[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لسوريا أصدقاء مختلفون عن أولئك الذين اجتمعوا في لندن على قاعدة عداوتها فيما سموا أنفسهم بالأصدقاء .. سوريا ليس لها أعداء، فهي لم تعتدِ على أحد، ولم تتدخل في شؤون أحد، ولم تختلف مع أحد، عاشت وسط العالم محكومة برغبة السلام للجميع مستسلمة للقيم الكبرى التي تجمع الإنسانية وتصغي لثقافة الآخر بل تتفاعل معها، أليست هي مهد العلم والثقافة والحضارة والولع الموسيقي.
ما سمي باجتماع "أصدقاء سوريا" في لندن مشبوه وخارج أي إطار قانوني أو صداقي وجداني .. إنه تجمع تآمر على مصالح الشعب السوري الذي نذر نفسه لأن يكون المدافع الأول عن الحرية فكان تعلقه بدولته التي منحته إياها، ومن ثم الديمقراطية وقد ارتأى أن خير دليل للدفاع عنها ما ينتظره في صندوق الاقتراع يوم الثالث من يونيو ليعيد انتخاب رئيسه المفدى الدكتور بشار الأسد.
وفي اجتماع لندن أيضا صورة عن تدخل في شؤون دولة ذات سيادة .. تلك الدول التي شكلت مظلة لهذا التدخل، لم تستطع حتى الآن تقديم الحلول المنطقية للحل السوري، أو ما يتناسب مع أي حل لتلك الدولة غير التابعة. إن مجرد اعتبار انتخابات الرئاسة "مهزلة" حسبما جاء في نص اجتماعهم، إنما يؤشر على روح النفاق التي يتمتع بها هؤلاء "الأصدقاء" الذين قال إيضا باسمهم رئيس وزراء بريطانيا أن لا حل في سوريا إلا الحل السياسي، فلماذا التكاذب بموقفين في قراءة حالة واحدة، وهل يمكن فصل انتخابات الرئاسة السورية عن الحل في سوريا، كونها هي أبرز الحلول وليس من غيرها من يحل، وخير إشارة إلى هذا الأمر ما قاله المسؤول الروسي من أن الانتخابات الرئاسية حفاظ على المؤسسات.
الكلام الأسود والرمادي في مؤتمر لندن صار وراء السوريين الذين يمضون أوقاتهم بالتأهب لليوم الموعود حيث ينتظر أن تكون كثافة التصويت أعلى منها من أي مرحلة عادية .. الشعب السوري هو المحك النهائي للخيار الذي التزمه، وأعتقد أنه سيوجه صفعة لمنتحلي صفة صداقة سوريا وهم ألد أعداء هذا الشعب وأكثر تجنيا عليه.
أصدقاء سوريا الحقيقيون ظهروا منذ ما بدأت الأزمة، وهم معروفون أيضا منذ ما قبلها .. أما أولئك منتحلو الصفة فلن يعترف بهم الشعب السوري، سيظلون خارج اهتماماته وبعيدا عن أسماعه .. أما أولئك الحقيقيون فلهم مكانتهم لدى السوريين، وقد صاروا معروفين بالأسماء وحتى بالأشخاص، الشعوب صادقة في عواطفها، وليس صعبا عليها التفريق بين العدو والصديق، بين المحب والمبغض، بين الكاذب والصادق، بين منتحل الصفة وبين الحقيقي.
وبالاعتقاد فإن اجتماع لندن يظل مرحلة تآمرية مضافة لن يكون لها عامل تأثير على التحولات السورية الداخلية وعلى ما ينتظرها من استحقاقات. فما هو موضوع الميدان سيظل الجيش العربي السوري على حسمه، وما هو مسجل فوق دفاتر الصبر فإن السوري وقع عليها منذ الأيام الأولى للأزمة ولديه ما يكفي من صبر تخر به الجبال ولا يخر .. إنه قرار كبير اتخذه من أجل الحفاظ على وطنه، ومن أجل أن يتحمل مشقات مرحلة يؤمن من خلالها دهرا سعيدا للأجيال القادمة.
أعتقد أن أحدا لم ينتبه إلى اجتماع لندن، فهو مثلما بدأ، انتهى إلى لا شيء، بل إلى نتيجة أثبت من خلالها المزيد من عداوته للشعب السوري الذي سيظل يرى فيه أبرز أعدائه أيضا.