”.. حددت وثيقة الجنرال (غادي آيزنكوت) أربعة عناصر أو إخطارات يُمكن لها تهديد أمن "إسرائيل"، في ظلّ التغييرات، والمُتغيرات الاستراتيجية والإقليمية الجارية في محيط "إسرائيل"، وهي: التهديد العسكري الإيراني على مختلف مركباته، الحروب النووية والصاروخية وحروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) ومجالها المُتوقع، فضلًا عن الأخطار في الساحة الفلسطينية عمومًا وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة خصوصًا،...”

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alibadwan.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]علي بدوان[/author]

في مواجه تحديات حرب إلكترونية قادمة آتية، لا بد منها وفق المنظور "الإسرائيلي"، وتحديات الفضاء الإلكتروني (السايبر) بشكل عام، دَعَت دراسة "إسرائيلية" حديثة، إلى إقامة شبكة من التعاون والتنسيق بين عموم المستويات الأمنية، والعسكرية، والمدنية، في "إسرائيل"، لإيجاد الردود اللازمة على ما تُشكّله حروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) من تحد كبير، عقب مباشرة "الهيئة القومية الإسرائيلية" للدفاع عن الفضاء الإلكتروني "الإسرائيلي" أعمالها في أبريل/نيسان من العام 2017 الجاري.
وأوضحت الدراسة ــ التي نَشَرَها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب ــ ولثلاثة من كبار باحثيه "أن مواجهة المخاطر الأمنية المُتعلقة بالتهديدات القادمة من حروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) تَطَلَّبت من الهيئة القومية المُناط بها القيام بهذه المهمة التنسيق الكثيف مع جهاز الأمن "الإسرائيلي العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، لإمكانية الاستعانة بهما في تنفيذ هجمات إسرائيلية مضادة".
إن كل ذلك، كان قد دَفَعَ مُسبقًا، برئيس هيئة الأركان الجنرال في جيش الاحتلال "الإسرائيلي" (غادي آيزنكوت) في يونيو/حزيران الماضي 2016، لإقامة ذراع عسكرية جديدة خاصة بحروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) في إطار الجيش "الإسرائيلي"، للقيام بمهمات دفاعية وهجومية في آن واحد معًا.
وفي الدراسة المُشار إليها أعلاه، دعا الباحث (شموئيل إيفن) إلى عدم تحويل الهيئة "الإسرائيلية" لمواجهة حروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) إلى جهة أمنية مُهمتها تتركّز فقط في جمع المعلومات الأمنية، لأن هناك جهات أمنية واستخبارية في "إسرائيل" تقوم بهذه المهمة على أكمل وجه.
فيما طالب المشارك الثاني بالدراسة (ديفيد سيمان) بضرورة سن قانون خاص وتشريع خاص بحروب (السايبر)، على أن تشارك في صياغته جميع الجهات "الإسرائيلية" ذات العلاقة، سواء في المجال الأمني والعسكري، أو المدني. وأكد (ديفيد سيمان) وهو الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية (جهاز آمان) لمدة 25 عامًا، وجود نفوذ واضح لجهاز الشاباك (الأمن الداخلي) في عمل (السايبر)، لكن هناك ضعفا ملموسًا ــ من وجهة نظره ــ يلازم عمل الشرطة "الإسرائيلية" في هذا المجال، سواء بسبب الأوضاع القانونية أو قلة الإمكانيات التقنية لديها. أما المشارك الثالث (غابي سيبوني)، فقد أوضح: "أنه في أوقات الحرب يجب أن تتم إحالة المسؤولية من جبهة الفضاء الإلكتروني (السايبر) إلى الجهات المُنخرطة فعليًّا في يوميات القتال، وهما بصورة خاصة الجيش والشاباك الإسرائيليين". ولكن الدراسة إياها، تخلص إلى أن السنوات الخمس القادمة قد لا تحمل مخاطر جمة على نحو كبير، من ناحية حروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) على "إسرائيل"، وهو ما يمنحها فرصة الاستعداد الجيد لها، والوقت المتاح، وصياغة وسائل مناسبة لمواجهتها.
