” وقع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في زيارته إلى بغداد مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بيانا ختاميا (7/1/2017) أعلنا فيه اتفاقا مشتركا وتفاهما معلنا. وقال العبادي في المؤتمر الصحافي المشترك مع يلدريم بحسب وكالات الأنباء "تم الاتفاق على طلب العراق بسحب القوات التركية من بعشيقة"، مشيرا الى أن "أنقرة تعهدت بحسم موضوع وجود قواتها بالمدينة، كما تعهدت باحترام سيادة العراق".”

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]

بالرغم من كل الكلام المعسول، لم يحصل تحسن في العلاقات السياسية بين تركيا والعراق خلال الأشهر الأخيرة أو ما يعززها، بل العكس هو القائم والمعبر عن استمرار التناقضات وازدواجية المعايير والقيم، التي تدعي ادارة الحكم في تركيا خصوصا التزامها بها أو التحلي بها في أغلب الأقوال والأحوال. إلا أن الواقع أو الوقائع تفضح صورة الحال على الأرض وتضع نقاطا سوداء في صفحة الحكومة التركية خصوصا. وقد حصلت متغيرات كبيرة داخل تركيا، انقلاب عسكري فاشل وتصفيات انتقامية داخل الجيش والقضاء والتعليم والإعلام. حكومة جديدة بعد فشل سابقتها في تنفيذ برنامجها الذي عنوانه:" تصفير مشاكل"، إلى استغلالها في اعادة النظر في السياسات السابقة ونتائجها أو تداعياتها. او بالأحرى ابتلاع مصائبها والعمل على تدبير لها، مثل اعادة العلاقات كاملة مع الكيان الصهيوني متنكرة لكل التصريحات السابقة والتملص من الاشتراطات التي كررها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في اغلب خطبه ولقاءاته الاعلامية، المحلية والدولية. ومثلها الانتقالة العريضة في الاعتذار من موسكو والزيارات واللقاءات على مختلف المستويات، والتلميح بالتلاقي مع خطط موسكو والابتعاد عن التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
أما ما حصل مع العراق خلال هذه الفترة فلا يفهم منه إلا أن السياسة التركية سادرة في انتهاكها للقانون الدولي ولعلاقات الجوار، والتدخل في الشؤون الداخلية للعراق، وارسالها قوات عسكرية مؤللة داخل الأراضي العراقية والدفاع عن هذا الانتهاك الصارخ. ومن جهة اخرى تعلن انقرة انها تريد العودة إلى فتح صفحات جديدة والاقتناع بالحوار واحترام استقلال وسيادة الجيران، والاعلان عن زيارات مكوكية لموسكو وطهران واخيرا بغداد وقد تلحقها مفاجآت. ولكن رغم ذلك فان النتائج لم تأخذ مصداقيتها والسجالات والتواقيع على البيانات المشتركة لم تفعل كما يجب، كاشفة عن استمرار الازدواجية وتبادل أدوار لا يشي بتبدل فعلي وسياسات مخلصة.
وقع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في زيارته إلى بغداد مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بيانا ختاميا (7/1/2017) اعلنا فيه اتفاقا مشتركا وتفاهما معلنا. وقال العبادي في المؤتمر الصحافي المشترك مع يلدريم بحسب وكالات الأنباء "تم الاتفاق على طلب العراق بسحب القوات التركية من بعشيقة"، مشيرا إلى أن "أنقرة تعهدت بحسم موضوع وجود قواتها بالمدينة كما تعهدت باحترام سيادة العراق". وأضاف العبادي، "اتفقنا مع تركيا على احترام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين".
من جانبه أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن بلاده "لا تسمح" بأي عمل يهدد سيادة العراق ووحدة اراضيه، فيما أشار الى أن تركيا ستستمر بالعمل مع العراق والتعاون معه في جميع المجالات. وأضاف يلدريم، إن "الحكومة التركية ستستمر بالعمل مع العراق والتعاون معه في جميع المجالات"، مشيراً الى أن "تركيا تبذل جهداً لمحاربة الجماعات الإرهابية ونسعى لفرض الأمن في عموم المنطقة".
