هذه تذكرة نتوجه بها لكل من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نحتفل بذكراه صلى الله عليه وسلم. فمن أعظم حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم أن نتبعه, ونتمسك بسنته الشريفة.
وحقوق النبي صلى الله عليه وسلم علي أمته كثيرة جدا ومن أهمها وأعظمها وأجلها:هو إتباع سنته الشريفة والعمل بها ونصرتها والدفاع عنها وإحياؤها إن كانت قد أميتت, وكم من سنة نبوية نسيها الناس أو جهلوها. ولعظم أهمية هذا المقام نُذكّر بقول الله تبارك وتعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا(الأحزاب:21).والأسوة معناها الاقتداء به صلى الله عليه وسلم, واتباع سنته وترك مخالفته في قول أو فعل. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمن رغب عن سنتي فليس مني). نعم أخي المسلم إن إتباع السنة من أعظم حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم ولذلك قال الله تعالى في كتابه العظيم مخاطبا نبيه الكريم ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله (آل عمران:31). لم يقل فأحبوني مع أن الاتباع يتضمن المحبة إذ لا فائدة من اتباع بلا محبة كما أنه لا تقبل المحبة دون اتباع. ولكن السر في هذا التعبير القرآني البديع هو تنبيه المؤمنين إلي قوة التلازم بين الاثنين, بين محبة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وبين اتباع سنته صلى الله عليه وسلم فتفقّد نفسك يا أخي المسلم.على كل مسلم مُحب للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتفقد نفسه وأن يعرف موقفه من منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته الشريفة, فإن كان على منهج المصطفى متمسكا بسنته وهديه فليحمد الله عز وجل وليثبت فإنه على سبيل النجاة التي لا سبيل غيرها يوصل إلى الله تعالى والتي يسلم سالكوها من النار, وهي الطريق الوحيدة الموصلة إلى الجنة, إنها طريق الفرقة الناجية التي على رأسها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هاديا وقائدا ورائدا لم يكذب أهله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه الكرام, الأئمة الأعلام الذين جاهدوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الجهاد, وأبلوا أحسن البلاء ونصر الله بهم الدين وأعز بهم الملة ثم من بعده صلى الله عليه وسلم نقلوا للأمة سنته وهديه وشريعته فجزاهم الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء.
قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت بنو إسرائيل على اثنين وسبعين فرقة وتفترق أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) قالوا: ومن هي يا رسول الله.؟ قال: (الذي أنا عليه الآن وأصحابي). تفقّد نفسك يا مسلم هل أنت من هذه الفرقة الواحدة الناجية,؟ التي لا ينجو غيرها أبدا, وانتبه لنفسك يامن تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, اسأل نفسك هل أنت على سنته؟ هل أنت متمسك بهديه؟ هل سنته وهديه مقدمان عندك على هواك؟ فإن دعوى المحبة وحدها لن تنفعك إذا لم تقرنها بالاتباع, أعظم الناس محبة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أصحابه الكرام ولذلك فهم أشد الناس اتباعا له, أشد الناس تمسكا بهديه وبسنته صلى الله عليه وسلم لا يقدّمون على ذلك أي شيء, يمتثلون أمره صلى الله عليه وسلم لا يردهم ولا يمنعهم من ذلك أي شيء, يمتثلون أمره بكل حب ورضا وتسليم. قال تعالى ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب (الحشر:7). إن من أفضل ما تفعله يا من تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحيي سنته وتطبقها علي نفسك وعلى أهل بيتك وتذكّر بها الناس إن كانوا قد هجروها أو جهلوها, تنشرها بينهم بكل ما تستطيع من وسائل, قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئا) ومعنى من سن في الإسلام سنة حسنة أي من أحيى سنته صلى الله عليه وسلم بين الناس فاقتدى الناس به في ذلك فله إلى جوار أجره مثل أجور العاملين بتلك السنة اقتداء به لما ذكرهم بها ونشرها فيما بينهم, أما من ابتدع بدعة في الدين وهي التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سيئة أي بدعة في الدين فإن عليه إلى جانب وزره وإثمه إثم كل من عمل بتلك البدعة إلى يوم القيامة . فيا محب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحوجك إلى ذلك الأجر العظيم وما أغناك عن هذا الوزر الثقيل أولى لك ذلك الأجر العظيم , فانتبه لنفسك يا محب رسول الله صلى الله عليه وسلم واعلم أن عملا ولو كان قليلا توافق به سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم خير لك وأفضل لك عند الله وأعظم بركة عليك. قال الحسن البصري رحمه الله: عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة.ثم يا محب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتبه لهذه الأصول واحفظها فانك إن حفظتها ونفذتها وعملت بها فأنت على المنهج, أنت على سبيل النجاة.ونسأل الله تعالى في هذه الذكرى الطيبة أن يوفقنا إلى التمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اللهم آمين ... والحمد لله رب العالمين..

إبراهيم السيد العربي