في هذا السياق، ونتيجة التداخل والتداخلات والتقديرات، بشأن الفضاء الإلكتروني عند المستويات العليا في "إسرائيل"، ومنذ نشر رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي"، الجنرال (غادي أيزنكوت)، في أغسطس/آب من العام 2016 الماضي، علنًا وللمرة الأولى في تاريخ الجيش "الإسرائيلي"، وثيقته المعروفة باسم "استراتيجية الجيش الإسرائيلي"، لم يتوقف الجدل في الأوساط الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية"، إلى جانب المستوى السياسي، حول طبيعة العلاقة بين قيادة الجيش والقيادة السياسية. وقد ركّز الجنرال (غادي آيزنكوت) في وثيقته، في حينه، بشكل خاص على وجوب ترشيد الحوار بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، لجهة توضيح المهام المطلوبة من الجيش في حال اندلاع حرب، وفي الفضاء الإلكتروني، وماهية الإنجازات التي يريد المستوى السياسي تحقيقها من الحرب، فضلًا عن توضيح الجيش وقيادته للمستوى السياسي ماهية طبيعة الأمور، أو الإنجازات التي يمكن للجيش تحقيقها، مع التأكيد على ضرورة توضيح مصطلحات ومفاهيم مثل الردع والحسم العسكري، حيث باتت الحرب الإلكترونية ميدانًا من الميادين المفتوحة في الحرب القادمة، وأن الفلسطينيين لديهم كفاءات مُتطورة في هذا المجال، ولديهم أيضًا عمقهم العربي والإسلامي، وجمهور أممي من المُتضامنين الذين سيشاركونهم تلك الحرب، التي في جوهرها حرب العقول في مواجهة العقول.
ومع أن الجنرال (غادي آيزنكوت) قد حدّد في وثيقته المذكورة، أن الكلمة الأخيرة في نهاية المطاف هي للمستوى السياسي في "إسرائيل" بشأن الحرب بشكلٍ عام، بما في ذلك ما يتعلق بالحرب الإلكترونية (حرب السايبر)، إلا أنه أصرّ على جعل صلاحية إدارة العمليات القتالية، وتحديد مجريات المعركة ومنها معارك الفضاء الإلكتروني (حروب السايبر)، من اختصاص رئيس أركان الجيش، من دون أن يكون مُعرّضًا لضغوط من القيادة السياسية في كيفية إدارة الحرب والعمليات القتالية.
وكان الجنرال (غادي آيزنكوت) قد حدّد في وثيقته أن الامتحان الأكبر للجيش "الإسرائيلي" هو في قدرته على ضمان فترات طويلة من الهدوء قدر الإمكان، لإتاحة المجال أمام التطورات الاقتصادية والاجتماعية المُختلفة، ومراكمة القوة العسكرية لتكون قاعدة أكثر متانة تضمن جهوزيته للمواجهة العتيدة، بما في ذلك ضمان التفوق في مجال الفضاء الإلكتروني وحروب (السايبر) المُتوقعة. وعنى هذا القول تم بناء تقدير الجنرال (غادي آيزنكوت) على مبدأ "غياب نمط الحرب الخاطفة"، أو "الحسم العسكري بالشكل التقليدي" السابق الذي ساد قبل الحرب الثانية على لبنان صيف العام 2006، وحروب "الرصاص المصبوب"، ومن ثم "عمود السحاب" و"الجرف الصامد" على قطاع غزة.
وحددت وثيقة الجنرال (غادي آيزنكوت) أربعة عناصر أو إخطارات يُمكن لها تهديد أمن "إسرائيل"، في ظلّ التغييرات، والمُتغيرات، الاستراتيجية والإقليمية الجارية في محيط "إسرائيل"، وهي: التهديد العسكري الإيراني على مختلف مركباته، الحروب النووية والصاروخية وحروب الفضاء الإلكتروني (السايبر) ومجالها المُتوقع، فضلًا عن الأخطار في الساحة الفلسطينية عمومًا وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة خصوصًا، والأزمات السائدة في الدول المحيطة بفلسطين المحتلة (في إشارة واضحة لسوريا والعراق)، الذي "وفّر للجيش الإسرائيلي واقعًا جديدًا ينطوي جزئيًّا على فُرص يجب استغلالها"، والكلام للجنرال غادي آيزنكوت. أما العنصر الأخير فيتعلق بتغيير نمط تحرك وأداء الدول العظمى في المنطقة.