”في أغسطس 1999 أصدرت لجنة من الخبراء المستقلين شكلها رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي مشروع مذهب نووي يحتوي على الالتزام بمبدأ عدم الاستخدام الأول والذي هدف فيما يبدو لتهدئة المجتمع الدولي، الذي انزعج في السنة السابقة لقيام الهند بإجراء التجارب النووية.”

عندما أعلن حزب بهاراتيا جاناتا أنه سيقوم بتنقيح وتحديث عقيدة الهند النووية إذا انتخب هذا الشهر، تم تفسير هذا الاقتراح على نطاق واسع بأن الحزب سيتراجع عن تعهد الهند عام 1998 بعدم استخدام الأسلحة النووية في الضربة الأولى.
وقد تراجع الحزب منذ ذلك الحين، ظاهريًّا بسبب رد فعل وسائل الإعلام. وهذا مؤسف. على الرغم من أن عقيدة "عدم الاستخدام الأول" قد تبدو حكيمة من الناحية النظرية، إلا أن الهند أضعفت المفهوم إلى حد العبث، مع ما لذلك من عواقب وخيمة: تراكم قواتها التقليدية، مما تسبب في أن تتصلب باكستان في موقفها النووي.
في أغسطس 1999 أصدرت لجنة من الخبراء المستقلين شكلها رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي مشروع مذهب نووي يحتوي على الالتزام بمبدأ عدم الاستخدام الأول والذي هدف فيما يبدو لتهدئة المجتمع الدولي، الذي انزعج في السنة السابقة لقيام الهند بإجراء التجارب النووية. إلا أن الحكومة بدأت النكوص على الفور تقريبا، على افتراض انها أدركت أن التعهد بهذا المبدأ يقوض الأساس المنطقي لإجراء الاختبارات في المقام الأول: وهو ردع أي هجوم من الصين التي خاضت الهند حربا ساحقة معها في عام 1962.
في 29 نوفمبر 1999، رفض جاسوانت سينج، وهو عضو في البرلمان، مشروع هذه العقيدة، قائلا انه: '' لا يمثل وثيقة السياسة العامة للحكومة الهندية ''لأن الفريق الذي وضعها كانت سلطته غامضة من الناحية القانونية. (في غضون أسبوع، تم تعيين سينج وزيرا للخارجية). بحلول عام 2003، عندما أصدرت الهند عقيدة نووية رسمية، تم تلطيف تعهدها بعدم الاستخدام الأول بتفويض للانتقام النووي بعد التعرض لضربة كيماوية أو بيولوجية. ثم، في 21 أكتوبر 2010، ذكر شيفشانكار مينون، مستشار الأمن القومي، أن الهند سوف تطبق مبدأ عدم الاستخدام الأول فقط مع الدول غير الحائزة للأسلحة النووية.
ولكن حتى مع تخويل السلطات المدنية في الهند، في الواقع، بشن الضربة الأولى النووية ضد دول نووية مثل الصين وباكستان، إلا أنها لم تعط الجيش السيطرة على الأسلحة النووية العملياتية. (في الدول النووية العريقة تقع الأسلحة تحت سيطرة الجيش، وتخضع لإشراف مدني، وتبقى شيفرات الإطلاق مع الحكومة). ولا يبدو أن الجيش الهندي أجرى مناورات لمحاكاة أول استخدام للأسلحة النووية.
بدلا من ذلك، أذنت الحكومة بزيادة كبيرة في قواتها التقليدية بهدف ردع الصين. ولكن الصين تبدو رابطة الجأش في الأساس، واستجابت ببساطة من خلال توسيع الطرق والسكك الحديدية والمطارات في التبت. من ناحية أخرى، تعمل باكستان، التي لا تملك الموارد اللازمة لمطابقة تراكم القوات التقليدية الهندية، للتعويض وبإفراط في الساحة النووية.
قصارى القول إن النسخة الهندية المخففة من مبدأ الاستخدام الأول يجعل الوضع الأمني الخطير أصلا في جنوب آسيا أكثر خطورة. وسيكون الجميع أفضل حالا إذا تخلت الحكومة عن هذا الأمر .
المشكلة هي أنه لا يوجد جماعة سياسية لديها حاليا المال الكافي لمحاولة إصلاح هذه الالتباسات، ولا حتى حزب بهاراتيا جاناتا، على الرغم من مؤهلاته المركزة على الأمن. فالعقبات هيكلية وثقافية. كانت حكومة ما بعد الاستقلال لجواهر لال نهرو حذرة من الانقلابات العسكرية التي كانت كالوباء المتوطن في جميع أنحاء العالم النامي في ذلك الوقت. وبالتالي، تم هيكلة الأجهزة الأمنية في الهند بهدف الحفاظ على الجيش على هامش القرارات الأمنية الرئيسية. فالاتصالات بين رؤساء الأركان ووزير الدفاع لا تزال متفرقة ومعظمها احتفالية؛ وبينما السلطات المدنية ليست معتادة على الحقائق العملياتية، فإنها نادرا ما تأخذ المشورة من الجنرالات. وبفضل نظام إبلاغ ملتو، ينظر أصحاب الرتب العليا للسلطة التنفيذية في التقارير العسكرية فقط بعد أن يتم تنقيحها من قبل المستوى الأدنى، والبيروقراطيين المدنيين عديمي الخبرة، ونادرا ما يسمعون مباشرة من القادة إما الأرض أو رؤسائهم.
لقد وضعت السلطات المدنية مبدأ عدم الاستخدام الأول بدون استشارة المؤسسة العسكرية، وعندما أدركت أنه كان خطأ، قامت بتخفيفه، ومرة أخرى من دون استشارة الجيش. لماذا؟ لأنهم لا يثقون بالجيش. السبيل الوحيد لترشيد تفسير الهند المتعذر الدفاع عنه لمبدأ عدم الاستخدام الأول الآن يكون بإعطاء الجيش المزيد من السيطرة على الأسلحة النووية - ولكن الحكومة لا تستطيع أن تفعل ذلك لانها لا تزال لا تثق بالجيش. وهكذا مهما كان الوضع النووي الحالي انهزاميا في الهند، من المرجح أن يدوم.

أبهيجيت ميترا آير
منسق البرامج في مؤسسة أوبزرفر ريسيرش فاونديشن في نيودلهي وباحث زائر في مختبرات سانديا الوطنية ـ خدمة نيويورك تايمز سينديكيت ـ خاص بالـ (وطن)