بداية يجدر بنا- لكي يتبين للقارئ - أهمية الشرط الأفضل للعامل" أن نقف على تعريف عقد العمل, فوفقا لنص المادة (651) من قانون المعاملات المدنية العماني هو" عقد يلزم أحد طرفيه بأن يقوم بعمل لمصلحة الآخر تحت اشرافه أو ادارته لقاء أجر" والأصل هو حرية المتعاقدين في تحديد حقوقهم وواجباتهم أي تحديد الآثار التي سوف تترتب نتيجة تعاقدهم وفقا لما يعرف بسلطان الارادة".
وخروجا عن المبادئ العامة التي تقضي على أن العقد شريعة المتعاقدين, جاءت مواد قانون العمل العماني من منطلق كونها قواعد آمرة لتقرر حماية العامل وبصور متعددة, لعل أبرزها وأهمها عنوان مقالتنا هذه" الشرط الأفضل للعامل" ومعناه الشرط الذي يحسم تنازع القواعد عند تعددها ومدى قابليتها للانطباق لصالح القاعدة الأصل والأكثر ميزة وسخاء للعامل, فهو ببساطة يحدد معيار ترتيب القواعد بحسب أفضليتها للعامل. والقارئ لقانون العمل العماني يجد - في أكثر من موضع - تجسيدا لهذا الشرط منها ما نصت عليه المادة (3) منه بقولها" يقع باطلا كل شرط يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقا على العمل به الا اذا كان أكثر فائدة للعامل. كما يقع باطلا كل ابراء أو مصالحة أو تنازل عن الحقوق الناشئة عن هذا القانون اذا كان مخالفا لأحكامه. ويستمر العمل بأية شروط أفضل تكون مقررة للعامل بموجب القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في تاريخ العمل بهذا القانون". والشرط الأفضل قد يأخذ صورة ايجابية كما لو كانت القاعدة تقرر حقا أكثر رغدا من الحقوق الأخرى كما لو كان الشرط المدون في العقد يقضي بأن تكون ساعات العمل في اليوم سبع ساعات يكون هذا الشرط صحيحا رغم أن المادة (68) من قانون العمل أجازت تشغيل العامل تسع ساعات على أن تتخلل تلك الساعات نصف ساعة - على الأقل - لتناول الطعام والراحة. وتتسع معاني ودلالات الشرط الأفضل لتشمل ليس فقط ما أكدته أحكام قانون العمل وانما أي ميزة تكون أكثر فائدة للعامل حتى ولو كان قانون العمل لم ينص عليها طالما تقررت هذه الميزة بموجب العقد أو نظام العمل أو جرى العرف على منحها. فلا يجوز حرمان العامل منها ولو كان القانون لم ينص عليها. وهذا ما أكدته الفقرة الأخيرة من المادة (6) من ذات القانون حيث جرى نصها" ... فاذا تعارض شرط في هذا القانون مع أحد الشروط الواردة في تلك المشاريع أو الاتفاقيات طبق الشرط الأكثر سخاء بالنسبة الى العامل". وفي أحيان أخرى قد يأخذ هذا الشرط صورة سلبية ولكنها أكثر فائدة للعامل كما لو كان هذا الشرط يقرر التزاما على العامل أقل ارهاقا من الالتزامات الأخرى المقررة بموجب قانون العمل.
ولكن ما يجب ملاحظته أنه على الرغم من أن قانون العمل قانون حمائي يهدف حماية العامل وتتعلق قواعده بالنظام العام الحمائي الا انه في المقابل هناك طائفة من القواعد التي يحويها هذا القانون تتعلق بالنظام العام المطلق التي شرعت لمصلحة المجتمع وبالتالي لا يجوز مخالفتها حتى ولو كانت مقررة لمصلحة العامل.
هذه قراءة سريعة لمفهوم الشرط الأفضل للعامل الذي يعد أحد أهم صور حمايته في قانون العمل العماني, مقالتنا القادمة- ان شاء الله- بعنوان" دلالة العربون في قانون المعاملات المدنية العماني".

سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
[email protected]