[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
”.. عندما أقرأ في ركن القراء بصحيفة ها أرتس الأحد الماضي دعوة أحد الكتاب الإسرائيليين دولته وشعبه بأن تستعد إسرائيل للاحتفال بمائوية وعد بلفور سنة 2017 فإني أتذكر يوم حاضرت في سيمنار بجامعة السربون عام 1988 دعاني اليه معهد شيلر للعلاقات الدولية وأثرت ما سميته استراتيجية الرقم سبعة في سياسةإسرائيل وهي مخططات تكاد تستعصي على المراقب...”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2017 سنة مفصلية خطيرة في التاريخ الإسرائيلي ولم تكذبني بوادرها الأولى حيث وصل الى البيت الأبيض الرئيس ترامب الذي أعلن عزمه نقل السفارة الأميركية للقدس وهو نهاية مسار جائر يحاول تصفية القضية الفلسطينية نهائيا. وعندما أقرأ في ركن القراء بصحيفة ها أرتس الأحد الماضي دعوة أحد الكتاب الإسرائيليين دولته وشعبه بأن تستعد إسرائيل للاحتفال بمائوية وعد بلفور سنة 2017 فإني أتذكر يوم حاضرت في سيمنار بجامعة السربون عام 1988 دعاني اليه معهد شيلر للعلاقات الدولية وأثرت ما سميته استراتيجية الرقم سبعة في سياسة إسرائيل وهي مخططات تكاد تستعصي على المراقب لولا أن المتابع للأحداث يتمتع بالحس الحضاري وبميزة المؤرخ ليكتشف بأن الرقم سبعة الذي هو الرقم المقدس في الأساطير العبرية يشكل محطات مصيرية بالنسبة للحركة الصهيونية كأنها نوع من الشيفرة.
فلنبدأ بأول سبعة اكتشفتها حين طالعت كتاب المؤرخ اليهودي البريطاني ألبرت هياوسون الصادر بلندن عام 1916 بعنوان: الميلاد الجديد للشعب القديم، والذي نقل فيه رسالة بعثت بها جمعية صهيونية فرنسية ليهود العالم عام 1787 تقول فيها الجمعية:نحن نطالب الدولة الفرنسية باتاحة الأرض الموعودة لنا أي الممتدة من صعيد مصر إلى عكا ومن البحر الميت الى البحر الأحمر، وبذلك نكون مسيطرين على التجارة مع الهند والجزيرة العربية وافريقيا الجنوبية وأثيوبيا والشام وبلاد فارس ومن خلال البحر الأبيض المتوسط مع أوروبا، أي في أرض فلسطين. وهذه الرسالة ذكرها المؤرخ حسين التريكي في كتابه (هذه فلسطين الصفحة 44) .
لاحظوا أن هذا المخطط تقرر عام 1787 قبل قرن من تاريخ 1897 الذي شهد انعقاد مؤتمر بازل بسويسرا تحت رئاسة مؤسس الفكر السياسي الصهيوني وصاحب كتاب الدولة اليهودية تيودور هرتزل. و في هذا المؤتمر تقرر مخطط انشاء الدولة اليهودية بالفعل. ولاحظوا الرقم 7 لأن تيودور هرتزل قال في كتابه( الذي لم يترجم للعربية سوى بعد قرن من قبل زميلي الفاضل الدكتورعادل غنيم): بعد خمسين عاما سنؤسس دولتنا، وكذلك كان وبالتحديد عام 1947 وبالقرار الأممي الصادر في 29 نوفمبر 1947( لا حظوا دائما الالتزام بالرقم 7) كما قال هرتزل: ولعلنا بعد قرن نسيطر فعليا على الشرق الأوسط! وهكذا كان باعتراف العرب باسرائيل عام 1997...!
ونواصل متابعة الشيفرة 7 لنجد بأن 1907 شهد انشاء أول لجنة ملكية في لندن مكلفة بمنع العالم العربي من التشكل والتوسع من خلال السلطان العثماني وهذه اللجنة طالب بها رئيس الحكومة البريطانية بدعوة من يهود المملكة وذكرها ادمون راباث حيث قال إن اللجنة توصلت الى نتيجة غريبة وهي التصريح بأن أفضل عمل لمنع العرب من القوة هو تمكين الهجرة اليهوية من الاستقرار في فلسطين.
و نواصل رحلتنا مع الرقم 7 لنجد من الطبيعي اصدار بلفور لوعده الشهير عام 1917 وهو القرار الذي أسس بالفعل دولة اسرائيل قبل الأمم المتحدة، ثم نصل الى عام 1927 لنشهد أول مؤتمر يهودي جمع بنيويورك بين زعماء الحركة من أميركا وأوروبا وفيه رسمت الخطوط الأولى لجمع الأموال والتغلغل في مجال البنوك ومجال الاعلام. وبعد عشر سنوات بالضبط بدأ القضاء على حركة المقاومة التي تزعمها الشهيد الشيخ عز الدين القسام أي في غضون 1937، و كما يعلم القراء الأفاضل تأسست دولة اسرائيل عام 1947 وانطلقت الى تاريخ 1957 موعد انشاء السلاح النووي الاسرائيلي باعانة باريس و بناء مفاعل ديمونة.
و بعد هذا يأتي الموعد الاسرائيلي الحاسم و الذي غير الجغرافيا وانعرج بدفة التاريخ وهو موعد الخامس من يونيه يونيو/حزيران 1967 حين استدرجت القوى الدولية المناصرة لاسرائيل الزعيم المرحوم جمال عبد الناصر الى اغلاق مضيق العقبة وجاءت الهزيمة.
عام 1977 شهد أكبر مفاجأة دفعت بالصراع العربي الاسرائيلي الى متاهات التنازلات حين زار الرئيس الراحل محمد أنور السادات القدس وخطب في الكنيست وأحدث الزلزال المتوقع. وبعد ذلك بعشرة أعوام في 1987 أعلنت منظمة التحرير بأنها لا تمانع في الاعتراف بدولة اسرائيل وغيرت من ميثاقها.