[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
أول احداث العام 2017 في الولايات المتحدة حصل في السابع من الشهر الاول ( يناير/ كانون ثاني من العام 2017) ويرتبط بتداعيات غزو العراق من قبل الولايات المتحدة في العام 2003، وبدون شك فإن ما شهده مطار فورت لودرديل ب‍ولاية فلوريدا في ذلك اليوم ليس الأول من نوعه ويتفق الكثيرون أنه لن يكون الأخير، وأن ستيبان سانتياغو الذي اطلق النار على المسافرين داخل المطار وقتل خمسة أشخاص وأصاب آخرين ليس الوحيد المصاب بلوثة في دماغه بل هو واحد من عدد هائل من المصابين، وهنا نتحدث تحديدا عن الجنود والضباط والمدنيين الأميركيين الذين خدموا في الجيش الأميركي خلال احتلال العراق من العام 2003 حتى انسحاب تلك القوات في الأيام الأخيرة من عام 2011، ويبدو أن قائمة هؤلاء لم تغلق نهائيا فطالما هناك من يتواجد على أرض العراق فستكون حصة البعض منهم القتل كما حصل في الأشهر الماضية، وقد يلتحق البعض بقائمة المجانين بسبب النيران التي تصطادهم في العراق بعد أن عاد عدة آلاف بمسمى "المستشارين"، وهي لعبة تسميات تم فضحها بقوة وعلى نطاق واسع منذ أواخر ستينات القرن الماضي في حرب فيتنام الشهيرة والتي انهزم فيها الأميركيون شر هزيمة أمام قائد المقاومة الفيتنامية "هوشي منه" ورجاله.
عندما يتم إسدال الستار على غزو فإن الكثير من تداعياته تبدأ بالظهور في داخل المجتمعات الغازية وتلك التي وقع عليها الغزو، وهذه لعنة الحروب وقذاراتها التي تستمر في استنزاف الطاقات والبشر وحتى القيم والتقاليد، لكن استطيع القول إن اكثر تلك التداعيات حصلت داخل المجتمع الأميركي بسبب غزو العراق، وهذه التداعيات السلبية الخطيرة اضطر الأميركيون أنفسهم للكشف عنها والحديث عن الكثير من تفاصيلها لقساوتها وضراوتها.
من الحقائق التي اقرها الأميركيون والتي تؤكد أن تداعيات غزو العراق لن تتوقف وأن ما يعلن عنه ليس إلا النزر اليسير من احداث ووقائع كبيرة وخطيرة، ما كشفه الرئيس الأميركي باراك اوباما في خطابه الذي القاه في اكتوبر/ تشرين الاول من العام 2011 وأعلن فيه قرار سحب القوات الأميركية من العراق، فقد قال ما نصه، إن مليوني أميركي قد خدموا في العراق منذ بداية الغزو عام 2003 حتى أواخر العام 2011 ، وأكد أن جيلا كاملا من الأميركيين سيعانون من غزو العراق، والمقصود بالجيل الكامل حقبة زمنية قد تصل إلى عشرين عاما، وبهذا الكلام اراد اوباما التأكيد على خطورة ما جرى في العراق للجيش الأميركي، هو طبعا لم يتحدث عن المعاناة الكبيرة التي تعبث بالعراقيين من جراء غزو جيوشه لهذا البلد، لكنه تحدث عن الوحشية التي نمت وكبرت في دواخل الأميركيين الذين تعرضوا لهجمات يومية من قبل الرجال المقاومين في العراق الذين تصدوا لقواتهم، وكان القتل اليومي وتدمير العربات المدرعة وتناثر اجساد الأميركيين قد حصل على نطاق واسع.
مضى على انسحاب الأميركيين خمس سنوات بالضبط وما زالت التداعيات، كما أن هذا الجندي الأميركي الذي ارتكب مجزرة المطار في فلوريدا قد بقي في العراق عشرة اشهر فقط ، وبالمناسبة منذ منتصف العام 2009 انسحبت القوات الأميركية إلى قواعد منزوية، أي أن هذا الجندي قد خدم في فترة ذهبية بالنسبة لمن سبقوه، رغم ذلك فقد اصابه ما اصاب الكثيرين من لوثة وهلع داخلي.