حسب البيان الختامي بحث الجانبان الموضوعات الحيوية التي تهم البلدين وآفاق التعاون في المجالات كافة وإمكانية بناء وتطوير العلاقات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية التي تحقق مصالح البلدين، وفق البيان، الذي جاء في نصه:
1. أكد الطرفان تبنيهما تحقيق الأمن والاستقرار المتبادل ومكافحة الإرهاب سوية في إطار احترام سيادة ووحدة الأراضي الذي يمثل أساس العلاقات بين البلدين.
2. أكد الطرفان على أن معسكر بعشيقة هو معسكر عراقي.
3. أكد الجانب العراقي على موقفه الثابت تجاه معسكر بعشيقة وأن يبدأ الجانب التركي بخطوات سحب قواته وأن ينهي هذا الملف، وأكد الجانب التركي التزامه بوحدة العراق واحترام سيادته .
4. أكد الطرفان على أهمية رفع مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين وفي مجال إعمار المناطق المتضررة من الإرهاب، وتفعيل الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الطرفين.
5. اتفق الطرفان على زيادة التعاون في إدارة مياه نهري دجلة والفرات والمشاريع المائية المشتركة.
6. تشيد الحكومة التركية بالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والأمنية العراقية ضمن عمليات تحرير نينوى والقضاء على عصابات "داعش" الإرهابية.
7. أكد الطرفان على عدم السماح بتواجد أي منظمات إرهابية على أراضيهما وعدم القيام بأي نشاط يهدد الأمن القومي لكلا البلدين. واتفق الطرفان أن يعملا سوية في مجال مكافحة الإرهاب و "داعش" مع التحالف الدولي.
8. أكد الطرفان على ضرورة عمل قفزة شاملة في مجال الثقافة والسياحة لغرض تقوية الأواصر الثقافية والاجتماعية بين شعبي البلدين وإتاحة الفرصة لتلاحم مواطني البلد.
9. اتفق الطرفان على إيجاد التفاهم في تحديد المصالح والتحديات المشتركة برؤية استراتيجية والعمل سوية من أجل أمن واستقرار المنطقة بالإضافة إلى القضاء على جميع العوامل التي من شأنها أن تهدد أمن واستقرار المنطقة ومن ضمنها الاستقطاب الطائفي والإثني.
لم يجف حبر البيان بعد، يومان فقط مرا على توقيعه، حتى كشفت وسائل اعلام تركية، الاحد 9/1/2017 عن اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع الجنود الأتراك المحتلين لمعسكر بعشيقة، شمال العراق، والذي من المقرر سحبهم منه بناء على الاتفاق الموقع بين الطرفين. ووفق ما نقلت وكالة انباء "الاناضول" التركية، عن اردوغان، في محادثته، التي أجراها لدى زيارة وزير الحرب التركي، فكري أشيق، والصحة رجب أقداغ، للمعسكر،(؟!) قوله: "تواجهون الظلم بشموخ وشجاعة". وهنأ الرئيس التركي، الجنود لـ"أدائهم مهمتهم بنجاح وعلى أكمل وجه"، قائلا: "أتمنى لكم دوام نجاحكم في المعسكر، حيث أنزلتم ضربة موجعة بتنظيم داعش الإرهابي، وأسال ألله أن يكون بعونكم" بحسب الوكالة.
كما أشاد أردوغان بالمهمة التي يقومون بها، قائلاً إن "التدريب الذي تقدمونه سواء لقوات البيشمركة، أو لأشقائنا الموصليين، سيكون له فائدة كبيرة، من أجل السلام في المنطقة، ويعد من الإسهامات الإيجابية لسير التطورات التي تشهدها المنطقة. كما نقل عن وزير الحرب تصريحه ببقاء القوات في العراق حتى تحرير الموصل، ومثلها من مسؤولين اخرين.
ما هذا؟ وماذا ذاك؟!، ما هذا التلاعب في التصريحات والمواقف والالتزامات؟!. اية ازدواجية ابلغ من هذا المشهد؟!. اين هي الرؤية الاستراتيجية للاستقرار في المنطقة؟!، من هو الذي يدير السياسات ويقررها في تركيا؟!. اسئلة عديدة وكثيرة والاجوبة عنها ليست مخفية او بعيدة عما تفصح عنه النصوص التي اطلقها كل من الرئيس التركي ورئيس وزرائه وبعض مسؤوليه في هذه القضية وفي تلك الصورة.