البداية ولن تتوقف عند محطة مكانية وزمانية، نقول، كان يفترض بالأميركيين ومعاونيهم من العراقيين أن يسارعوا لتوفير الصيانة لهذا السد الكبير، وذلك لسببين رئيسيين، أولهما: لاستثماره في مشاريع التنمية "الموعودة " وفي مقدمتها توفير التيار الكهربائي الذي حرم العراقيين من نعمته منذ القصف الأميركي الوحشي على المنشآت العراقية في حرب العام 1991، وبعد ذلك حرمان العراق من استيراد معدات اعمار الكثير من المصانع والمعامل والمنشات بذريعة التخوف من انتاج الأسلحة، وثانيهما، وهذا يفترض أن تضعه الولايات المتحدة ومن عمل وما زال يعمل معها ولصالحها في مقدمة اهتماماتها، إذ إن عدم توفير الصيانة لهذا السد فإن انهياره سيتسبب بهلاك مدن كاملة إضافة إلى قتل ما يقرب من مليوني عراقي وتدمير أكثر من نصف البساتين والمزارع في العراق، وهذا سلاح دمار شامل وهائل ، فكان الأجدر بالحكام ايلاء الأمر اهتماما استثنائيا.
لقد فرضت السلطة الأميركية ومن خلال تابعتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن مبالغ طائلة جدا وبالمليارات على الشعب العراق تم استقطاعها من صادرات النفط المحدودة التي تم السماح بتصديرها في العام 1996، لتوفير احتياجات فرق تدمير الأسلحة العراقية، ولم تلتفت الولايات المتحدة لمثل هذا الخطر، كما أن الإدارة الأميركية قد فتحت كل ابواب النهب والسرقة أمام المسؤولين العراقيين ابتداء من أولئك الذين عينهم بول بريمر في ما اسماه "مجلس الحكم الانتقالي" في شهر يوليو/ تموز من العام 2003 وحتى هذا اليوم وفي المستقبل ايضا، ولم تضع الإدارة الأميركية المحتلة والراعية للحكومات التي نصبتها أي اعتبار لواحد من الأخطار التي تهدد الحرث والنسل في بلاد الرافدين.
على الطرف الآخر تواصل الإدارة الأميركية تقديم الأسلحة بجميع اشكالها والوانها وأنواعها للحكومات في العراق، وتصل مبالغ الدعم إلى المليارات دون أن تخصص شيئا أو توجه أوامرها للحكام للاهتمام بمعالجة خطر حقيقي يهدد العراقيين بما في ذلك العاصمة بغداد. إذ إن انهيار سد الموصل يعني الفتك الحقيقي بسهل وادي الرافدين المحيط بنهر دجلة وتقع في داخله ومحيطه الكثير من المدن، كما أن نهر دجلة يقسم العاصمة العراقية إلى جانبين هما الكرخ والرصافة.
هل تدق التحذيرات ناقوس الخطر وتحفز القائمين على السلطة والقرار باتخاذ اجراءات تجنب الملايين الهلاك، أم أن ثمة من يخطط لقتل الزرع والنسل وكل شيء.